في وداع عام 2020..عام الخيانات العربية الرسمية للقضية الفلسطينية

في وداع عام 2020..عام الخيانات العربية الرسمية للقضية الفلسطينية

في منطقتنا الملتهبة، كان النصيب الأوفر حظاً من كل التداعيات السلبية التي لعبت فيها الولايات المتحدة الأمريكية المتهورة دوراً سلبياً في عهد ولاية دونالد ترامب الرئاسية، وهي ادواراً تخريباً للقوانين الأممية والصادرة عبر مجلسي الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث نفذت هذه الادارة إلى ارتكاب العديد من الجرائم والفظائع، كما وتعمدت إلى خرق القانون الدولي جهاراً نهاراً، فقد اغتالت الشهيد قاسم سليماني قائد فيلق القدس الشريف مع رفيقه الشهيد أبو مهدي المهندس في أرض العراق، وشرعت في تطبيق بنود ما سُمي (بصفقة القرن) سيئة الصيت، ونقلت سفارتها إلى القدس الشريف، ومنحت هضبة الجولان السورية للكيان الإسرائيلي الصهيوني، واقتادت عددٌ من الحُكَّام العرب إلى حظيرة التطبيع الخياني مع العدو الصهيوني، كل ذلك في إطار الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب المُنهزمة.
الولايات المتحدة الأمريكية وفي عهد الرئيس دونالد ترامب، الغت من طرفٍ واحد الاتفاقية الدولية بشأن البرنامج النووي لإيران المُقِرَّة في مجلس الأمن الدولي، والمسماة خمسه زائد واحد مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وحاولت هذه الادارة تشكيل حِلف عسكري أمني من دولة الكيان الصهيوني ودول مجلس التعاون الخليجي وآخرين، موجهة ضدَّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذه استراتيجية قديمة جديدة للحكومات الصهيونية، وبسقوط ترامب سقط الرهـان لهذه الدول، وتمت الاستعاضة (بالتطبيع) الحكومي لعدد من الحكومات (العربية).
لكن الجديد في الأمر هي المحاولة المستميتة من قِبَل مهندسي (التطبيع)، بأن يتزامن مع التطبيع شعبياً عروبياً، لكن ولإيماننا بعدالة القضية الفلسطينية ستفشل كُلَّ تلك المحاولات كما فشلت في القُطرين الشقيقين المصري والأردني، ولكم في موقف نقابة الممثلين والفنانين المصريين من محاولة الممثل محمد رمضان، مثالٌ يا أولي الألباب، مع الفارق الكبير في فهم دور المجتمع المصري والأردني عالي الثقافة، بالمقارنة بالطارئين المتطفلين على المشهد العروبي بتاريخه الباذخ.
بعضٌ من (الحُكَّام العرب) يهربون إلى المجهول، أي إلى السيد/ بنيامين نتنياهو رئيس وزراء كيان العدو الإسرائيلي والمُثْقل هو الآخر بقضايا جنائيةٍ خطيرة، تتعلق بقضايا فساد مالي وإداري غير مسبوق في الكيان، كما أنه متهم بسوء استغلال السلطة، وسيخضع للمحاكمة وفقاً للقانون الإسرائيلي ذاته، ومصيره المرتقب ربما إلى السجن، ومع ذلك تجد أن هؤلاء (القادة العرب) من مشائخ الإمارات والبحرين والمغرب، ولحق بهم شلة العسكر من السودان ما بعد الثورة التي يُفترض أن تحرر الشعب لا أن تنقله من أسر العسكر إلى أسر الكيان الصهيوني، هؤلاء (القادة العرب) يهرولون إلى الإستسلام والخيانة الرخيصة للأمة العربية والإسلامية عبر تغريدات متواترة من السيد/ دونالد ترامب المهزوم انتخابياً بفارق يزيد عن 6 مليون ناخب أمريكي بالصوت الشعبي، وأزيد من ثمانين صوت من المجمع الانتخابي، هنا يتساءل الرأي العام العربي والإسلامي، من إندونيسيا شرقاً وحتى المغرب (موروكو) غرباً، ليسألوا بصوتٍ عال:
لماذا كل هذا الانبطاح والسقوط أمام أقدام المُحتل الصهيوني؟.
ماهي مبررات خيانة هؤلاء للقضية الفلسطينية والشعب العربي من المحيط إلى الخليج؟.
لماذا كل هذا الغدر الأسود والصريح للشعب الفلسطيني العظيم الذي قدَّم في مقاومته مئات الآلاف من الشهداء والجرحى، وبضعة ملايين من اللاجئين المنتشرين حول العالم؟.
كيف لهم أن يشرحوا لنا وللأجيال، وللأرواح الطاهرة التي اُزهقت على مدار قرن كامل، تضحيةً من أجل فلسطين وشعبها العظيم؟، أي مُنذ مؤامرة ما سُمي بوعد السيد/ آرثر جيمس بلفور في العام 1916م، ومؤامرة تقسيم الأمة العربية على يد الغُزاة البرابرة الأوروبيون، بما سُمي اتفاقية سايكس–بيكو في العام 1917م، وما تلتها من مؤامرات استعمارية صهيونية حِكت ضدَّ شعبنا العربي الفلسطيني.
ما يعتبروه أن (تطبيعاً) اقتصادياً وسياسيا وثقافياً قد تمَّ تدشينه بين الكيان الإسرائيلي الصهيوني وعددٍ من البلدان العربية، فإنه بدايةٍ مؤسفة بوضع شعوب هذه البلدان تحت قيود مُعقَّده، وشروطٍ مُجحفة بحقَّ شعوب تلك البلدان، وأن هذا التطبيع سيتحول إلى كارثة ووبالٍ عليها، ولنا أن نشاهد كمثالاً صارخاً على عنجهية المُحتل وغطرسته وتعامله غير الأخلاقي مع أهلنا في فلسطين، وهذا مثالٌ كافِ كي تتعلم منه القيادات العربية المتساقطة في فخ التطبيع.
للتذكير هنا فحسب بأن كل الحكومات (المُطبِّعة) هذا العام مع كيان العدو الإسرائيلي وركعت أمام سيَّدهم الإرهابي/ بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، هي ذاتها من شنَّت العُدوان الوحشي الغادر على الشعب اليمني العظيم في صبيحة يوم الخميس الموافق 26 مارس 2015م، أليست هذه احدى عجائب زمن 2020م.
لو اجتمع جميع مدبري عملية (التطبيع) التي أفضت إلى الخيانة الكُبرى لأنبل وأعز وأعظم قضية في ماضي وحاضر ومستقبل أمتينا العربية والإسلامية، لما وجدوا في قاموس لغتنا العربية حرفاً واحداً يبرر لهم صنيعهم القذرة ووضاعتهم الهابطة، وستبقى فلسطين قضية جميع أحرار الأمة، وفي ذات الوقت لن تُغْفَر لهؤلاء المنبطحين خيانتهم.
والحكمة تقول بأننا يجب أن ننسى الماضي بآلامه، ولكن علينا عدم نسيان الدرس، والخيانة للأوطان أعظم دروس التاريخ.

جزء من مقالة في صحيفة المنار المقدسية أ. د. عبدالعزيز صالح بن حبتور

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار