*كيف اختفى نصف مليون فلسطيني في لبنان!*

0

كان في فلسطين إبّان النكبة نحو مليونَيْ نسمة، ثلثاهم من العرب الفلسطينيين، والثلث الباقي من اليهود، وعاش منهم نحو (940) ألفاً في المناطق التي أقيمت عليها دولة الاحتلال عام 1948. وحين جرى التطهير العرقي والطرد الجماعي لم يبقَ منهم سوى (160) ألف فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية الآن.
وكان عدد الذين وصلوا إلى لبنان من الفلسطينيين يناهز (115) ألف لاجئ، منهم نحو 10-15 ألف لبناني استعادوا الجنسية مباشرة.. هذا يعني أن عدد اللاجئين تضاعف أكثر من أربع مرّات حتى وصل إلى الرقم الحالي (455) ألفاً. وبالمقابل، فإن (160) ألفاً بقوا في فلسطين، أصبح عددهم (1.3) مليون نسمة، أي أنهم تضاعفوا أكثر من ثماني مرات، وهو رقم يتناسب مع الزيادة القائمة حالياً في مجمل أعداد اللاجئين الفلسطينيين في العالم، حيث ارتفع عدد الفلسطينيين في العالم خلال 63 عاماً من حوالى (1.33) مليون إلى (11) مليون نسمة في عام 2011، أي أكثر من ثماني مرات.13232960_1723750864531128_6637015981479426487_n

لا يمكن إغفال «العـقم النسبي» لأسباب اقتصادية واجتماعية وأمنية. ويتجلى هذا «العـقم» بالآتي:

· متوسط عدد أفراد الأسرة الفلسطينية في لبنان هو الأقل بين مثيلاتها لدى اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمل الأونروا الخمس (لبنان وسورية والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة). إذ يبلغ المتوسط في لبنان (3.7) أفراد، وفي سورية (4.9) أفراد، ويزيد في بقية المناطق الخمس عن (5) أفراد في الأسرة الواحدة.

· نسبة الذكور إلى كل مئة أنثى في لبنان، هي الوحيدة التي تقلّ عن المئة وتبلغ (98.4%)، وفي سورية (100.4%). وتزيد في بقية المناطق عن (103%)، ويردّ الدارسون هذا الاختلاف إلى هجرة الشباب باكراً، ومن ثمّ الزواج في الخارج. ولا يخفى على أحد أن للهجرة أسباباً اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية..

· معدّل الخصوبة الكلّي لدى النساء الفلسطينيات في لبنان هو الأدنى بين مثيلاتها من ساحات الشتات، حيث تبلغ ثلاثة مواليد فقط. في حين تبلغ في الأردن (3.3) مواليد في الأردن، وفي سورية وأراضي 1948 تبلغ (3.6) مواليد، والضفة الغربية وقطاع غزة تبلغ (4.6) مواليد.

· نسبة اللاجئين في المخيمات الفلسطينية تبلغ 50% (نحو 56 ألف عائلة)، وهو الأكثر نسبة بين كل المناطق التي تزدحم فيها المخيمات. وتبلغ في غزة 44%، ثم في سورية 30%، فالضفة الغربية 24%، وأخيراً الأردن 17.5%. ومردّ ذلك إلى أمرين: منع الفلسطيني من التملك في لبنان، وضيق ذات اليد وعدم القدرة على الشراء خارج المخيمات. مما يعزز ثقافة «الغيتو» لدى اللاجئين.

* * *

هذا الانخفاض في الأرقام، لا تبرّره موجات التجنيس التي تمت في عهد الرئيس كميل شمعون في الخمسينيات لطائفة واحدة من الفلسطينيين، وموجة التجنيس اللاحقة في التسعينيات، حيث إن كل موجات التجنيس لم تتجاوز (20%) من اللاجئين.

لعل في هذه المؤشرات مظاهرَ اجتماعيةً وقرائن واضحة على تردّي أوضاع اللاجئين، وتأثر كثافة وجودهم بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية و.. العنصرية. إذ إن هذه الأرقام يجري التلاعب فيها، وفقاً للهوى «الوطني أو العنصري» عند بعض الجهات بحسب مصلحتها السياسية. وليجرّب من يهتمّ بهذا الأمر أن يتصل بعدد من النواب اللبنانيين ليسألهم عن عدد الفلسطينيين في لبنان، وسيجد إجابات متفاوتة جداً!

باختصار، كان يُفترض أن يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حدود المليون لاجئ، وفقاً لمنطق التطور السكاني، ولكنه لا يتجاوز نصف هذا العدد في السجلات، فأين اختفى نصف مليون فلسطيني في لبنان؟!
بقلم الكاتب والشاعر الفلسطيني: ياسـر علي

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار