هل بدأ الرئيس محمود عباس يروج لإحتمالات الكونفدرالية؟..تحركات الرئاسة الفلسطينية تثير الشكوك باحتفاظها بأوراق خاصة والأردن يراقب المشهد بحذر..

برلين”رأي اليوم”فرح مرقه:
ودٌّ كبيرٌ ومريب ذلك الذي يبديه الرئيس الفلسطيني محمود عباس نحو عمان خلال الأشهر الأخيرة وبعد سنوات راكمت الشكّ في علاقة ضرورة بين الجانبين. هذه التقييمات يقولها مسؤولون أردنيون طوال الوقت مشكّكين بأن الرجل “يفرد أوراقه كاملة على الطاولة”.
الخبرة الأردنية راكمت عدداً من المواقف التي تفرض الريبة بالتنسيق مع الفلسطينيين، ولكن هذا لا يمنع ان عمان تعلم أيضا ان عباس اليوم مأزوم وفي عدة مفاصل داخليا وخارجيا وانها قد تكون الرئة الوحيدة للفلسطينيين للحركة والمناكفة حتى لفظيا للقرارات الامريكية والتصعيد الإسرائيلي.
عباس وقبيل استقباله الوفد الأردني للاحتفال بأعياد الميلاد في رام الله، كان قد امضى عدة أيام في العاصمة عمان والتقى فيها عددا من المسؤولين وتحدث امامهم عن استعداد السلطة الفلسطينية لسيناريو الكونفيدرالية مع الأردن، وحتى عن تقبلها له، في وقت يعني السيناريو المذكور خطرا كبيرا لعمان رغم انها تدرك استحالة تحققه في ضوء عدم قيام دولة فلسطينية أصلا.
الاستعداد الفلسطيني لكونفدرالية (على استحالة تحقيقها) أساسا يضيء معظم الأضواء الحمراء للاردن، فذلك بالضرورة يعني زيادة منسوب الاشتباك المباشر مع الإسرائيليين، وتحمل عبء تعقيدات المشهد الفلسطيني ووراثة الكثير من بيروقراطيته التي تتحفظ العاصمة الأردنية على تفاصيلها. كل هذا بعد الحديث عن الديمغرافية والسكان واجهاض الحلم الفلسطيني بالدولة المستقلة وقرارات الشرعة الدولية وغيرها.
الاشكال في الحالة الجديدة ان الرئاسة الفلسطينية مستعدة لهذا السيناريو وقبيل انتخابات المجلس التشريعي التي قد توفر دعما لسيناريوهات مماثلة اذا ما استخدمت على نحو واسع في الدعاية والاعلام، وهو الامر الذي لا تزال عمان لا تقبله كخيار حقيقي.
إزاء المشهد المذكور يرسل عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء سامي الداوود لحضور احتفالات بيت لحم بالاعياد المجيدة وقداس منتصف الليل، والمندوب بهذا المعنى لا يحمل أي ملفات سياسية حقيقية للتداول بها، ولكنه يمثل الرغبة الأردنية بالاستمرار بالوصاية الهاشمية والاحتفاظ بكل التقاليد المتعلقة بها.
هنا لا تكتفي عمان بزيارة الوفد الفلسطيني المسيحي للاردن قبل نحو أسبوع ولقائه الملك عبد الله الثاني، وتحرص أيضا على المشاركة في القداس وكل تقاليده. هنا ملاحظة إضافية يمكن تسجيلها اذ لم يحضر الملك عبد الله الثاني شخصيا أيا من الطقوس في الأردن باعتباره لو كان هناك مكان ينبغي ان يكون فيه لكان في القدس وبيت لحم، ولكن هذه هنا قصة أخرى وتتعلق بتعقيدات الانتقال التي يحرص الجانب الأردني ان لا يزيدها ولا يضاعفها.
عمان بالتوازي، تتابع الرئيس الفلسطيني وهو يكيل المديح والمودّة للملك والأردن وتحديدا في مجال حماية المقدسات في ليلة الميلاد، وترحب بذلك دون تعليق، ولكنها وبوضوح حاولت التغاضي عن سلسلة نشاطات قام بها عباس نفسه في العاصمة الأردنية تحت عنوان الترويج لاحتمالات الكونفدرالية.
هنا الأردن مقتنع تماما ان الرئيس الفلسطيني “لا ينطق عن الهوى” وان في جعبته ايحاءات حول الملف، وبالنسبة لمؤسسات الدولة الأردنية فهذا اخطر ما في المشهد.
في المقابل، تتابع الدولة الأردنية التحركات الدولية واثرها الواضح في لجم بعض الجموح الإسرائيلي، وخصوصا القرار القاضي بفتح تحقيق بما يمكن اعتباره جرائم حرب إسرائيلية تقع في الضفة وغزة، وهذه هنا تأتي في مصلحة عمان اذ تؤخر اجتماعات نتنياهو حول ضم الضفة الغربية وتضع إسرائيل في موقع دولي لا تحسد عليه بعد عامين من التمادي في كل الاتجاهات.
الموقف في الجنائية الدولية يعكس بالضرورة تغيرا دوليا واضحا قد يكون له اهداف ابعد من عملية السلام أيضا ولكن الأردن بكل الأحوال مستفيد ولا يريد فتح المجال لمخارج لصالح إسرائيل مثل الكونفدرالية وغيرها.
بكل الأحوال حديث عباس عن “شعب في ارضين” وعن ان عاهل الأردن نذر حياته لحماية المقدسات، كلها إيجابية لصالح العلاقة بين الجانبين ولكنها بالضرورة بالنسبة للاردن تخضع للفلترة حين ينمو سيناريو الكونفدرالية على لسان الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته منذ زمن أيضا.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار