مشاركة روسية امريكية بمشاهدة دولية لـ”صفقة الشرق الأوسط”!

0

مشاركة روسية امريكية بمشاهدة دولية لـ”صفقة الشرق الأوسط”!

كتب حسن عصفور/ بعيدا عن صراخ “محمود عباس” عن إنتهاء الإحتكار الأمريكي لـ”عملية السلام” والتسوية السياسية، فما يتم رسمه ومنذ زمن بعيد، أن التطورات في الشرق الأوسط، لم تعد مرتبطة فقط بالقضية الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي، نتيجة المخطط الإرهابي الأمريكي وأدواته “الإسلاموية”، الذي شكل خدمة كبرى استراتيجية للحركة الصهيونية ومشروعها العدواني التوسعي..

محاولة عباس، ان يبدو رافضا للهيمنة الأمريكية، ليس سوى “مزحة سياسية سخيفة”، كونه تحديدا أحد أهم منتجات المخطط الأمريكي الجديد، بل كان “رصاصة الانطلاق” لتنفيذه، عندما كان محمود رضا عباس “الخيار الأمريكي”، بعد خطاب جورج بوش الإبن في يوم 24 يونيو 2002، والذي طالب فيه بقيادة فلسطنية جديدة غير ياسر عرفات، لذا فما يقوم به عباس الآن ليس سوى حركات بهلوانية لها حسابات أخرى، من أجل “زيادة سعره التسويقي” بعد أن أدرك يقينا أنه وصل الى حد النهاية وقدم ما قدم من “خدمات” لم يعد بقدرته تقديم أكثر، رغم محاولات دولة الكيان الحثيثية للحفاظ عليه بكل السبل، كعنصر مركزي لإستمرار الإنقسام، الهدية الأكبر للكيان التي حصل عليها في السنوات الأخيرة بفضله ودوره..

المشهد السياسي الإقليمي شهد ما يمكن اعتباره “إنقلابا جذريا”، بعد دخول روسيا بالقوة العسكرية الى المنطقة عبر البواية السورية، وما نتج عن ذلك الحضور من تغيير استراتيجي للوضع القائم، وصد مركزي لقوة الاندفاعية التآمرية لتنفيذ المخطط الأمريكي التقسيمي، ترافق ذلك مع انتصار ثورة 30 يونيو 2013 في مصر وإسقاط “حكم المرشد” أحد العوامل المساعدة التي راهنت عليها أمريكا لتنفيذ مخططها..

وبدأت روسيا تعود لتمسك ببعض مفاتيح الحركة العامة، وفرضت ذاتها كلاعب مركزي، الى أن باتت لاعبا مشاركا مركزيا، لا يمكن لأمريكا أو تحالفها أن يفرض أي صفقة أو مشروع لحل أي قضية دون رضا روسيا أو بالأدق دون موافقتها، وهذا لم يبدأ من اعلان ترامب حول القدس، حيث “غضب عباس” بل سبقه بفترة طويلة، عندما كان عباس وفريقه يضع كل مصيره الشخصي والسياسي باليد الأمريكية، عبر أداته الأمنية ماجد فرج، الذي منحته المخابرات المركزية الأمريكية “وساما خاصا” لما قدمه من “خدمات للأمن القومي الأمريكي”..لم يعلن عهنا في وسائل إعلام عباس “خوفا وحرجا” من حجم الإرتباط!

الولايات المتحدة، وبعد الهزيمة السياسية لمشروعها العام في المنطقة، وإنتصار ثورة يونيو في مصر، وإندحار قواها وتحالفها الإرهابي الرجعي العثماني في سوريا، بدأت برسم معادلة جديدة، تحسب حسابا للتغيير الجوهري في عناصر القوة بكل أشكالها، وباتت روسيا أبرز لاعب، بل أكثر أثرا من الدور الأمريكي في ملفات متعددة، وإن كان الملف السوري أبرزها..

الحديث عن فرض “صفقة ترامب الإقليمية”يبدو مبالغة سياسية، ودون موافقة روسية، إذ أن عناصر إبطال مفعول هذه “الصفقة” ليس عنصرا عربيا وبالتأكيد ليس فلسطينيا، بل يبدأ من العاصمة الروسية موسكو، وتحديدا من قصر الكرملين، حيث “القيصر السياسي العالمي” بوتين يدير دفة الأحداث بشكل مثير للدهشة..

روسيا، لن تسمح لأمريكا الإنفراد بفرض تسوية إقليمية، ما لم تكن طرفا حاسما في صياغتها وتنفيذها، خاصة وأن أي صفقة إقليمية دون المرور بالملف السوري لن يكتب لها النجاح، مهما حاولت أطراف التحالف التخريبي في المنطقة، رغم بعض المخاطر التي قد تحدث في مناطق ضعيفة الخاصرة السياسية، وتحديدا فلسطين، لنظرا لتآكل “الشرعية الوطنية” و”عزلة عباس الوطنية”، في ظل الإنقسام وحربه العدائية ضد قطاع غزة، وكل معارضيه واللجوء لفرض “مؤسسة ارهابية أمنية” بدعم من سلطة الاحتلال في الضفة الغربية..

الصفقة الإقليمية، لا مكان لها دون أن تكون المسألة السورية جزءا منها، وهذا يفرض بالضرورة الوجود الروسي وتحالفه الذي بدأ يتسع بشكل أو بآخر، عدا عن الحضور الفاعل والنشط مع غالبية الدول العربية، دون التوقف عن طبيعة هذا النظام أو ذاك، بعد أن سقطت “الأيديلوجيا” كعنصر من عناصر العلاقات والتحالفات وأصبحت “المصالح” هي البديل العملي لها..

منذ زمن بعيد، لم تشهد موسكو حضورا سياسيا متعلقا بالشرق الأوسط، وتحديدا منذ انهيار المنظومة الإشتراكية بقيادة الإتحاد السوفيتي، كما هو اليوم، اتصالات مباشرة للرئيس بوتين وهاتف روسي لم يعد يهدأ كثيرا..

الهاتف الأبرز، كان بين ترامب وبوتين ساعات قبل لقاء الرئيس الروسي بعباس، هاتف ربما يمثل “مفتاحا” لما سيكون، فلا مجال للمصادفات عند هذه الدول وكهذا رئيس انتظرته روسيا عشرات السنين..

أمريكا، لم تعد منذ زمن راع لأي قضية مركزية في الشرق الأوسط، بل لم تعد قادرة أن تفرض أي حل سياسي إقليمي منفردة، ولا حل أو “تسوية إقليمية” لقضايا المنطقة دون حل المسألة السورية، ولذا مفتاح الحل عمليا للتسوية الإقليمية يبدأ من سوريا، ومنها الانطلاقة لحل وتسوية القضايا الأخرى..وليس العكس كما تعتقد بعض الأطراف أو ترغب..

أمريكا بما أعلنته عن صفقة ترامب كانت محاولة استباقية لفرض “قواعد التسوية السياسية”، بالتوافق مع أطراف في المنطقة، لكنها لم تتعامل بالجدية الكافية مع بعض العناصر المركزية التي سيكون لها أثرا جوهريا في مسار الصفقة الكبرى، الموقف الروسي بكل ثقله مع الحضور الإيراني المتنامي في المنطقة، الى جانب الدور المصري الذي بدأ يخرج من “حصار” فرضته قوى الرد بمساعدة ودعم أمريكي لعزل مصر عن دورها التاريخي ومنحه لدول لا يمكنها أن تكون، موقف سمح لتركيا وإيران أن تبدو أكثر أثرا في الإقليم من أي دولة عربية، لأن العنصر المواجه المركزي كان في حالة “تيه سياسي مخطط له”..

روسيا، مصر والوجود الإيراني، والقوة العسكرية لحزب الله وتنامي قوة حماس وتحالفها العسكري في قطاع غزة، عناصر لن تسمح بتمرير صفقة وفق الهوى الأمريكي، فأي محاولة لفرض “تسوية بالإكراه” سيكون الرد ايضا بالإكراه..إكراه يقابله إكراه ثمنه المباشر دولة الكيان، وهذا السبب الحقيقي لـ”عقلانية” الطغمة الفاشية الفاسدة الحاكمة في تل أبيب..حسابات القوة والفعل وحجم الخسارة المتوقعة هي العامل الحاسم، وليس صراخا في واد مهجور..

هناك صفقة قادمة نعم، لكنها بالقطع لن تكون أمريكية مطلقة، ولن تكون فلسطينية إسرائيلية بل هي “صفقة إقليمية كبرى”، عناصرها هم اللاعبون الفاعلون، والأضعف هو الفلسطيني، الذي سيرسم له حدودا ما في ظل “الثنائية الحاكمة العباسية – الحمساوية”، سيفرض الجانب الخاص بفلسطين دون أثر حقيقي لمن يمثله..ما لم يحدث “شكلا انقلابيا” في الواقع القائم يعيد الإعتبار للفلسطيني كي لا يصبح “شاهد زور سياسي” ليس أكثر!

ملاحظة: رسالة الوزير السابق فريح أبو مدين التي عممها إعلاميا تفضح موقف الرئيس عباس مما يحدث، وانه هو المتآمر المركزي لضرب جوهر القضية الوطنية..فريح ليس خصما سياسيا لعباس ولا “متجنحا” ..ننتظر ما سيقول العباسيون ردا على عار رئيسهم!

تنويه خاص: حماس أكثر قيمة سياسية لمصر من فتح عباس بحكم دورها الممكن في مواجهة الارهاب الخطر المباشر على المحروسة..حماس أمام مرفق طرق قد يكون تاريخي!

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار