الحلقه الثانيه من نشأة الحركه الصهيونية..

الحلقه الثانيه من نشأة الحركه الصهيونية..

بقلم: المهندس هاشم عقل

الهجرة اليهودية الأولى لفلسطين :
بدأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين في اواخر القرن التاسع عشر على نطاق ضيق . وقد اكتشف المستوطنون الرواد فور وصولهم كذب الشعار الصهيوني الزاعم بأن فلسطين ‘‘ أرض بلا شعب‘‘ إذ وجدوا هناك شعبا يفلح الأرض ويعمرها مثلما كان جدوده يفعلون عبر آلاف السنين الماضية . بل ووجدوا فلسطين من اكثر مناطق البحر المتوسط تكدسا بالسكان . ففي عام 1914 م كانت الكثافة السكانية بفلسطين 20,29 شخص في الميل المربع , في حين كانت الكثافة في سوريا ولبنان 8,53 وتركيا 10,67 شخص في الميل المربع .
تزايد معدل الهجرة بعد وعد بلفور , فوصل عدد المهاجرين في الفترة (1919-1923م) إلى حوالي 34 الف مهاجر , ووصل حوالي 34 الف مهاجر اخرين في عام 1925م . وبحلول عام 1927 م وصل حجم التواجد اليهودي بفلسطين إلى 150 الف مهاجر مثلو 16% من تعداد السكان في فلسطين الذي بلغ حوالي مليون نسمة آنذاك . بدأ المستوطنون الصهاينة حملة واسعة لشراء الأراضي من ملاك الأراضي العرب الغائبين , بالإضافة لاستخدام أساليب مالتوية لانتزاع الأراضي من الفلاحين الفلسطنيين مستخدمين سلطات الانتداب البريطاني والإرهاب المسلح.

الصهيونية والطبقة العاملة اليهودية في فلسطين :
اتجهت الحركة الصهيونية منذ البداية لإقامة مجتمع يهودي منفصل تماما عن المجتمع العربي بفلسطين في كل الجوانب وبالذات الجانب الاقتصادي . حرص اصهاينة على ان يتم استبعاد العرب كليا من الأنشطة الاقتصادية , ولهذا الغرض تأسس ‘‘الهستدروت‘‘ – الاتحاد العام للعمال اليهود في ارض إسرائيل . لم يكن الهستدروت نقاية عمالية بقدر كونه المؤسسة الصهيونية القيادية والعامود الفقري للاقتصاد الاستيطاني.
رفع الهستدروت شعار‘‘ ارض يهودية – عمال يهودي- منتج يهودي‘‘, فقد كانت مهمته الأساسية هي التأكد من مجتمع المستوطنين تتم خدمتة بواسطة عمال ومنتجات يهودية . وبذل قادته مجهودات ضخمة للفصل بين العمال العرب واليهود في مواقع العمل . أطلق بن جوريون – رئيس الهستدروت آنذاك –على هذه الأستراتيجية اسم
‘‘ تهويد العمل ‘‘ . وتعتمد تلك الاستراتيجية على استخدام العنف لمنع صاحب العمل اليهودي من تشغيل أي عامل عربي في مشروعاته وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها المستوطنون . وأما في المناطق السكنية المختلطة التي تضم عربا ويهودا , وحيث لا مفر لصاحب العمل اليهودي من استخدام أيدي عاملة عربية , فعليه ان يدمغ السلع التي تنتجها أيدي عربية ويهودية مشتركة بدمغة خاصة وأن يبيعها بسعر اقل من السلع المثيلة التي انتجتها أيدي عاملة يهودية فقط . وللتاكد من التزام رجال الأعمال اليهود بسياساته , قام الهستدروت بتكوين فرق مسلحة من أجل التفتيش على المزارع والمصانع والأسواق للبحث عن عن العمال العرب وتغريم صاحب العمل اليهودي إذا ثبت تشغيله لهم. وكان من المألوف ان ينظم الصهاينة مظاهرات صاخبة امام المزارع التي تجرأ أصحابها وسمحوا للعمال العرب بالعمل بها لمطالبة بفصل هؤلاء العرب . وكان من المعتاد رؤية شبان يهود يتجولون بالأسواق اليهودية التي تعج ببائعات الخضروات والبيض , وفجأة يقوم هؤلاءالشبان بتكسير بيض إحدى البائعات وصب زيت برافين على خضرواتها لا لأي سبب سوى اكتشافهم أنها عربية . وفي الفترة (1936-1939م) قام طلاب الجامعة العبرية في القدس بتنظيم مظاهرات متواصلة ضد نائب رئيس الجامعة دكتور ماجنس لقيامه باستئجار بيت من مالك عربي !بل وفي حادثة مشهورة في تل ابيب عام 1945 م تمت مهاجمة إحدى المقاهي وتحطيمها تماما بعد انتشار الشائعات بوجود عامل عربي يغسل الصحون في أحد أركان مطبخها الخلفي ! بالإضافة الى العوامل السابقة والفروق الضخمة في الأجور , أصبحت للعامل اليهودي مصلحة مادية مباشرة في استبعاد الفلسطيني . ويرجع ذلك للطبيعة الاستيطانية للمجتمع اليهودي ككل بفلسطين – الذي جعل وجوده المادي مبنيا على أستبعاد فلسطينيين . فأيجاد مكان في فلسطين لليهودي القادم من اوروبا كان معتمدا بالإساس على استبعاد أو طرد فلاحين فلسطينيين من أرضهم لإقامة مستوطنة. ويضع هذا المجتمع الإسرائيلي بكل طبقاته في تناقض مع الفلسطينين , ويأخذ هذا التناقض ‘‘الخارجي‘‘ أولوية على التناقضات الطبقية‘‘ الداخلية‘‘ بالمجتمع الإسرائيلي نفسه. وبتردد صدى تلك الرؤية بقوة في خطبة موشى ديان الشهيرة بمناسبة مقتل المستوطن روي روتبرج على يد الفدائيين الفلسطينيين في عام 1956م :
نحن جيل من المستوطنين , وبدون الخوذة الفولاذية والمدافع لا يمكننا نزرع شجرة أو نبني بيتا . وينبغي ألا نلين أمام الحقد الذي يلهب صدور مئات الألوف من العرب حولنا . ينبغي ألا ندير رؤوسنا كي لا ترتعش أيدينا . إن قدر جيلنا هو أن يكون مستعدا ومسلحا , قويا وقاسيا , كي لا يقع السيف من قبضتنا وتنتهي حياتنا .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار