تطبيع سعودي مع “إسرائيل” بورقة توت فلسطينية ؟

0

تطبيع سعودي مع “إسرائيل” بورقة توت فلسطينية ؟

حماد صبح
تصارع السعودية شهوة عنيفة لتطبيع علاقتها مع إسرائيل تطبيعيا رسميا علنيا بعد توالي العقود على سرية تلك العلاقة . ودائما اتخذت السعودية القضية الفلسطينية ورقة توت لستر ما في هذه الشهوة من انحراف عما بدا تاريخيا إجماعا عربيا لرفض أي علاقة طبيعية مع إسرائيل مهما خالط ذلك الإجماع من نفاق ونقص إخلاص من بعض الدول العربية .
_ في 7 أغسطس / آب 1981قدم ولي العهد السعودي يومئذ الأمير فهد مبادرة من 8 بنود ، أكد البند السابع فيها ” حق دول المنطقة في العيش بسلام ” ، وهو إشارة ضمنية إلى إسرائيل ، ورفضت إسرائيل المبادرة التي دعت إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس ، ورفضتها منظمة التحرير الفلسطينية وتحديدا بندها السابع ، وبررت المنظمة رفضها بأن الوقت لم ينضج للسلام بين إسرائيل والعرب . أين التستر في تلك المبادرة بورقة التوت الفلسطينية ؟! يظهر التستر في أنها جاءت بعد دعوة وزير الخارجية الأميركي ألكسندر هيج إلى شرق أوسط جديد قوامه علاقة سلمية بين أصدقاء أميركا من العرب وبين إسرائيل للوقوف في وجه الاتحاد السوفيتي ، وفي النهاية اضطرت السعودية لسحب مبادرتها في قمة فاس العربية في نوفمبر / تشرين الثاني 1981 بعد ما لقيته من رفض .

_ وفي مارس / آذار 2002 قدم ولي العهد الأمير عبد الله مبادرة ثانية للسلام مع إسرائيل ، وكانت أكثر تنازلا من مبادرة فهد لموافقتها على سلام فوري كامل بين كل الدول العربية وبين إسرائيل إذا انسحبت من الأراضي الفلسطينية والعربية ، ورفضت إسرائيل المبادرة ، وقال شارون إنها لا تساوي ما كتبت به من حبر ، وبعدها بأيام ، في 2 أبريل / نيسان 2002 شن عملية السور الواقي على الضفة الغربية التي وقعت خلالها معركة مخيم جنين التي استبسل فيها المقاومون الفلسطينيون استبسالا فاجأ الجيش الإسرائيلي والقيادة الإسرائيلية . وكان في خلفية تلك المبادرة الهلع الذي أصاب السعودية بعد اتهام 15 من مواطنيها بالمشاركة في أحداث برجي نيويورك في 11 سبتمبر أيلول 2001 مع اجتماع الأدلة القطعية على أنه لا الدولة السعودية ولا أيا من مواطنيها له أي دور في تلك الأحداث ، وأن الفاعل الحقيقي لها هو أميركا وإسرائيل ، وهدد الرئيس الروسي بوتين أميركا في العام الماضي بالكشف عن هذه الحقيقة بما لديه من أدلة إذا لم تكف عن مناوأة بلادة في أوكرانيا وفي غيرها من المناطق . ودفعت أحداث العالم العربي المتفجرة منذ ما يزيد على ست سنوات إلى تسارع التقارب السعودي الإسرائيلي واتساعه ، واجترائه على الانكشاف والعلنية ، وواصل تستره بورقة التوت الفلسطينية . وأحدثه ما أفصح عنه إيتمار آيخنر مراسل الشئون السياسية في ” يديعوت أحرونوت عن قرب افتتاح خط جوي بين تل أبيب والرياض ، وورقة التوت الفلسطينية هذه المرة هي نقل حجاج الضفة الغربية الفلسطينيين إلى الديار المقدسة ! تضليل ومخادعة لو كان لموسوعة جينيس للأرقام القياسية سجل للسذاجة وضحولة التفكير لبادرت إلى تسجيله في ذلك السجل . والخط الجديد إحدى ثمار زيارة ترامب للمنطقة . ويبدو أن ترامب سيكون معينا فعالا لتخليص السعودية من وطأة عنف شهوتها للتطبيع الرسمي العلني مع إسرائيل . هو قادر بتهوره وعنفه وتهديده للسعودية وهوسه بإسرائيل على حرق المسافة بين التستر والعلنية في تلك العلاقة ، وإن ظلت ورقة التوت الفلسطينية مطلوبة في الاندفاع نحو تلك العلنية

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار