“ممر”السلام”الأمريكي الإقليمي” يشطب القضية الفلسطينية دولة ووجود..!

“ممر”السلام”الأمريكي الإقليمي” يشطب القضية الفلسطينية دولة ووجود..!

 

كتب حسن عصفور – أمد

خلال قمة العشرين المنعقدة بنيودلهي العاصمة الهندية سبتمبر 2023، أعلن الرئيس الأمريكي عن مشروع كان يعرف إعلاميا بـ “الحزام والطريق”، قبل أن يستبدل بتعبير ممر “الاندماج الإقليمي”، لمد خطوط سكك حديدية، وإنشاء بنية تحتية وخطوط شحن بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وإسرائيل.

بعيدا عن “الأهداف الحقيقية” التي يسعى اليها ذلك المشروع الأمريكي، تجاه الشقيقة مصر وقناة السويس، وهل سيرى النور حقا ومتى أم يبقى ضمن “أحلام الهيمنة الأمريكية ويلقى مصير مشروع أوباما لـ “الشرق الأوسط الكبير” الذي أطاحت به شعوب رفضت العبودية والتبعية بأدواتها الغادرة، فتلك مسائل لها حسابات أخرى، لكن القضية الجوهرية التي يمكن ملاحظتها، أن ذلك المشروع، قام بعملية شطب كامل لفلسطين الدولة والوجود، مكتفيا بالإشارة الى الأردن وإسرائيل، وهو ما يمثل موقفا سياسيا، لا يتعلق بجانب مهني وفني.

وكي لا يقال إنه لا يوجد دولة فلسطينية مستقلة حاليا، ويمكن لها في حال التكوين السيادي، ويبقى الباب مفتوحا لعضويتها، ولكن المشروع بذاته يحتاج سنوات طويلة، فيما لو بدأ من حيث المبدأ، ولا يقف عن محاولة ترويجية لغايات أخرى، أو خلق قنوان بديلة لنشاطات تعاون إقليمي تشرعن الوجود الإسرائيلي بها، بعيد عن ضغط غضب شعبي قد يحدث في لحظة ما، ضمن شبكة “إغراءات خاصة”.

شطب عضوية فلسطين، دولة وجغرافيا، هو استجابة سياسية للموقف الأمريكي – الإسرائيلي، وبالتالي لم يكن تأجيلا لم سيكون ما بعد التكوين، فلو الأمر مرتبط بواقع الكيانية الفلسطينية، فغالبية دول العالم تتعامل معها كدولة معترف بها، وعددها ربما يزيد عن المعترفين بدولة الكيان، الى جانب أنها كيانية قائمة لها ممثلين وهناك ممثلين بها من مختلف دول العالم، لو أن المسألة مرتبطة بتعريف الهوية والكيانية.

الخطورة في إعلان “المشروع الإقليمي” بمشاركة إسرائيل، العربية السعودية مع الأردن والإمارات، أنه سيكون مؤشرا لملامح سياسية جديدة ربما يتم فرضها:

فلسطين لم تعد ذات قيمة سياسية، ومن الممكن القفز عنها، لترسيخ “تعاون متعدد المظاهر”.

محاصرة مسبقة لقرار رسمي بإعلان فلسطين دولة الاحتلال، والذهاب لمجلس الأمن من أجل المطالبة بالحماية الدولية وفقا للبند السابع لميثاق الأمم المتحدة.

محاصرة البعد الاستقلالي لدولة فلسطين، وفرض رؤية خاصة تعيد وضعها تحت “وصاية مركبة”.

منح العربية السعودية ورقة مضافة للمضي بمشروع التطبيع مع دولة الكيان، بالضغط على الرسمية الفلسطينية، إما قبول ما سيكون “ثمنا خاصا” أو يتم تجاوزها بآلية جديدة.

تأكيد أن الانقسام أصبح أداة عملية لتمرير كل المشاريع الالتفافية لمحاصرة الكيانية الفلسطينية المؤسسة مايو 1994، وأن الحالة الانفصالية في قطاع غزة بقيادة حماس، وارتعاش الرسمية الفلسطينية والرئيس عباس في عدم تطبيق قرارات فك الارتباط بدولة الكيان، أصبح قاطرة الالتفاف العملي لتلك الأهداف التي لم تعد سرية.

رسالة مباشرة، أن الكفاحية الفلسطينية في أدنى حالتها، لم يعد تأثير للترهيب السياسي الذي يجب أن يكون حاضرا، كي لا تعود “ريما السياسية الى عادتها السياسية” ما قبل انطلاقة الثورة المعاصرة، وتأسيس الكيان الأول في التاريخ فوق أرض فلسطين.

ولذا، وسريعا جدا، على الرئيس محمود عباس القيام بخطوات دون تأخير أو تردد منها:

ـ سحب وفده من الرياض للتشاور حول المسألة قيد النقاش.

ـ فورا الرد بسحب الاعتراف المتبادل بدولة الكيان الى حين اعترافها بدولة فلسطين.

ـ دعوة الأردن بشكل عاجل لعقد “اللجنة العليا” بين دولتي فلسطين والأردن، التي تشكلت عام 2012 بعد قرار 19/67 في الأمم المتحدة، لبحث آثار الموافقة الأردنية ومخاطرها.

ـ توجيه رسالة سريعة الى جامعة الدول العربية لعقد لقاء وزاري فوري لبحث المشروع وانعكاساته السياسية على القضية الوطنية.

ـ فتح آلية تنسيق مباشرة مع الشقيقة مصر، بحكم مركزية دورها، وأيضا بحكم أنها ضمن المستهدفين من ذلك المشروع خاصة قناة السويس.

ـ رسالة الى السكرتاريا العامة للأمم المتحدة تسجل موقف فلسطين من ذلك المشروع.

وقبل أن يقال “فاتت الجمعة في مؤخرة الرسمية الفلسطينية”..عليها أن تتحرك بلا تأخير أو إبطاء لمواجهة مشروع شطب فلسطين الدولة والوجود..وإن عجزت لتختار لها مكانا غير مكانها.. وقضية غير القضية التي تحمل مسماها.

 

*المقالات التي تنشر تعبر عن رأي كاتبيها ..*

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار