الحلقه الثالثه من نشأه الحركه الصهيونية

الحلقه الثالثه من نشاءه الحركه الصهيونية
تابع الهجره اليهوديه في فلسطين بالحلقه الثانيه :
بقلم المهندس هاشم عقل
وبفضل العوامل المذكورة أعلاه, نجحت الصهيونية في احتواء الطبقة العاملة اليهودية بفلسطين . ولهذا لا يمكن وصف تلك الطبقه العاملة بال ‘‘تقدمية‘‘ ولا يمكن تعليق آمال كبرى عليها في إحداث تغيرات ثوريه بالمنطقة وفي نفس الوقت نجد أنه من السخف , بل من الغباء أن ننساق وراء الشعارات التي رددها اليسار الستاليني العربي في عام 1948م الداعية لوحدة العامل اليهودي والعربي او الشعارات التي يرددها اليوم أشباه المثقفين من مجموعة ‘‘كوبنهجن‘‘ حول ضرورة الاتصال باليسار الإسرائيلي ‘‘التقدمي‘‘ – الذي لا يعدو كونه يسارا صهيونيا في حقيقة الأمر.
النازية وانتعاش الصهيونية :
في أواخر العشرينيات من القرن العشرين تعرض مجتمع المستوطنين في فلسطين ال ‘‘يشوف‘‘ لأزمة اقتصادية عنيفة , وركود في الهجرة, وارتفاع رهيب في نسبة البطالة , إلا أن صعود النازية والفاشية للحكم في اوروبا أدى إلى تدفق المهاجرين كالطوفان الى روسيا وفلسطين , خاصة بعد أن أغلقت الدول الأوروبية أبوابها أمامهم. فوصل عدد المستوطنين الصهاينة في فلسطين الى 443ألف مهاجر بحلول منتصف الثلاثينات.واختلفت نوعية المهاجرين الجدد ؛ فمن بين الفارين من جحيم الفاشية في اوروبا كانت هناك قطاعات واسعة من المهنيين ورجال الأعمال الأمر الذي أدى إلى انتعاش اليشوف ثقافيا وسياسيا واقتصاديا . ففي الفترة (1925-1929م) بلغ حجم الاستثمارات اليهودية حوالي مليون جنيه فلسطيني , ثم قفز هذا الرقم إلى 7 ملاين في الفترة (1933-1939م) . واشتد عود المجتمع الصهيوني , وازدادت قوة تنظيماته المسلحة بفضل الانتعاش الاقتصادي والرعاية البريطانية . وبدأت وحدات ‘‘الهاجاناة ‘‘ العسكرية- التي انشئت في العشرينات – تكتسب طابعا نظاميا بحلول عقد الثلاثينات ,وشاركت في صفوف الجيش البريطاني تحت اسم ‘‘الفيلق اليهودي‘‘ في الحرب العالمية الثانية .

لقد كانت الحرب العالمية الثانية نقطة تحول في تاريخ الحركة الصهيونية ودفعة هائلة لها . فبعد كشف النقاب عن فظائع النازية التي تضمنت إحراق الملاين من اليهود في افران الغاز , تلقت الحركة الصهيونية تأييدا جارفا من يهود العالم الذين شعروا بصحة الطرح الصهيوني حول استحالة التوافق بين اليهود وغير اليهود . ولكن لم يأخذ هذا التأييد في معظم الأحوال شكل الهجرة إلى فلسطين – كما كان الصهاينة يحلمون , إذ أخذ بالأساس شكل التأييد المادي او المعنوي . واستمرت الغالبية العظمى من اليهود المهاجرين في الاتجاه الى امريكا بدلا من فلسطين .

واليوم من المهم دائما تذكر دور المحرقة النازية في دفع يهود العالم لتأييد الصهيونية , فالتهليل الذي تقوم به أحيانا الصحافة الرسمية والتيارات الاسلامية والقومية لأي بوادر اضطهاد موجهة ضد اليهود في الخارج (ويتضمن ذلك نفي حدوث الإبادة النازية) له عواقب وخيمة على القضية الفلسطينية . فكلما ازدادت معاداة السامية في الخارج , كلما دفع ذلك يهود العالم إلى تبني الصهيونية واللجوء إلى خيار الهجرة الى فلسطين .

الأشتراكية والنضال ضد معاداة السامية :
حاولت الحركة الصهيونية على مدار تاريخها طمس الدور الفعال الذي لعبه اليهود في الحركة الاشتراكية في سعيها لتقديم نفسها كالتيار السياسي الوحيد القادر على تحرير اليهود. منذ نشأتها أولت الحركة الاشتراكية اهتماما بقضية معاداة السامية , وأكدت على ضرورة الربط بين تحرر الطبقة العاملة والنضال ضد معاداة السامية , نظرا لأن اليهود شكلوا قطاعا لا يستهان به من الطبقة العاملة الأوروبية , ولأنها رأت معاداة السامية كأحد صور التمييز التي تستخدمها الطبقات الحاكمة لتفريق صفوف العمال . ولعب الكثير من اليهود دورا مهما في تأسيس وقيادة الأحزاب الاشتراكية في اوروبا والعالم , وانخرط مئات الآلاف منهم في مختلف الحركات الثورية الى الحد الذي دفع بوزير مالية روسيا القيصرية – الكونت ويت – إلى الشكوى لهرتزل بأن اليهود يشكلون50%من أعضاء الأحزاب الثورية الروسية بالرغم من كونهم يمثلون 5%فقط من تعداد سكان اإمبراطورية الروسية!.(-)
كان هذه الأحزاب هو ال –‘‘البوند‘‘ – الرابطة العامة للعمال اليهود – التي تأسست عام1897م لتصبح أول حزب اشتراكي جماهيري في الإمبراطورية الروسية . عارضت البوند الصهيونية بشدة , ورفضت فكرة إقامة دولة قومية لليهود , وربطت بين الثورة الاشتراكية وتحرر اليهود . وقد تمتعت البوند بتأييد كاسح في أوساط العمال اليهود , ووصل عدد أعضائها إبان ثورة 1905 في روسيا الى 40الف عضو . وتبوأت كوادر البوند مواقع قيادية كثيرة وقت الأزمات الثورية . ولكن احتوى فكر البوند على ملامح قومية يهودية , أذ دعت لتنظيم العمال اليهود ذاتيا , والحفاظ على استقلالية تنظيمية في الحركة ؛ وانتزاع حق تمثيل العمال اليهود , الشيء الذي رفضه لينين وتروتسكي وباقي البلاشفة لتعارضه مع مبداء الإممية . وانتقد لينين سياسة البوند الذي رأى انها ستكرس عزلة العمال اليهود بالدعوة لفكرة ‘‘ الامة اليهودية‘‘.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار