منظمة التحرير الفلسطينية، واتفاق اوسلو والشرعية المفقودة

0

جاد الله صفا – البرازي
من الذي فقد الشرعية، منظمة التحرير الفلسطينية ام قيادتها؟ هل المعضلة بالمنظمة؟ نحن مع المنظمة ام مع قيادتها؟ هل المطلوب اسقاط القيادة ام المنظمة؟ ومن هو المفترض ان يتم محاسبته، المنظمة ام القيادة؟ كثيرون اولئك الذين يحاولون ان يحملوا مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع بالساحة الفلسطينية الى منظمة التحرير الفلسطينية والتطاول عليها كأن القيادة بريئة من كل هذه السياسات التفريطية، سواء كان بحسن نية او نابع عن جهل، لقد شكلت المنظمة بمرحلة الكفاح المسلح حالة اجماع فلسطيني، باعتبارها الوطن فلسطين الذي يجمع الشعب الفلسطيني حتى التحرير.
شكل اتفاق اوسلو كارثة على الشعب الفلسطيني وحقوقه، بغض النظر عن كل المبررات التي قد يطرحها ذو العلاقة، ولم يكن الوصول الى اتفاق اوسلو صدفة، وإنما جاء نتيجة تراكم لسياسات ورهانات كانت معششة برأس القيادة الفلسطينية وتفكيرها ونهجها، فبدلا من معالجة الاخطاء، ومراجعة السياسات للمراحل السابقة واستنتاج العبر والدروس، تواصلت القيادة الفلسطينية بسياساتها مراهنة للوصول الى حل من خلال التفاوض، وصولا الى اتفاق اوسلو الكارثي.
ما زال الوطن محتل، وما زالت سياسة الكيان الصهيوني قائمة على نفي الوجود الفلسطيني، فلا اتفاق اوسلو، ولا كل التنازلات التي قدمتها القيادة الفلسطينية شكل مانعا وعائقا لاستمرار سياسة مصادرة الاراضي والاستيطان وغيرها من السياسات التي بمحصلتها تكرس الاحتلال، وبإسلو تقطعت اجزاء الوطن والشعب وهمشت مؤسساته، ولم تتمكن من فرض اي نوع من انواع السيادة الوطنية، وتراجع دورها اقل من السقف الذي حدده لها اوسلو، وفرضت هذه القيادة مصطلحات جديدة لأن يتعامل معها شعبنا باعتبارها سلطة وطنية، وهي بطبيعتها سلطة خدماتية لا تمت للوطن والشرف والكرامة بأي صله.
اختطفوا منظمة التحرير، ليقولوا ان القرار هو قرار الشعب الفلسطيني، واخذوا القضية الى منحدر خطر، اضاعوا بها كل الانجازات التي حققتها نضالات وتضحيات شعبنا ومعاناته، واصبح المخيم لا شيئا لهم، تحول من حاضن للثورة ورمزية النضال، الى عبئا لسياستهم، والتي ساهمت لاحقا لن تكون مخيمات اللجوء الهدف السهل للنيل منها بعد ان كان الاقتراب منها خطا احمرا، ها هم لاجئو العراق تم استهدافهم وتشتيتيهم، ومخيمات سوريا تم استهدفها وتهجير سكانها من جديد على اكثر من خمسين دولة، وها هي مخيمات لبنان المستهدفة وتشهد بعضها اشتباكات، ما كان هذا ليحصل لولا تقاعس هذه القيادة التي تراجع اهتمامها بالمخيمات وحق العودة، هذا لسان حالها وما تقوله، ماذا بنا ان نعمل؟ فلا باليد حيلة وقدرة، هل هذا الموقف مقنع فعلا لشعبنا؟ تعلمنا بصفوف الثورة ومن مدرستها ان المخيم خطا احمرا، وان استهدافه وتصفيته هو تصفية القضية الفلسطينية لصفته الاعتبارية، فهل يجوز ان يبقى المخيم مستهدف وقيادة ساكته غاصة بنومها؟
لا يمكن لهذا الكيان ان يسمح لقيادة بالعودة الى غزة واريحا اولا من اجل تحقيق جزءا من اهداف شعبنا، فهو ليس احتلال دولة لدولة، وانما استيطان قائم على اقتلاع شعبا من ارضه ناكرا عليه وجوده، الكيان الصهيوني ليس كيانا عاديا وانما استثنائيا، مرتبطا بالنظام الراسمالي، هو جزءا من مشروع صهيوني، قائم على التوسع، تلتزم الدول الراسمالية الغربية بوجوده وأمنه وتسلحه باحدث الأسلحة ليمارس وظيفته الموكله له.
عرفنا منظمة التحرير الفلسطينية بأن القرار بها كان يصنع من فوهة البندقية من اجل التحرير وحماية قضيتنا من التبديد والضياع، وكانت البندقية هي التي ترسم وتحدد طبيعة السياسة التي يجب ممارستها للمرحلة المقبلة، والتي كانت الجماهير تشكل حماية لها، فكيف الحال اليوم اذا كانت القيادة المهيمنة ترفض البندقية والكفاح المسلح وتعمل على تصفيته بالضفة والقطاع خدمة ودفاعا عن امن الكيان الصهيوني من خلال ما يسمى التنسيق الامني؟
اسقاط هذه القيادة ضرورة ملحة، وخلق قيادة بديلة وثورية ايضا هي اكثر من ضرورية، ولكن كيف؟ هل هناك اطرافا فلسطينية اخرى داخل منظمة التحرير الفلسطينية لديها المقدرة على اعلان الكفاح المسلح وتفعيل العمل الفدائي؟ ام الاكتفاء بانتفاضة الداخل التي تتميزت بعمليات الطعن والدهس التي تربك العدو باستمرار؟
ان اسقاط القيادة المتربعة على رأس الهرم يجب ان يقابلها فعلا حقيقيا من الداخل والخارج، يولد حالة ثورية توافق عليها قطاعات واسعة من جماهير شعبنا الفلسطيني، تشكل له احتضان وحماية، برنامج سياسي ونضالي وترسيخ كل امكانيات شعبنا من اجل معركة التحرير، فإذا بإمكان شعبنا بالشتات ان يحشد الالاف بمؤتمرات، هل لديه القدرة لحشد الالاف امام سفارات العدو مطالبا بحق العودة الى وطنه؟ هل بامكانه ان يحشد الالاف ايضا امام مقرات الامم المتحدة للمطالبة بحقوقه بفلسطين؟ فاسقاط هذه القيادة هي بحاجة الى فعل ثوري حقيقي مرافقا لنضالات شعبنا بالداخل، تساهم بتصعيد نضالاتهم وتطويرها وان يوفر الشتات لهم كل مقومات الدعم والصمود والتصدي والحماية، مع خلق اشكال نضالية اخرى وتطوير القائمة، هكذا بإمكاننا ان نعيد الاعتبار الى منظمة التحرير الفلسطينية وخلق قيادة بديلة قادرة على مواصلة المسيرة الثورية على طريق التحرير والعودة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار