تحليل إسرائيلي: الحرب القادمة التي ستخوضها “إسرائيل “ستضعها في مواجهة مع القوات الإيرانية والسورية وحزب الله على امتداد حدودها الشمالية مع سوريا ولبنان ومواجهة مع المقاومة في غزة.

0

تحليل إسرائيلي: الحرب القادمة التي ستخوضها “إسرائيل “ستضعها في مواجهة مع القوات الإيرانية والسورية وحزب الله على امتداد حدودها الشمالية مع سوريا ولبنان ومواجهة مع المقاومة في غزة.
وكالة القدس للأنباء – ترجمة – مقال بقلم يوسي ألفر*، مجلة FORWARD، الخميس 16 آذار 2017
الحرب الكبرى القادمة التي ستخوضها إسرائيل ستضعها في مواجهة مع خليط من القوات الإيرانية والسورية وحزب الله على امتداد حدودها الشمالية مع سوريا ولبنان. ومن المؤكد اندلاع مواجهة إضافية مع حماس في غزة (خصم إسرائيل في حرب غزة 2014 المكلفة، والتي أدت إلى وفاة ما يقرب من 2100 فلسطيني و73 إسرائيلياً) تلوح في الأفق. لكن الحرب القادمة في شمال إسرائيل – موطن ما يقدر بنحو 1.2 مليون شخص – يمكن أن تكون بعيدة كل البعد عن نوعية الحروب التي خاضتها الدولة اليهودية منذ عام 1973.
أسباب الحرب القادمة ترتبط بالصراع العربي الإسرائيلي أقل بكثير من ارتباطها بالحرب الأهلية الدائرة في سوريا، وباستمرار المواجهة بين إيران وإسرائيل. قد تكون النتيجة تدميراً كبيراً داخل إسرائيل، ولكنها ستؤدي أيضاً إلى تعزيز العلاقات الاستراتيجية القوية بين اسرائيل والدول السنية المجاورة لها – مصر، الأردن، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – التي بالرغم من تحفظاتها إزاء القضية الفلسطينية، يتشاركون مع إسرائيل المخاوف بشأن طموحات إيران الإقليمية العدوانية. وبهذا المعنى، فإن المواجهة في شمال إسرائيل ستعكس بشكل حاسم تغييرات بعيدة المدى في توازن القوة الاستراتيجي الحالي في الشرق الأوسط.
توشك الحرب الأهلية في سوريا على الانتهاء، على الأقل في الجزء الغربي أو في الجزء غير الصحرواي من سوريا، ذلك الجزء المطل على منطقة البحر الأبيض المتوسط – والذي يوصف بـ”سوريا المفيدة” – وفي الجنوب، على طول الحدود السورية مع مرتفعات الجولان الإسرائيلية والأردن. حوّل التدخل الإيراني والروسي المدّ لصالح نظام الأسد في دمشق. بمساعدة بشار الأسد على الفوز على الأرض، حشدت طهران ائتلاف حرب موسع من المرتزقة الشيعة من المناطق القريبة مثل حزب الله في جنوب لبنان ومن المناطق البعيدة مثل أفغانستان والعراق. نهاية القتال في سوريا المفيدة ستترك كل هذه القوات المجربة في المعارك قرب الجولان. وسيكون إلى جانبهم حزب الله، حليف الأسد، بترسانة مقدرة بما يقرب من 100،000 الصواريخ وبصواريخ قادرة على استهداف الجزء الأكبر من إسرائيل، بما في ذلك أقصى الجنوب، وصولاً إلى مفاعل ديمونة النووي.
من الصحيح، أن وكيل الجيش الإيراني، وكذلك حزب الله، عانيا من الخسائر في سوريا ومن الإنهاك في المعركة. لكنّ إيران باتت تمتلك الآن الموارد المالية لتسريع جهوزيتها للعودة إلى المعركة. وتدرك المخابرات العسكرية الإسرائيلية أن هذه القوة تمثل تهديداً عسكرياً أساسياً لهذا البلد لعدة أسباب. أولاً، لا تزال كل من إيران وحزب الله يطلقان وابلاً من التهديدات ضد إسرائيل – لا تكاد تجد شخصاً يحيد عن القتال. في شباط / فبراير الفائت، أشار المرشد الأعلى الإيراني السيد علي حسيني خامنئي، إلى إسرائيل بأنها “ورم سرطاني يجب أن يقطع وسيتم قطعه”.
ثانياً، سوف يمثل النصر في سوريا نجاحاً استراتيجياً إيرانياً كبيراً لإبراز قوتها في المنطقة. ايران، التي تشتري بحماسة أسلحة جوية ممتازة من روسيا، تحاول أيضاً تطوير تواجدها البحري في البحر الأبيض المتوسط وميناء على الساحل السوري.
ثالثا، أدى مزيج من الضغط السوري والإيراني ومن حزب الله إلى تحوّل سياسي في لبنان. صرح الرئيس ميشال عون، وهو مسيحي يدين بانتخابه مؤخراً لدعم حزب الله، في 12 شباط أن سلاح حزب الله يكمّل سلاح الجيش اللبناني: “أذرعة المقاومة [يعني بذلك حزب الله] .. هي جزء أساسي من الدفاع اللبناني”.
هذا الأساس الجديد، التصريح المثير للجدل داخل لبنان، يخرق السياسة اللبنانية التي أعلنت ذات مرة أن الجيش اللبناني وحده يدافع عن البلاد. كان لبنان، على الأقل، يبقي على مسافة معينة بين أهداف حزب الله وأنشطته الاستراتيجية وتلك المتعلقة بسيادته. هناك دلائل ملموسة على أن الجيش اللبناني في جنوب لبنان يذعن لقوات حزب الله على طول الحدود الإسرائيلية. وبالنظر إلى ما بين الجيش اللبناني وقوات حزب الله، فإن لإسرائيل المبرر لاعتبار أي هجوم من قبل حزب الله عملاً من أعمال الحرب من جانب لبنان نفسه، والرد عسكرياً ضد الجيش اللبناني والبنية التحتية للبلاد. غير أن هذا يمكن أن يكون له تأثير مدمر على التوازن الداخلي الإثني الحساس في لبنان، ما لم تحسن إسرائيل علاقاتها مع العالم العربي.
في 9 آذار / مارس الفائت، سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو لعقد قمة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للمرة الرابعة خلال الـ 18 شهراً الماضية. منذ دخول القوات الروسية إلى سوريا في أيلول / سبتمبر من عام 2015 لإنقاذ نظام الأسد، كان بين القدس وموسكو الكثير مما يتوجب الحديث عنه، بما في ذلك سبل ضمان عدم اشتباك الطائرات المقاتلة الإسرائيلية والروسية في سماء دمشق. قد تملي الظروف الاستراتيجية العالمية المتغيرة أيضاً على نتنياهو استغلال صلاته الوثيقة مع كل من بوتين والرئيس ترامب لتمرير رسائل بين الاثنين. لكن نتنياهو قال بوضوح تام بعد لقائه [ترامب] إن البند الرئيسي على جدول الأعمال: هو إيران. ليس الاتفاق النووي الإيراني، فهو بات أمراً واقعاً، بل تنامي التهديد العسكري الإيراني لإسرائيل عبر سوريا ولبنان.
هذه التطورات تثير تساؤلات من العيار الثقيل. هل يمكن لبوتين أن يقتنع بمرافقة القوات الإيرانية ووكلائها أثناء انسحابهم من سوريا كجزء من نهاية اللعبة الروسية هناك؟ هل يمكن للتهديد الإسرائيلي، باستهداف كل لبنان في المرة القادمة، أن ينجح في ردع حرب أخرى مع حزب الله، أو سيكون لها تأثير مؤسف وتؤدي إلى اتساع تلك الحرب؟ وإذا ما اندلعت الحرب وأمطر حزب الله عشرات الآلاف من الصواريخ على القسم الأكبر من إسرائيل، وإذا ما ردت اسرائيل بحرب شاملة لاستهدف أجزاء كبيرة من كل من سوريا ولبنان، فهل تنجح في إنهاء الحرب القادمة بسرعة؟ وهل ستتكبد القوات الإيرانية ما يكفي من الضرر أثناء القتال بما يردع طهران مستقبلاً؟ وهل ستعاني إسرائيل، بدورها، من أضرار جسيمة بين المدنيين وفي البنى التحتية؟
وأخيراً وليس آخراً، أين تقف إدارة ترامب بخصوص التهديد الإيراني المتزايد لإسرائيل من الأراضي السورية واللبنانية؟ المرجح الولايات المتحدة وروسيا هما الطرفان الوحيدان القادران على تغيير الواقع على الأرض في سوريا. فالعالم العربي لن يفعل ذلك بالتأكيد.
* يوسي الفر عضو سابق في الموساد، ومدير مركز جافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب. صدر له مؤخراً عدة كتب، هي “المحيط: بحث اسرائيل عن حلفاء شرق أوسطيين”، و”لا نهاية للصراع: إعادة النظر في اسرائيل وفلسطين”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار