عملية تل الربيع هزمت إسرائيل في معركة الوعي…”الإعلام العبري جعل الجمهور يصاب بالهستريا”.. الشرطة والشاباك والجيش يُقدّمون شكوى ضد الإعلام..

*عملية تل الربيع هزمت إسرائيل في معركة الوعي…”الإعلام العبري جعل الجمهور يصاب بالهستريا”.. الشرطة والشاباك والجيش يُقدّمون شكوى ضد الإعلام..

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
في الوقت الذي تقوم فيه قوّات الاحتلال بعمليّةٍ عسكريّةٍ في مخيّم جنين، وفي الوقت الذي ارتفع عدد القتلى في عملية تل أبيب إلى ثلاثةٍ، لم يتمكّن الإسرائيليون من تمالك أعصابهم، وليلة أمس ارتفع الصراخ، ربّما على قدّ الوجع، كما يقول المثل في برنامج (أستوديو الجمعة)، في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، حيث قالت المُذيعة المُخضرمة، رينا ماتسليح للضيف بوعاز يسموت، السفير الإسرائيليّ الأسبق، والذي شغل حتى قبل شهر منصب رئيس تحرير صحيفة (يسرائيل هايوم)، قالت له بلغة الشارع: “أغلِق فمك” (سِد بوزك)، ليندلع “الاشتباك” داخل الأستوديو في أحد أكثر البرامج الإخباريّة الإسرائيليّة مشاهدةً.
والواقعة أعلاه هي غيضٌ من فيضّ: فقد أكّد الإعلام العبريّ بعد مرور يوميْن على عملية تل أبيب، أكّد أنّ إسرائيل خسِرت مرّةً أخرى في المعركة على كيّ الوعي، وفي هذا السياق، كان لافِتًا للغاية أنّ الجيش والشرطة وجهاز الشاباك، قدّموا شكوى رسميّة إلى السلطات ذات الصلة في دولة الاحتلال ضدّ قنوات التلفزة العبريّة، لأنّها كشفت هويات وشخصيات عناصر وضباط الوحدات الخاصة أمام وسائل الإعلام وكاميرات الصحفيين، بل وعموم الإسرائيليين، لأنه بعد وقت قصير من الهجوم في تل أبيب، هرعت مجموعة متنوعة من الوحدات الخاصة في الجيش وجهاز الشاباك والشرطة إلى مكان العملية، ما قدّم هدية مجانيّة للأعداء، وفق ما أكّدته المصادر الإسرائيليّة.
في السياق عينه، لفتت العديد من المحافل الأمنية والاستخبارية الإسرائيليّة عمّا اعتبرته بثًا مباشرًا في النشرات الإخبارية بعد الهجوم الدامي في تل أبيب، بوصفه هستيريًا وتاريخيًا، لأنّه أصاب في مقتل الوحدات الخاصّة في الجيش، بسبب قناعتها بأنّها أحدثت ضررًا أمنيًا خطيرًا للغاية.
ليلاخ شوفال الخبيرة العسكرية زعمت في مقال بصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، ترجمته “عربي21″، أنه “بعد وقت قصير من هجوم تل أبيب، عندما اتضح أن المسلح كان لا يزال يتجول بحرية، تم استدعاء لأقوى الوحدات الخاصة في الجيش للمساعدة في البحث، وسرعة التدخل في الحالات القصوى المحتملة، مثل أخذ الرهائن، بمن فيها سرب الاستطلاع في هيئة الأركان العامة، شيلداغ، الوحدات الخاصة، على اعتبار أن من انتموا لتلك الوحدات باتت وجوههم مكشوفة أمام قنوات التلفزيون، ما يعني أنها أذاعت ما هو ليس أقل من سر دولة، ويبذل الجيش والمخابرات جهودا كبيرة لإخفائه”.
وأضافت أن “هذه الوحدات تعرف ما تملكه الوحدات الأخرى، لأنها سرية للغاية، لكننا فجأة رأينا كل شيء على الهواء مباشرة، وهذا ببساطة خروج على القانون، فالعدو يتعلم، وهذا يتطلب من هذه الوحدات إجراء تغييرات سريعة في وسائلها، ورغم أن أفواه الإسرائيليين تبقى مغلقة، لكن في النهاية فإن الإعلام يحرق كل شيء”.
البروفيسور بوعاز غانور المدير العام لمعهد سياسة مكافحة الإرهاب في جامعة ريخمان، أكد في مقال بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أنّ “الفوضى في إدارة الساحة الأمنية في تل أبيب، والخطاب الأمني الفاشل، إضافة لانتشار الصحفيين المثيرين وغير المسؤولين، كل ذلك أدى لزيادة القلق العام، وتحويل الهجوم التكتيكي إلى حدث استراتيجي، ما مثل هدية مجانية للقوى المعادية التي تحاول الحصول على كل معلومة أمنية عن القوات الإسرائيلية الخاصة”.
المُحلِّل الإسرائيليّ روغل إلفر، قال في صحيفة (هآرتس) العبريّة إنّ البثّ الذي قامت به وسائل الإعلام المُختلفة حول مطاردة منفّذ العملية كان عملاً إرهابيًا ضدّ الوعي، وخصوصًا لأنّه تميّز بالحلة من الهستيريا، على حدّ وصفه.
وأضاف: “نحن أمام نجاح تكتيكي للعمليات الفلسطينية، وفشل استراتيجي لوسائل الإعلام الإسرائيلية، لقد كنا في مواجهة تهديد مسلح وحيد، يحمل بندقية واحدة، وربما عدة خراطيش، وفي ظاهر الأمر لم تكن مهمة صعبة بشكل خاص، لكن واحدة من الثغرات التي لا حصر لها أن المسلح وصل إلى مركز ترفيه مزدحم، أخرج مسدسه، وأطلق النار، وأسفر عن هذه النتيجة المأساوية، ومع ذلك، فقد تسبب الإعلام الإسرائيلي بشعور الجمهور بأنهم في قلق وجودي، أثر على عشرات الآلاف من سكان تل أبيب، ومئات الآلاف من أسرهم على شاشات التلفزيون”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار