وفد الرئيس عباس وسلوكه لا يمثل “الممثل الوطني”!…الممثل الشرعي الوحيد ليس لقبا أو بيانا أو مقرا، هو فعل وحضور ومشاركة، ومن لا يدرك ذلك لن تحمية كل بيانات “الكذب السياسي” من التآكل..

0
كتب حسن عصفور/ خلال الأسابيع الماضية شنت حركة فتح بكل مؤسساتها، حربا سياسية محقة على أي محاولة للنيل من منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن كل محاولة للنيل منها هي مشبوهة وتخدم “أجندات القوى المعادية”،

رغم أنهم حتى ساعته لم يحددوا للشعب من هي “القوى المعادية للشعب الفلسطيني: حيث الخلط والالتباس بات متعمدا، وإن كانت أمريكا وربما دولة الكيان ليس ضمن تلك “القائمة من الأعداء”..

قضية تحديد “قائمة الأعداء” ليست هي التي تحتل صدارة الموقف راهنا، بل مسألة رفع راية “الشرعية” والنيل منها والتآمر عليها، التي تتمرس خلفها قيادات من فتح، وسواء كانت تقول حقا، او حقا يراد به باطل، لكن “الشرعية الفلسطينية” بات تعبيرا يحتاج الى وقفة أوسع كثيرا من استخدامه كـ”فزاعة”، دون أن يكون واضحا ما له وما عليه سياسيا ووطنيا..

مسالة اعادة تحديد “الشرعية الفلسطينية” ليس مسألة ترف فكري أو سياسي، بل هي ضرورة وطنية وحاجة ملحة بامتياز، على ضوء قيام الرئيس محمود عباس بـ”خطف الشرعية” وتدجينها” وفقا لمقاسه ومقاس حركته السياسية، حتى أنها باتت أقل كثيرا من مفهوم التمثيل الشرعي العام، بل وحركة فتح ذاتها..

ولا نحتاج جهدا كبيرا لملاحظة عملية “الخطف العباسية” للمنظمة وتحويلها عمليا من ممثل شرعي وحيد للشعب الى ممثل رئاسي وحيد له، والفرق بينهما لا يحتاج الى شرح وتوضيح..

الرئيس محمود عباس ومنذ سنوات عطل المؤسسة الشرعية الفلسطينية، سواء المجلس المركزي أو اللجنة التنفيذية، ومنذ قرار المجلس المركزي عام 2015، اي قبل عامين من الآن، لم يعد هناك أي دعوة للمؤسسة المفترض انها تلتقي كل ستة أشهر أو عند الضرورة، وعمليا كان لها أن تصبح بمثابة البرلمان المؤقت في غياب المجلس التشريعي”بموقف رئاسي دون وجه حق” تتولى الرقابة على السلطة، قبل المنظمة..

تغييب المجلس المركزي جاء انتقاما من المؤسسة التي أقرت قرارات تتعاكس كليا مع “رغبة الرئيس عباس”، حيث رأت المؤسسة التشريعية بضرورة وقف العلاقة مع دولة الكيان وتحديدها، ووقف كامل للتنسيق الأمني باعتباره بات أداة للاحتلال ضد المصلحة الوطنية، ونادت بالعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة الخاص بدولة فلسطين رقم 19 /67 لعام 2012..قرارات يراها الرئيس تتعاكس كليا مع سياسته الخاصة، ولذا قرر “خطف الشرعية” وتعطيل العمل بها..مع استرار فرقة التطبيل والصراخ حول التآمر على الشرعية!

اللجنة التنفيذية لم تعد بذي صلة برسم الرؤية السياسية الوطنية، بل أنها لم تعد على صلة بالأحداث التي هي من صلب عملها، حتى أن قرارتها لا تجد لها سوى “ارشيف” أمانة السر أو مكان آخر في غرفتها..والإجتماعات التي هي حق لها تحولت في زمن الرئيس عباس الى منحة شخصية، يتكرم بها عليهم عندما يجد “وقتا مستقطعا” بين لقاءات يهود و فنانين أو عودة من سفر..

وكي لا نذهب لفتح كل ممارسات انتهاك الشرعية ومؤسساتها من قبل الرئيس عباس، نقف أمام احدث مظاهر ذلك الانتهاك، اللقاء بالمبعوث الأمريكي غرينبلات الى المنطقة لبحث عملية السلام والتسوية، فمن حيث الشكل نجد أن الوفد المرافق للرئيس عباس خلال اللقاء مع المبعوث الأمريكي هو وفد فتحاوي نقي، صائب عريقات وماجد فرج ونبيل أبو ردينة..

ومن حيث المضمون، لم يدعو الرئيس عباس أي هيئة رسمية فلسطينية لبحث الموقف المفترض ان يناقش وفقا لما تم الاتفاق عليه في المجلس المركزي أو اللجنة التنفيذية، لكن الرئيس عباس تجاهل ذلك كليا، ولم يقيم وزنا للممثل الشرعي الوحيد وأدواته التنفيذية والتشريعية..وليت الرئيس يتذكر كيف كانت “آلية العمل خلال زمن الخالد ياسر عرفات الذي أتهم دوما من أمريكا واسرائيل والبعض الفلسطيني أنه فردي وديكاتور” ليكشتف من هو حقا يستحق اللقب، لكن امريكا الآن تريد ذلك لغاية في نفس يعقوبها الجديد!

ممارسات الرئيس عباس بالتطاول على الممثل الشرعي الوحيد، والاستهتار به الى درجة الاستخفاف السياسي هو وجه آخر لما تقوم به قوى أخرى للبحث عن حراك بديل..

الممثل الشرعي الوحيد ليس لقبا أو بيانا أو مقرا، هو فعل وحضور ومشاركة، ومن لا يدرك ذلك ويعمل لصيانته لن تحمية كل بيانات “الكذب السياسي” من التآكل..

حاذروا من الاستخفاف من شركاء الفعل الوطني، خاصة شركاء منظمة التحرير، حاذروا أن تستمر تلك الرحلة الالتفافية للرئيس عباس على الاطر الشرعية تحت وهم أنه الشرعية، فالشرعية ليست مرسوما أو قرارا أو “هاتفا من مجهول”..حاذروا قبل أن لا ينفع الحذر..ولا تعتقدوا أن “عاطفة الشعب” تكفي لحماية الممثل الشرعي الوحيد..

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار