دروس جديدة قدمتها قوى المقاومة الفلسطينية للعالم أجمع

لم تشهد بقعة من الأرض، أكثر مما شهدته فلسطين في حجم المآسي والمجازر والتشريد والتهجير القسري ، وتقديم القرابين تلو القرابين على أيدي الصهاينة السفاحين .
لقد استمر الصراع مع العصابات الصهيونية لأكثر من سبعة عقود يُدال للصهاينة على الفلسطينيين ، ويُدال لهم على الصهاينة حتى قيض الله للفلسطينيين تغيير فنون المواجهة وقواعدها وأساليبها بمساعدة أكثر من حليف وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لقد كان بعض أولي القربى آنذاك يتحدث ساخراً عن صواريخ غزة ويصفها بالألعاب والمفرقعات النارية ، لكن نسى ذلك الرهط ان طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة ، وإن المقاومين كان لديهم العزم والإرادة والتصميم في الوصول إلى الأهداف المنشودة .
لقد شقت المقاومة طريقها الصعب ، ووصلت إلى بعض اهدافها في إمتلاك بعض أسباب القوة على الرغم من تظاهر أغلب دول العالم عليها .
لقد كانت صواريخ المقاومة الفلسطينية في بداية أوانها تسبح في السماء منفردة، وربما ضلت طريقها إلى الهدف ، لكنها اليوم تنطلق وتتجه صوب أهدافها بدقة ، بل أكثر من ذلك أن صواريخ المقاومة في بداية مشوارها كانت بدائية المظهر وقصيرة القامة والمسافة ، أما اليوم فهي طويلة القامة وبعيدة المسافة ودقيقة، وحسبنا ان نشير إلى( صاروخ عيّاش)والذي يصل مداه اليوم لأكثر من ٢٥٠كم وله قوة تدميرية كبيرة ، وقد أصاب هذا الصاروخ مطار رامون جنوب فلسطين دون أن تدركه القبب الحديدية للصهاينة.
لقد كانت صواريخ غزة سابقاٌ تنطلق منفردة وهائمة ، لكنها اليوم تنطلق برشقات متتالية وتعانق اهدافها حتى لو كانت في قرى محصنة أو من وراء جدر ، وقد أطلقت قوى المقاومة منذ يوم الإثنين الماضي وحتى اليوم الخميس نحو (١.٥)ألف صاروخ .
لقد كشفت صواريخ المقاومة بعد أن شقت طريقها بسلام نحو اهدافها؛ كذب الدعاية الصهيونية حول قدرة القبة الحديدية على صيد اهدافها ، وقد أشار( يونا جيرمي بوب) محلل الشؤون الاستخباراتية في ( جيروزاليم بوست) في مقال له يوم الاربعاء بأن( القبة الحديدية كانت دائماً تعاني من نقاط ضعف) ، وهو مايشير إلى مدى الاختراق الذي احدثته صواريخ المقاومة في تلك المنظومة الدفاعية خلال فترة وجيزة .
لقد كانت المقاومة في فلسطين في موقع الدفاع ، لكنها اليوم في موقع الهجوم ، حيث جعلت من العدو يداوم على ورده في إطلاق صفارات الانذار ، ليسرعوا بكتل بشرية مذعورة للإحتماء بالملاجيء ( وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم ).
لقد إعترف يائير لابيد ( المكلف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة) امس الخميس ، ان ما يحدث الآن في المنطقة هو فقدان السيطرة .
اليوم أصبحت اليد العليا للمقاومة الفلسطينية وترفض الوساطتين المصرية والقطرية في إنقاذ ماء وجه الاسرائليين ، وتغيرت الموازين عن ذي قبل .
الجديد اليوم هو ان المقاومة الفلسطينية ومعها الشعب الفلسطيني اصبحت عبارة عن كتلة واحدة كأنهم بنيان مرصوص في مواجهة العدو الصهيوني ؛ وقد أشار أبو عبيدة الناطق بإسم كتائب القسام إلى هذه النقطة وقال ( ان مايميز هذه المعركة هو تكاتف شعبنا في كل الساحات وإجماعه على خيار المقاومة ).
لقد إتحد الداخل الفلسطيني في الوقوف مع المقاومة ،فيما تفكك الداخل الإسرائيلي حيث تجري صراعات في جبهة العدو الداخلية بين الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين ، وبين قطعان المستوطنين الصهاينة .
نعم في الوقت الذي تنطلق فيه الصواريخ بالعشرات نحو ابنية الدولة الإرهابية وقواعدها ، تنطلق الإنتفاضة الفلسطينية في القدس وحي الشيخ جراح وتتضامن معها أيضاً الحشود في يافا وحيفا ،وأم الفحم ، والناصرة، وبئر السبع ، واللد والرملة وعكا وطبريا ضد الصهاينة .
الجديد الذي كشفته المقاومة في معركتها الحالية هو أن صواريخها تطال كامل التراب الفلسطيني ولا تقتصر على منطقة أو مناطق عمليات محددة ، وقد أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس عن استهداف تل أبيب ، وبئر السبع ونتيفوت وقاعدة تل نوف وقاعدة نيفاتيم برشقات صاروخية.
كما أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي عن استهداف منصة القبة الحديدية في منطقة نير اسحاق بعدة صليات صاروخية.
الجديد الذي كشفت عنه المقاومة هو امتلاكها لصواريخ( كورنيت) وهي صواريخ مضادة للدبابات والمركبات المصفحة وتدمير التحصينات العسكرية وحتى طائرات الهليكوبتر وتستطيع اختراق الدروع السميكة بسهولة ، ففي يوم الاحد الماضي تم استهداف سيارة إسرائيلية بواحدة منها قرب حدود غزة ، وفي يوم الأربعاء تم استهداف سيارة دفع رباعي وأسفر ذلك عن قتل وجرح من فيها، وأظن أن اسرائيل فهمت الرسالة وستواجه نفس المصير الذي واجهته دبابات الميركافا في جنوب لبنان وليس هذا فحسب ، بل ان الناطق بإسم كتائب القسام قد أشار إلى وجود أسلحة أخرى بقوله ( لدينا المزيد وفي جعبتنا الكثير ممايسركم ويرفع رؤوسكم ويجعلكم تفخرون أمام العالم بمقاومتكم).
لقد كشفت المقاومة الفلسطينية أنها هي صاحبة الكلمة العليا وأنها صلبة وقوية أمام اعدائها، وأن اسرائيل لا تملك سوى الاستعانة بحلفائها من أجل إيقاف تدهور الأوضاع في جبهتها الداخلية ، وسيعلم الصهاينة اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمقاومة وأهلها.
د.محمد العبادي |

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار