لقضية الفلسطينية ستكون الخاسر الأكبر في الأزمة السعودية – القطرية، وتداعيات الأزمة الانخراط الكلي في محاولات التصفية النهائية للقضية الفلسطينية.

0

لقضية الفلسطينية ستكون الخاسر الأكبر في الأزمة السعودية – القطرية، وتداعيات الأزمة الانخراط الكلي في محاولات التصفية النهائية للقضية الفلسطينية.
القراءة السريعة في المشهد القطري – السعودي تظهر أن ملف حركات المقاومة الفلسطينية كان أول الملفات سقوطاً من بين يدي قطر التي أبلغت 19399073_1905904209649125_8996672800611620084_n 19225209_1905904269649119_5408634257741254479_n 19225589_1905904246315788_4098868370113124326_nحركة «حماس» بمغادرة أراضيها منذ اليوم الثاني للأزمة انسجاماً مع رغبة دونالد ترامب، وأن الوضع مهما تأزّم فإنه لن يفضي إلى تدخل عسكري، حفاظاً على أمن القاعدة العسكرية الأميركية. وما زال الغاز يتدفق إلى الصهاينة، وتشير الأنباء 19225702_1905904216315791_1882426984396586527_nإلى قرب توقيع صفقة الأسلحة بـ 22 مليار دولار بين قطر والولايات المتحدة الأميركية، وإذا أضفنا إلى هذا كله طبيعة العلاقات السياسية بين عمان وإيران، والعلاقات الطيبة بين الكويت وإيران، والعلاقات الاقتصادية المتينة بين الإمارات وإيران، نجد أن مسالة العلاقة مع إيران لا تقلق السعودية إلا لأنها تأتي من طرف يرفض الانضواء تحت عباءتها، بالإضافة إلى الصراع الدموي الذي شهدته التيارات المسلحة الممولة من قطر والسعودية في إدلب والريف السوري أخيراً، الأمر الذي يؤكد أن حقيقة الأزمة صراع نفوذ في المنطقة، وهو صراع يتجنب المساس بمصالح أميركا أو الكيان الصهيوني، وهذا يشير إلى أن القضية الفلسطينية ستكون الخاسر الأكبر في هذه الأزمة. فما تداعيات هذه الأزمة على تلك القضية؟
برغم أن من الصعب تبرئة قطر من دورها في غسل أدمغة الإسلاميين، ومن بينهم حركة «حماس» في غزة، إلا أن المقال سيركز على القضايا الأكثر وضوحاً، كإغراء قطر لحركة «حماس» بمغادرة سوريا مع بداية الأزمة السورية، وفتح أبوابها لها، مانحة إياها الأمان الوهميّ المطلوب، لتمارس من خلاله ضغوطها الناعمة عليها، وعزف قطر من خلال المال السياسي الذي منحته لحركة «حماس» المرة تلو المرة على وتر السيادة والزعامة، ولعبها دور طوق النجاة الذي مكّن غزة من البقاء خارج الكل الفلسطيني طوال سنوات الانقسام العشر. وفي كل مرة، كانت قطر تنقذ إدارة «حماس» كانت تجعل المصالحة الفلسطينية أبعد، والشرخ بين غزة والضفة أكبر، وبعدما تمكنت «حماس» حقيقة من أن تكون (دولة) مستقلة في غزة، فهي تسيطر على الداخلية والقضاء والحكم، وشكّلت اللجنة الإدارية أخيراً لتسيير أمور الناس خارج إطار الحكومة الفلسطينية، فإنها دخلت فعلياً مرحلة اللاعودة إلى الحضن الفلسطيني، وهذا هو المطلوب لتنفيذ التصفية النهائية للقضية الفلسطينية كما يريد لها ترامب، الذي لم يعد إلى ذكر حلّ الدولتين، ويروّج لفكرة الحل الإقليمي، الذي لا يكون للفلسطينيين فيه دور يذكر.
لقد كانت خطورة الانقسام الذي ظهر لنا طوال الوقت على أنه موقف مشرّف للمقاومة الفلسطينية الرافضة لنهج أوسلو، في أنه أفضى أخيراً إلى وثيقة حماس الجديدة، والتي مهما استخدمت اللغة في تمويه النص، إلا أنها شكّلت قبولاً حمساوياً بفكرة الدولة الفلسطينية المجزوءة، وهذا تمهيد لاستخدام الذرائع التي يقدمها تعنّت الرئاسة الفلسطينية تجاه غزة، وتهديدها بالتضييق عليها في قضايا حيوية كالرواتب والكهرباء. وها هو الخليج العربي برغم صراعاته وأزماته يسارع مرة أخرى إلى احتواء حركة المقاومة قبل أن تصل محور المقاومة والممانعة. ففي حين أعلن العاروري أنه سيتوجه إلى لبنان ليكون قريباً من الحدود الفلسطينية، وأعلن هنية أنه سيزور طهران، فإن السعودية تلكأت في إدراج أسماء شخصيات من «حماس» في قائمة الإرهابيين الذين تريد من قطر طردهم من أراضيها لحلّ الأزمة القطرية السعودية، وهذا ضمن المصالح الصهيو أميركية التي أرادت للقاء دحلان بالسنوار أن يتم في مصر، والذي تمخّض عن اتفاق من المتوقع أن يُعلن عنه خلال الأيام القليلة القادمة، والذي بموجبه ستعلن «حماس» استغناءها عن العودة إلى الحضن الفلسطيني. وبموجب هذا الاتفاق ستمنح دحلان حقيبة الخارجية والعلاقات الدبلوماسية، وستشاركه في إدارة ملف معبر رفح، وتمنحه إدارة ملفات المعابر البرية مع الكيان، وقد وعدها دحلان القادم من الإمارات بالمقابل بتسوية الأمور المالية، ووعدتها مصر السيسي بحل أزمة الكهرباء جذرياً كرمى لدحلان العزيز!
هذا التوافق السعودي ــ القطري ــ الإماراتي على احتواء الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، يؤكد أنهم مهما اختلفوا في الخليج، فإنهم متفقون على خدمة الكيان العبري وأمه أميركا. وهذا التسابق في مدّ أطواق النجاة المثقوبة الواحد تلو الآخر لحركات المقاومة التي وجدت نفسها فجأة بلا سندها القطري بعدما لم يعد بمقدورها العودة إلى وضعها السابق كحركة تحرر بعد عشر سنوات من الحكم الفعلي، سيجعل مشروع دولة غزة ممكناً، وسيجعل تصفية القضية الفلسطينية مسألة وقت. وستكون هذه التصفية إحدى «بركات» الأزمة القطرية التي من المتوقع لها أن تنتهي دبلوماسياً بعد أن تستنفد أهدافها، ويصبح الهدوء في المنطقة مصلحة صهيو أميركية من جديد.
الكرة الآن في الملعب الفلسطيني بين محمود عباس و«حماس»، وما زال من الممكن تجاوز المخططات، إن صدق الحرص على المصلحة الوطنية، وتقديمها في مصلحة الحزب الضيقة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار