بعد خمس سنوات. كيف نقرأ العدوان على اليمن

بعد خمس سنوات. كيف نقرأ العدوان على اليمن

رامز مصطفى

أمد/ العالم بدوله وبلدانه ، ومؤسساته ومنظماته الدولية ، وفي ظل اجتياحه منقبل وباء كورونا وتفشيه الخطير ، لا يزال في أغلبه يعيش عن عمد في حالةانفصام بينه وبين الحد الأدنى من إنسانية وأخلاق مطلوبة ، في هذه الظروف، التي لم تعرفها البشرية من قبل . ولكن هذه هي طبيعة تلك الدول ، التيتعاني من ازدواجية أشاحت بوجهها القبيح من خلالها عن حرب ظالمة ، وعدوان همجي تقوده مملكة الرمال في السعودية منذ خمسة أعوام ، علىاليمن الشقيق ، وفي تجاهل متعمد عن مأساة شعب ذنبه الوحيد أنه رفضالخضوع والإخضاع أولاً ، ومن ثم رفض التخلي عن خياراته الوطنية والقوميةوالإسلامية ، في الانحياز المطلق في الوقوف مع قضايا الأمة وفي مقدمتهاالقضية الفلسطينية ، ودعم مقاومتها .
الحرب العدوانية الظالمة التي تقودها السعودية ، بدعم لامحدود من قبل الإدارةالأمريكية ، وكيان الاحتلال الصهيويهودي ، كيف نقرأها بعد مرور خمسةأعوام ، ودخولها عامها السادس ، في ضوء التطورات على غير صعيد :-
1. منذ اليوم الأول لهذه الحرب ، كان الهدف إخضاع الشعب اليمني وقواه ، وتحديداً الجيش اليمني واللجان الشعبية للمشيئة السعودية ، التي سعت ومنذتأسيسها برعاية أمريكية بريطانية ، إلى ممارسة عملية تهميش ممنهجة ضداليمن ، وبتوصية من مؤسس المملكة السعودية ، في جعل اليمن متخلفاً فقيراًمهمشاً . وبالتالي أرادت السعودية من خلال عدوانها كسر إرادة الشعباليمني ، والتشكيك في قدرته على الصمود في مواجهة العدوان . واليوم ، وبعدمرور خمس سنوات ، أين هي معنويات اليمنيين ، من معنويات دول العدوان ، وتحديداً السعودية ؟ ، التي تعاني مأزقاً سياسياً واقتصادياً وعسكرياًوإعلامياً وحتى أخلاقياً من جراء فشلها وفشل أهداف تحالف العدوان الذيتقوده .
2. إسقاط جميع الأهداف ، بالمعنى السياسي والعسكري والاقتصادي ، التيجاءت بها ما تسمى ب” عاصفة الحزم ” للعدوان السعودي ، ومن ثم ما سميتزوراً ب” إعادة الأمل ” ، التي طالت بدمارها وإجرامها البشر والحجر والشجر. والإحصائيات لتلك الحرب الهمجية وبعد خمس سنوات ، تفضح ما ارتكبهالعدوان السعودي – الأمريكي – الصهيوني من جرائم ومجازر بحق المدنيينفي اليمن . فقد جاءت حصيلة العدوان على مدار 1800 يوم ، 42135 منالشهداء والجرحى ، من بينهم النساء والأطفال . وتدمير البنى التحتية منمطارات وموانئ وشبكات الاتصالات ، ومحطات وشبكات المياه والكهرباء ، ومنشأة حكومية ، والطرق والجسور . والتي بلغت في مجملها 8178 من تلكالبنى . مضافاً لذلك ، ما استهدفه طيران العدوان ، لما يزيد عن 20819 للمنشأت المستهدفة ، من مصانع ، ومنشأة تجارية ، ومزرعة ، ومستودع لموادتموينية ، وقوارب صيد ، ومحطات وقود ، وشاحنات نقل . ولتشمل تلكالإحصائيات أكثر 461460 من المنازل والمشافي والجامعات والمدارس ، وموقعً أثرياً ومسجداً ، ومنشأة رياضية وإعلامية ، وحقلاً زراعياً ، ومنشأةحكومية .
3. صحيح أنّ قوى العدوان قد حققت تفوقاً خلال السنوات الأولى من الحرب ، ولكن ومنذ العام الثالث انقلب السحر على الساحر . فلا الشعب اليمني ولاقواه رفعت الرايات البيضاء استسلاماً ، بل مضى قُدماً نحو كسر هذا التفوقالآني ، وبدأ الجيش اليمني واللجان الشعبية بتطوير قدراتهم العسكرية التيفاجئت قوى العدوان وداعيمهم وتحديداً في العام الخامس ، في دخولمنظومات الصواريخ على أنواعها ، والطائرات المُسيّرة قد دخلت في المعركة ، التي استهدفت العمق السعودي وأصابته في غير مقتل اقتصادي وحيوي ، للمطارات وشركة أرامكو كانت الأكثر إيلاماً ووجعاً . مضافاً لذلك تلك عمليات ( نصر من الله ، والبنيان المرصوص ) ، التي استهدفت القوات البرية المعاديةفي مناطق نهم والجرف وغيرها ، حيث حقق الجيش اليمني واللجان الشعبيةانتصارات صُنِّفت عسكرياً على أنها تحول إستراتيجي في مسار الحربلصالح اليمن ضد قوى العدوان .
4. كشفت الحرب هشاشة تحالف قوى العدوان ، فسرعان ما ظهرت الخلافاتبينهم وتحديداً الامارات والسعودية ، لجهة الأهداف والأطماع بينهما ، ليأخذشكلاً من الصراع الدموي بين القوى المدعومة من كلا الطرفين في الشطرالجنوبي من اليمن خصوصاً في عدن ، وحكومة هادي المدعومة من السعوديةبدأت في الانهيار . مما دفع عدد من المشاركين في العدوان إما إلى الانسحابأو تخفيف حضورها ، الأمر الذي وضع السعودية في موقف لا تحسد عليهنتيجة الهزائم المتلاحقة . وما الصراع الدائر بين أركان الأسرة الحاكمة علىالسلطة وطفوه على السطح إلاّ نتيجة لتلك الهزائم ، وذاك الفشل الذريع فيكسب الحرب بعد عدوان لا يزال مستمراً حتى الأن . وبالتالي انعكاس تلكالهزائم في عدم قدرة السعودية على الإمساك بزمام أمور دول الخليج ، كونهاالأكبر والأكثر في إمكانياتها ، وهذا ما ظهر في الخلاف مع قطر ومحاولةحصارها من قبل السعودية والامارات ، اللتان حاولتا فرض مشيئتهما علىدولة الكويت ، ولكنهما فشلا في ذلك . مما حولّ مجلس التعاون الخليجي إلىيافطة ليس إلاّ .
5. الحرب على اليمن أسهمت في كشف سفور وجوه الدول الخليجية فيلاهثها وتماديها في الهرولة للتطبيع مع كيان العدو الصهيو يهودي . إرضاءًللإدارة الأمريكية ، على حساب القضايا العربية وفي مقدمتها القضيةالفلسطينية . حيث وعلى الرغم من فداحة العدوان السعودي وجرائمه ومجازرهالمرتكبة بحق الشعب اليمني ، غير أنّ ذلك لم يمنعه أو أن يتخلى عن وقوفهالحازم مع الشعب الفلسطيني ومقاومته ، فهو وعلى مدار سنوات الحرب لميتخلف مرة واحدة في الخروج إلى الساحات والميادين للتعبير عن خياراته فيدعم القضية الفلسطينية ، كجزء أصيل من محور المقاومة ، والتأكيد فيعدائِها للامبريالية الأمريكية والكيان الصهيويهودي . وما مبادرة السيد عبدالملك الحوثي في الاستعداد لمبادلة طيار وضباط سعوديين مقابل الإفراج عنالمعتقلين الفلسطينيين في سجونها ، إلاّ التعبير الصادق في التزام الشعباليمني وقواه الحية لقضية الشعب الفلسطيني ، القضية المركزية لأمتنا . فيالوقت الذي تمارس فيه القيادة السعودية شتى الضغوط على السلطة ورئيسهاالسيد أبو مازن للقبول ب” صفقة القرن ” .
6. كما فشلت قوى العدوان السعودي في ميدان المواجهة العسكرية ، وحاولتتعويضه في ميدان السياسة من خلال ما تحظى به من دعم وغطاء أمريكيغربي ، سواء في جينف ا و 2 ، أو اتفاقية السويد ، أو من خلال كويت 1 و 2 . وتفرض شروطها وتمرر أهدافها ، إلاّ أن ذلك قد أسقطه اشعب اليمنيبصموده وحنكته وإدارته السياسية الناضجة والمتمسكة بحقوق الشعب اليمنيالتي لايمكن تجزأتها أو التفريض بها . وبعد خمس سنوات علينا أن نلحظ أنهناك متغيرات وانقلاب في المشهد الدولي والإقليمي في الابتعاد عن تأييدالعدوان ، من خلال المطالبة بفرض حظر بيع السلاح للسعودية ، وتحميلهامسؤولية ارتكاب المجازر ، وما يتعرض له الشعب اليمني من مجاعة وأمراض ، وذلك من قبل العديد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية ، وتحديداً منظمةحقوق الإنسان . وهنا لابد من تحميل المجتمع الدولي وتحديداً الأمم المتحدةومبعوثها إلى اليمن ” مارتن غريفيث ” مسؤولية الكيل بأكثر من مكيال و معيار، والذهاب مباشرة إلى التصويب نحو السعودية التي تعمل على منع أية حولسياسية . وبالتالي دعوة المنظمات الإنسانية والهيئات الدولية ، إلى تحملمسؤولياتها في إغاثة الشعب اليمني المنكوب والمصاب نتيجة العدوان الظالمعليه منذ خمس سنوات ولا يزال .
اليوم وبعد مرور خمس سنوات من فشل قوى العدوان السعودي في إخضاعوكسر إرادة الشعب اليمني ، الذي يؤكد يومياً أنه يختزن في ذاكرته ذاكالتاريخ الأسود لنظام آل سعود وتأمره على اليمن منذ استقلاله حتى اليوم . الشعب اليمني ، ومع دخول صموده اللافت والمذهل عامه السادس لقادر علىمواصلة التصدي للعدوان وإسقاط أهدافه ، إلى أن يتحقق له ولليمن المنعةوالرفعة بعيداً عن محاولات الإخضاع البائسة لنظام آل سعود وعملائه وحلفائهوداعميه في واشنطن وتل أبيب ، اللذان سيدركان أن المعركة الدائرة على أرضاليمن وفلسطين واحدة ، في مواجهة قوى البغي والعدوان والاستكباروالطغيان

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار