مليارات الدولارات خسائر..”إسرائيل” تدفع ثمن حرب غزة من دم اقتصادها

مليارات الدولارات خسائر..”إسرائيل” تدفع ثمن حرب غزة من دم اقتصادها

 

أشارت تقديرات البنك الإسرائيلي إلى أنّ المواجهات السابقة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية لم توقف عجلة الاقتصاد كما فعلت الحرب الجارية، التي استدعى خلالها الجيش الإسرائيلي 300 ألف جندي احتياطي، ما يعطّل اقتصاد إسرائيل بالكامل من سياحة وحركة مطارات.

تُقدّر خسائر الاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب على قطاع غزة بمليارات الدولارات، وبحسب تحليل أنجزه مصرف “هبوعليم”، وهو أحد أكبر بنوك إسرائيل، فإنّ حجم هذه الخسائر قد يناهز منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع 27 مليار شيكل، أي ما يصل إلى نحو 6.8 مليار دولار.

 

واستندتْ توقعات البنك لخسائر الاقتصاد الإسرائيلي إلى ما تكبَّده في حرب لبنان الثانية عام 2006، بحسب بيانات معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، التي أشارت إلى أنّه خسر نحو 2.4 مليار دولار (9.4 مليار شيكل)، خلال الحرب التي دامت 34 يوماً.

 

وقدّر البنك الإسرائيلي ذاته خسائر العملية الإسرائيلية المسماة “الرصاص المصبوب”، التي شنَّتها إسرائيل ضدّ الفلسطينيين في ديسمبر/كانون الأول عام 2008، بنحو 835 مليون دولار، أي ما يعادل 3.3 مليار شيكل إسرائيلي.

 

كارثة مُركَّبة

 

أشارت تقديرات البنك الإسرائيلي إلى أنّ المواجهات السابقة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية لم توقف عجلة الاقتصاد كما فعلت الحرب الجارية، التي استدعى خلالها الجيش الإسرائيلي 300 ألف جندي احتياطي، ما يعطّل اقتصاد إسرائيل بالكامل من سياحة وحركة مطارات ونقل.

 

ويرى الخبير الاقتصادي عادل عامر أنّ “اقتصاد إسرائيل يواجه كارثة هي الأكبر في تاريخه، فالسياحة متوقّفة، بينما يزيد الإنفاق على النواحي العسكرية، فضلاً عن التعطّل الذي يصيب الدولة بسبب غياب العمال عن وظائفهم بعد استدعائهم للخدمة في الجيش الإسرائيلي”.

 

ويُشير عامر في حديثه مع TRT عربي، إلى أنّ الاقتصاد الإسرائيلي كان في أزمة أصلاً؛ بسبب الصراعات السياسية الداخلية وإقرار قانون يقلّص صلاحيات المحكمة العليا في إسرائيل.

 

ويوضّح الخبير الاقتصادي أنّ حرب غزة الجارية “جاءت لتصيب قلب الاقتصاد الإسرائيلي بالتوقف، فالكارثة صارت مُركَّبة، وهو ما تؤكده تحذيرات وكالة موديز من أنّها قد تخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل بسبب حربها مع حماس”.

 

وفي يوليو/تموز الماضي، قالت وكالة موديز إنّ التوترات السياسية داخل الساحة الإسرائيلية بعد إقرار قانون الحدّ من سُلطات المحكمة العليا، “ستكون لها عواقب سلبية على الوضعين الاقتصادي والأمني لإسرائيل”.

 

غموض اقتصادي

 

من جهته يبيّن الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، قائلاً: إنّ “صندوق النقد الدولي أعلن توقعاته بخصوص حالة عدم يقين جديدة؛ بسبب المواجهة التي تحدث في الأراضي الفلسطينية”.

 

ويلفت عبد المطلب في حديثه مع TRT عربي، إلى أنّ اقتصاد إسرائيل سيتأثر بالطبع بصورة مهولة؛ بسبب ما جرى من هجوم ضدها أولاً عبر المقاومة الفلسطينية، ثم بعد ذلك ردّها العنيف عبر إعلانها الحرب على غزة بذريعة إنهاء وجود حماس في القطاع.

 

وتسبَّبت هذه الحرب “بخسائر ضخمة لاقتصاد الاحتلال، قُدّرت داخلياً بزيادة العجز بما لا يقل عن 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في العام المقبل، لتصبح الخسارة الأعلى منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 أمام الجيش المصري”، وفق عبد المطلب.

 

ويتوقّع الخبير الاقتصادي زيادة في الدين العام وتباطؤ نشاط الاقتصاد الإسرائيلي وتراجع القوة الشرائية للإسرائيليين والاستثمارات، وخصوصاً مع إطالة أمد الحرب في حال فتح جبهات أخرى على حدود إسرائيل.

 

وكانت شركة (CEIC Data) المختصة في تحليل اقتصادات دول العالم، قدّرت ديون إسرائيل بـ294.7 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2022، مقارنةً بـ335.7 مليار دولار في عام 2021، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق.

 

يعود عبد المطلب ليقول إنّ سعر الشيكل الإسرائيلي تأثر بوقوع الحرب، وتراجع أمام الدولار، رغم تدخل بنك إسرائيل المركزي لدعم العملة المحلية بنحو 30 مليار دولار.

 

ويؤكد الخبير الاقتصادي أنّ تراجع العملة سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، أما إذا طال الصراع فإنّ التوقعات تشير إلى شلل النشاط الاقتصادي وتعطيل الصناعة المحلية.

 

وأمام هذه الأزمة الاقتصادية والعسكرية لإسرائيل، يسارع الحليف الأمريكي بمدّ يد العون لها، إذ أظهر بايدن خلال زيارته لإسرائيل دعماً تاماً، مؤكداً أنّه “صُلب كالصخر” و”راسخ”، وأنّ الأمريكيين “لن يخفقوا أبداً في دعمهم إسرائيل”.

 

وأعقب هذا طلبٌ من الرئيس الأمريكي للكونغرس بالموافقة على تمويل عاجل لمساعدة إسرائيل بـ14 مليار دولار، معظمها مخصّص لدعم أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي ومشتريات الأسلحة الأخرى.

 

خسائر في قطاعات عدّة

 

بعد عملية “طوفان الأقصى”، ألغت شركات طيران دولية رحلاتها إلى تل أبيب، كما أُلغيت حجوزات فنادق، وفرّ السيّاح، وانقطعت الكهرباء عن مستوطنات الجنوب.

 

وبلغت خسائر البورصة أكثر من 6% بعد يوم واحد فقط من اندلاع الحرب، كما أغلقت أغلبية المتاجر داخل إسرائيل، وانخفضت أسعار السندات الحكومية بنسبة تصل إلى 3%.

 

هذه الأرقام تشير بحسب الخبير الاقتصادي عبد الرحمن عليان، إلى أنّ الحرب على غزة ستؤدي إلى الإضرار بمقومات اقتصادية حيوية لإسرائيل، تُضاف إلى خسائر الجنود والعتاد، مثل البُنية الأساسية وأسعار الطاقة؛ نتيجة كثافة الاستهلاك المحلي خلال الصراعات العسكرية بشكل عام.

 

ويضيف عليان في حديثه مع TRT عربي، أنّ السياحة في إسرائيل تُعدُّ جانباً مهماً في الناتج المحلي الإجمالي، لأنّها تضمّ نسبة كبيرة من الوظائف والتشغيل، لافتاً إلى أنّ هذا القطاع توقف تماماً أمام تحذيرات الدول بالذهاب إلى إسرائيل وأمام اندلاع حرب أعلنتها إسرائيل بنفسها.

 

ويُؤكّد أنّ هذا النوع من القطاعات الاقتصادية يأخذ وقتاً طويلاً ليعود إلى مرحلة التعافي، هذا إذا انتهت تداعيات الحرب سريعاً، وهو ما لا تبدو له أي ملامح في الأفق.

 

 

ويشير عليان إلى أنّ بورصة تل أبيب تهاوت منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” بنحو 10% من قيمتها السوقية، كذلك تراجعت العملة المحلية إلى أدنى مستوى لها خلال 8 سنوات ماضية، ليكون الدولار الواحد بـ3.98 شيكل.

 

ويلفت إلى أنّه كلما طال أمد الحرب وكذا نوعية المواجهة، زادت الأعباء الاقتصادية على العملة المحلية والنشاط الاقتصادي على العموم لمصلحة المواجهات العسكرية التي ستتصدّر أوجه الإنفاق الحكومي.

 

ويشدّد عليان على أن التداعيات الاقتصادية للحرب على غزة ذات تكلفة كبيرة على إسرائيل، وربما تفوق خسائر الجنود والموقف الإستراتيجي والعسكري، مؤكداً أنّ أي حرب في أي منطقة في العالم تؤثر بصورة كبيرة في أداء الاقتصاد الدولي كله، وبالتبعية ينسحب هذا على اقتصاد كل دولة حسب إمكاناتها.

 

وفي حال تواصلت الحرب لأشهر عدّة، فإنّ سوق المال في إسرائيل ستتراجع بصورة كبيرة للغاية، وفق عليان، الذي يقدّر أنّها “قد تهوي ويسقط معها الشيكل أمام الدولار أكثر مما جرى”.

 

ويلفت إلى أنّ هذه التوقعات السلبية أغلبها يأتي من تقديرات إسرائيلية، مضيفاً أنّ “المساعدات الأمريكية المرتقبة لن تُصبَّ في خانة الاقتصاد الإسرائيلي، بقدر ما ستدعم الجيش في عمليّاته العسكرية في مواجهة المقاومة”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار