جريمة حوارّة ارتُكِبت بدعمٍ رسميٍّ وهي رسالة الكيان للقادة العرب والسلطة…

جريمة حوارّة ارتُكِبت بدعمٍ رسميٍّ وهي رسالة الكيان للقادة العرب والسلطة…

بن غفير: تفاهمات العقبة تبقى بالأردن.. سموتريتش “اشترى” الجيش لضمّ الضفّة ونتنياهو معزول دوليًا

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
حاولت ماكينة الإعلام العبريّ الترويج بأنّ الجريمة التي نفّذها المئات من قطعان المُستوطنين ليلة أمس الأحد في قرية حوارة، المتاخمة لمدينة نابلس بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، نبعت من سوء تقدير الموقف من قبل القيادة الوسطى في جيش الاحتلال، وهي المسؤولة عسكريًا عن الضفّة الغربيّة المُحتلّة، بيد أنّ هذه الرواية بعيدة جدًا عن الواقع والصدق والمصداقية وتندرِج في إطار الأكاذيب الإسرائيليّة التي تعمل دولة الاحتلال على ترويجها للرأي العّام العالميّ في مسعىً لإظهار نفسها بأنّها الضحية وليس الجلّاد.
جريمة حوارّة، التي ترتقي لجريمة حربٍ وجريمةٍ ضدّ الإنسانيّة، كانت متوقعةً وهي عمليًا تحصيل حاصل، إذْ أنّه بعد تنفيذ المُقاوِم الفلسطينيّ عمليته التي أسفرت عن مقتل مُستوطنيْن، أحدهما ضابط في جيش الاحتلال، أعلن المُستوطنون أنّهم سيقومون في الساعة السادسة مساءً من يوم أمس الأحد بعملياتٍ انتقاميّةٍ ضدّ الفلسطينيين العُزّل، وعلى الرغم من أنّ العنوان كان مكتوبًا بحروفٍ كبيرةٍ على الجدران، لم “يُحضِّر” جيش الاحتلال نفسه للمُواجهة، بل ترك سوائب المُستوطنين يُنفّذون جريمتهم دون التدّخل، زاعمًا أنّ قوّاته كانت مشغولةً في مطاردة منفّذ عملية حوارة، وهو عذرٌ أقبح من ذنبٍ.
ولكن، وعلى الرغم من تطوّع الإعلام العبريّ لصالح الرواية الرسميّة لجيش الاحتلال، برزت هنا وهناك تساؤلات عن أداء الجيش وقوّات الأمن الأخرى، إذْ استغرب عددٌ من الخبراء والمحللين ما جرى أمام أعينهم وطرحوا التساؤلات الصعبة، التي بقيت دون أجوبة، ومن المفيد التأكيد في هذا السياق أنّ استغراب الخبراء نابعٌ من أنّ الصور، التي كانت ترِد من البلدة الفلسطينيّة ستضع إسرائيل في ورطةٍ أمام الرأي العّام العالميّ، وأمام الإدارة الأمريكيّة التي بذلت جهودًا جبارّة، على حدّ زعمهم، من أجل تهدئة التوتّر الأمنيّ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة.
علاوةً على ما ذُكِر أعلاه، وَجَبَ التنويه بأنّ الحكومة الإسرائيليّة وجهت أمس عن طريق عدوان حوارّة الآثم رسالةً لحُكّام العرب، الذين شارك ممثلوهم في لقاء العقبة، وأيضًا لأولئك الذين لم يحضروا بأنّها عاقدة العزم على ارتكب جرائم تقشعرّ لها الأبدان ضدّ الفلسطينيين، أمّا بالنسبة للسلطة الفلسطينيّة في رام الله فالرسالة كانت أكثر وضوحًا: التنسيق الأمنيّ يجِبَ أنْ يستمِّر بحسب القواعد التي يضعها الإسرائيليّ والأمريكيّ فقط، دون “منح” السلطة التي يقودها محمود عبّاس، الآيلة للسقوط، أيّ إنجازٍ يُذكر، إنْ جاز التعبير.
وزير الأمن القوميّ الإسرائيليّ، الفاشيّ إيتمار بن غفير، وهو بنفسه يسكن في مستوطنة (كريات أربع) في الخليل، هو عمليًا الذي صاغ الرسالة للفلسطينيين والعرب والأمريكيين الذين اجتمعوا في العقبة: “تفاهمات الأردن، إنْ وُجِدَت، تبقى في الأردن”، غرّد الوزير على صفحته الرسميّة في (تويتر)، وعمليًا بن غفير اليوم هو “الحاكم بأمر الله” في دولة العنصريّة القائمة على ما يُسّمى كيان الفوقيّة اليهوديّة. ولماذا نجزِم؟ أولاً، لأنّ بن غفير، حصل في الميزانية التي أقرّتها الحكومة يوم الجمعة الماضي على زيادةٍ كبيرةٍ جدًا لوزارة الأمن القوميّ، في تطوّرٍ لم تشهده إسرائيل منذ إقامتها، وفق ما أكّده المحللون والخبراء في تل أبيب.
ثانيًا، أمس الأحد وقبيل انعقاد جلسة الحكومة الأسبوعيّة توجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للوزير بن غفير، وطلب منه عدم إدراج اقتراحه بفرض عقوبة الإعدام على (المُخرّبين) الفلسطينيين، ولكن بن غفير رفض التوجّه بشدّةٍ وأصرّ على إدراج القانون، وخضع نتنياهو للإملاء، وصادقت الحكومة الإسرائيليّة على مشروع القانون، وهو القانون الذي أكّدت جميع الأجهزة الأمنيّة في الكيان أنّه لن يردع (المخربين) عن طريقهم، لأنّ أغلبيتهم الساحقة يرون بأنفسهم مشاريع شهادة.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ وزير الماليّة الإسرائيليّ، المُستوطن بتساليئيل سموتريتش، وهو أيضًا وزير في وزارة الأمن أحكم سيطرته على الوزارة رغمًا عن أنف الوزير يوآف غالانط، وذلك بهدف نقل صلاحيات الأمن بالضفّة الغربيّة إليه، وهو الأمر الذي لم يكُنْ ساري المفعول منذ الاحتلال في عدوان 1967، وهذه الخطوة تعتبر بشكلٍ أوْ بآخرٍ “تاريخيّةً”، لأنّها عمليًا تُمهِّد الطريق لضمّ الضفّة الغربيّة لسيادة دولة الاحتلال الإسرائيليّ.
في الخلاصة، نتنياهو هو اليوم ليس كما كان بالأمس، فالرجل بات معزولاً دوليًا، وحتى دعوةً لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس جو بايدن لم يتلقاها، على الرغم من جهوده للحصول عليها، علمًا أنّ هذه الزيارة، وفق الأعراف الإسرائيليّة، هي الاعتراف الأمريكيّ الرسميّ بأيّ رئيسٍ للوزراء في الكيان، إذْ درجت العادة منذ إقامة الكيان وحتى اليوم على توجيه الدعوة الأمريكيّة لرئيس الوزراء الإسرائيليّ لزيارة واشنطن للحصول على صكّ البراءة. نتنياهو بات على استعدادٍ لدفع الثمن غاليًا للشركاء بالائتلاف من أجل عدم دخول السجن، لأنّ ما تُسّمى بخطّة إصلاح القضاء في إسرائيل هدفها الرئيسيّ إلغاء محاكمته بتهم تلقّي الرشاوى وخيانة الأمانة والنصب والاحتيال.ونتنياهو معزول دوليًا

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار