جمال عبد الناصر..في ذكرى ميلاده .. شخصية عـالمية لا تُنسى

0

المستشار رشيد موعد
نستحضر هذه الأيام ذكرى ميلاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر المصادف يوم 15/1 من كل عام، ونحن بحاجة ماسة لمثل هذا الرجل القائد في يوم استعصت الرجولة على النهوض، لترقى إلى مستوى القيادة..
في زمن عربي رديء قلّت الرجال فيه، والبطولة.. ذاك الزعيم الخالد، نستحضر ذكرى ميلاده المصادف 15/1/1918.. ولد في مدينة الاسكندرية وهو الابن الأكبر لأسرة عربية مصرية من عامة الشعب، إذ كان والده موظفاً صغيراً في مصلحة البريد بقرية الخطاطبة الواقعة بين القاهرة والاسكندرية، وتنتمي أسرته إلى بني مر في صعيد مصر.
بدأ الرئيس عبد الناصر تعليمه في مدرسة القرية، ثم انتقل إلى الاسكندرية، ولكن اشتراكه في مظاهرات عام 1933 كان السبب في توجهه إلى القاهرة حيث نال الشهادة الثانوية، بعدها التحق بالكلية الحربية مع عدد من رفاقه، وسرعان ماظهر تفوقه الثقافي والعسكري على أقرانه، فحصل على رتبة ضابط، وعين بسلاح المشاة، وحصل عبد الناصر على رتبة نقيب «يوزباشي» عام 1943.
والتحق بحرب فلسطين بعد أن رفّع إلى رتبة رائد «صاغ» عام 1948، ثم منح رتبة مقدم «بكباشي».
قاد عبد الناصر ثورة الضباط الأحرار التي قضت على الملكية في مصر وأعلنت الجمهورية يوم 23 تموز 1952. وقد أصبح الرجل الأول بعد الثورة، بعدها تقلد عدة مناصب: نائب رئيس الوزارة، وزير الداخلية عام 1953 ورئيس وزارة عام 1954 ومن ثم رئيس جمهورية مصر عام 1956.
وبعد قيام الوحدة بين سورية ومصر بتاريخ 22 شباط 1958 آثر على نفسه -وتكريماً لسورية وشعب سورية ورئيسها- أن يحضر إلى دمشق مع أركان الدولة ويعلن هذه الوحدة من قصر الضيافة، بحضور حشود كبيرة من الشعبين السوري والمصري الذين قدموا إلى دمشق من المحافظات كلها، لكن أيادي الانفصاليين عبثت بهذه الوحدة فانتكست، وأعلن الانفصال بين سورية ومصر يوم 28/9/1961.
لم يلغ الرئيس عبد الناصر اسم «الجمهورية العربية المتحدة» التي أعلنت بعد الوحدة مع دمشق، وبقي هذا الاسم يطلق على مصر حتى وفاته عام 1970. وشاءت الأقدار أن يكون يوم وفاته اليوم ذاته الذي جرى فيه الانفصال وهو 28 أيلول..
استطاع الرئيس جمال عبد الناصر – خلال فترة حكمه- أن يقوم بكثير من الأعمال أهمها:
1- إلغاء الملكية
2- إعلان الجمهورية
3- إبرام معاهدة الجلاء مع الإنكليز عام 1954
4- جلاء القوات البريطانية عن مصر عام 1956
5- تأميم قناة السويس بتاريخ 26/7/1956
6- إعلان دستور جمهورية مصر
7- وأخيراً التصدي للعدوان الثلاثي: بريطانيا- فرنسا- «إسرائيل» على مصر في تشرين الأول عام 1956 الذي انتهى بهزيمة المعتدين.
وتكريساً لزعامته الفذة والقيادية، فقد حضر العديد من المؤتمرات، وفي مقدمتها، مؤتمر «ناندونغ» عام 1955 في يوغسلافيا والمؤتمر الآسيوي – الإفريقي الذي أسفر من الناحية السياسية عن إعلان مبدأ «الحياد الإيجابي»، ثم تلاه قيام إعلان كتلة «عدم الانحياز» في مؤتمر بلغراد عام 1961. وقد أعلن بعد عودته من المؤتمر «كسر احتكار السلاح» وقد وصف جون فوستر دالاس وزير خارجية أمريكا آنذاك هذا الإجراء بأنه أخطر حدث دولي منذ حرب كوريا، بل منذ الحرب العالمية الثانية.
كما دعا الرئيس عبد الناصر إلى عقد مؤتمرات القمة العربية منذ عام 1964 من أجل تفعيل القضية الفلسطينية، واستمر في ذلك الدعم حتى وافته المنية وهو يودع آخر زعيم عربي حضر القمة عام 1970.
ومن الناحية الفكرية والسياسية، ألّف عبد الناصر عام 1954 كتاباً بعنوان «فلسفة الثورة» ويضم هذا الكتاب أهم المبادئ التي انطلقت منها أفكاره السياسية.. ومن ناحية التنظيمات السياسية أعلن تأسيس هيئة التحرير، والاتحاد القومي، والاتحاد الاشتراكي.
أما علاقته بالقضية الفلسطينية فتعود إلى فترة مبكرة من حياته السياسية، فبعد صدور قرار تقسيم فلسطين رقم 181 بتاريخ 29/11/1947 كانت وجهة نظر عبد الناصر ورفاقه، أن مايحدث في مصر ومايحدث في فلسطين، هو جزء من مخطط استعماري يستهدف الأمة العربية كلها، ولذلك استقر رأيهم، من أول اجتماع عقد للضباط الأحرار، بعد قرار التقسيم، على مساعدة المقاومة الفلسطينية بالانضمام إلى فرق المتطوعين التي بدأت تشكل في دمشق، وغيرها من المدن العربية، وذهب عبد الناصر لمقابلة مفتي فلسطين الحاج محمد أمين الحسيني الذي كان لاجئاً سياسياً في مصر، وعرض عليه خدمات الضباط المصريين الأحرار «كمدربين لفرق المتطوعين» وكمقاتلين معها، وعندما أنهت بريطانيا انتدابها على فلسطين، رأى الرئيس جمال عبد الناصر ورفاقه أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب.. ورأوا ماحدث في فلسطين انتهاك صارخ للعدالة الدولية وللكرامة الإنسانية.
خاض عبد الناصر غمار حرب فلسطين، وتردد اسمه في معارك أسدود والنقب وغيرها من المواقع، كما اكتسب شهرة في حصار الفالوجة، ومنح وسام النجمة العسكرية تقديراً لأعماله البطولية العسكرية.
وبعد أن اكتشف مخطط الأسلحة التي وردت إلى مصر وفسادها ودور السلطة الملكية فيها، حدد ورفاقه الضباط الأحرار بأن يكون القتال في القاهرة وليس في فلسطين، حيث إن الانتهازيين وعملاء الاستعمار يتاجرون بالقضية ويشترون الأسلحة الفاسدة للجيش المصري.
إذاً نستطيع القول: إن حرب فلسطين عام 1948 ومانجم عنها ساهمت في قيام ثورة 23 تموز عام 1952 في مصر.
أيّد عبد الناصر الثورة الفلسطينية المسلحة، وعدها أنبل ظاهرة في الأمة العربية، وجرى بإشرافه توقيع اتفاقية القاهرة عام 1969 بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية، واستطاع بتأييد من القوى العربية الثورية أن يهزم مشروع «أيزنهاور» الأمريكي، كما ساهم في محاولة إقامة وحدة عربية ثلاثية بين سورية ومصر والعراق عام 1963.
وكذلك معاهدة دفاع مشترك مع سورية التزم بالدفاع عنها بمواجهة «تهديدات إسرائيل».
وأثناء أحداث أيلول عام 1970 بين الأردن والمقاومة الفلسطينية دعا إلى مؤتمر قمة عربي استثنائي في القاهرة انتهى إلى عقد «اتفاقية القاهرة» بين منظمة التحرير والأردن.
توفي الرئيس جمال عبد الناصر بعد انتهاء مؤتمر القمة هذا مباشرة إثر سكتة قلبية يوم 28/9/1970 وشيع جثمانه الطاهر في أكبر حشد جماهيري ورسمي شهده الوطن العربي قدر

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار