المطران عطا الله حنا : ” داعش وغيرها من المنظمات الارهابية هي ادوات اوجدها الاستعمار بهدف تفكيك مجتمعاتنا العربية وتصفية القضية الفلسطينية “

0

المطران عطا الله حنا : ” داعش وغيرها من المنظمات الارهابية هي ادوات اوجدها الاستعمار بهدف تفكيك مجتمعاتنا العربية وتصفية القضية الفلسطينية ”
القدس ، عمان –

قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس بأن ما يسمى تنظيم داعش وغيره من المنظمات الارهابية الدموية الهمجية انما هي صنيعة استعمارية زرعها الاعداء في منطقتنا بهدف تفكيك مجتمعاتنا ونسف القيم التاريخية والحضارية والانسانية لبلداننا وطمس معالم الدولة الوطنية المدنية .
ان ظاهرة داعش وغيرها من المنظمات الارهابية التي نعتبرها خارجة عن السياق الانساني والحضاري انما هي ادوات مستعملة من قبل القوى العالمية الغربية بهدف تدمير مشرقنا العربي وتحويله الى طوائف ومذاهب متناحرة فيما بينها ، انها ظاهرة خطيرة تستهدف كافة مكونات امتنا العربية ووجب مواجهتها ومعالجتها بحكمة ومسؤولية ورصانة لان الهدف من هذه المنظمات هو تدمير كل شيء في منطقتنا واشاعة الفوضى الخلاقة واقامة الشرق الاوسط الجديد الذي بشرنا به بعض المسؤولين في الغرب .
انهم يريدون شرق اوسط جديد تسوده فقط ثقافة العنف والارهاب والقتل والموت ، يريدون شرق اوسط جديد خالي من المسيحيين ومن مكونات اخرى من المكونات الاساسية لامتنا ومشرقنا ، يريدون شرق اوسط جديد بلا حضارة وبلا ثقافة وبلا قيم انسانية واخلاقية .
ولكن هذه المنظمات الارهابية بمسمياتها والقابها واوصافها المتعددة وجدت لها حاضنة في بعض الاماكن في منطقتنا بسبب الجهل والتخلف والفقر والظلم والكبت اضافة الى خلل في المناهج التعليمية وفي التربية بشكل عام .
والسؤال المطروح ماذا يجب ان نفعل لمواجهة هذا الفكر الاقصائي الهمجي الدموي الذي يستهدف مشرقنا العربي بكافة مكوناته ، ما هو الحل لهذه الافة التي اوجدها الاعداء لنا والتي يغذيها بعض العرب بالمال والسلاح والتي وجدت لها ارض خصبة في بعض الاماكن ؟
هل يجب ان نكتفي ببيانات الشجب والاستنكار مع كل جريمة نسمع بها وكان اخرها ما حدث في القاهرة قبل ثلاثة ايام ؟ هل يكفي بأن نندد بداعش والارهاب والتطرف دون اخذ الاجراءات الضرورية والاستراتيجية الهادفة لمعالجة هذه الحالة التي لا علاقة لها بأية قيم انسانية او اخلاقية او روحية ؟
ان الحملات العسكرية والامنية والملاحقة الشرطية لوحدها لن تتمكن من القضاء على هذه الظاهرة بل هنالك حاجة ماسة لاتخاذ مبادرات خلاقة وقرارات حكيمة وجريئة لايقاف هذا الانهيار المأساوي الذي بدأ ينتشر في منطقتنا وفي مجتمعاتنا .
لقد اعلنا مرارا وتكرارا بأننا نرفض الارهاب بكافة اشكاله والوانه ونرفض العنصرية بكافة مسمياتها واوصافها ، كما اننا ندين ثقافة الرعب والموت والقتل والذبح التي يسعى الاعداء والمتواطئين معهم لادخالها الى مجتمعاتنا .
هنالك حاجة لاتخاذ قرارات استراتيجية سريعة منعا لهذا الانهيار الذي ستكون نتائجه وخيمة على كافة مكونات امتنا العربية .
المؤسسات الدينية الاسلامية والمسيحية يجب ان يكون لها دور في تكريس ثقافة التسامح الديني وقبول الاخر ونبذ التطرف والعنصرية والكراهية بكافة اشكالها والوانها ، ويجب ان نتحلى بالجرأة لكي نميط اللثام عن اولئك الذين يعطون غطاء دينيا وماليا لهذه المنظمات التي هدفها اشاعة الفوضى الخلاقة في منطقتنا .
اعداء امتنا العربية يخططون لتدميرنا وتصفية القضية الفلسطينية وتدمير مشرقنا العربي حضاريا وتاريخيا وانسانيا ولكن الاموال العربية النفطية تغدق بغزارة على هؤلاء الارهابيين حتى اننا بتنا نعتقد ان الثروة النفطية بدل من ان تكون مصدر خيرات وبركات على امتنا اصبحت مصدر وبال وخراب ودمار .
مئات المليارات من الدولارات التي اغدقت من اجل تدمير سوريا وتدمير العراق واليمن وليبيا وغيرها من الاماكن ، ولو ارسلت هذه الاموال الى فلسطين لتمكنا من تحريرها عشرة مرات واعادة بنائها والعمل على صمود ابنائها ، ولكن يبدو ان الاموال العربية النفطية هي ليست للعرب وانما هي في ايدي اعداء الامة العربية يستعملونها كما يشاءون من اجل الدمار والخراب والارهاب في منطقتنا.
المؤسسات التعليمية بكافة مستوياتها يجب ان يكون لها دور في مقاومة هذا المد الداعشي الذي بدأ يتغلغل في مجتمعاتنا كالسرطان الذي ينتشر في جسم المريض بهذا المرض .
المناهج التعليمية بحاجة الى اعادة صياغة لكي يكون لها دور في تربية الاجيال على ثقافة المحبة والاخوة واحترام الكرامة الانسانية ، ولا يستثنى من ذلك المنهاج الفلسطيني الذي يحتاج الى اعادة صياغة في بعض مواضعه وقد فوجئت قبل ايام عندما قرأت في احدى الكتب المدرسية في فلسطين من قال بأن المسيحية اتت الى فلسطين من اوروبا ، فيا له من تزوير للتاريخ واستهداف للثقافة الانسانية والوطنية .
اذا لم تكن عندنا الجرأة لتغيير مناهجنا التعليمية فإن اوضاعنا ستزداد سوءا واذا لم تكن عندنا الجرأة لكي نسمي الامور بمسمياتها فإننا سننتقل من كارثة الى كارثة ومن انتكاسة الى انتكاسة.
كيف يمكن لنا ان نحرر فلسطين وان نستعيد القدس ونحن في هذه الحالة من التفكك والتشرذم والتراجع الذي لا يستفيد منه الا اعداء امتنا العربية ، ان تحرير فلسطين يحتاج الى تحرير العقول اولا وقبل كل شيء من ثقافة التخلف والتعصب والكراهية والعنصرية والجاهلية.
من احب فلسطين ودافع عن قدسها ومقدساتها عليه ان تكون عنده الجرأة الكافية لمواجهة هذا التطرف الاعمى والارهاب الدموي وثقافة الكراهية والتحريض المذهبي التي يسعى البعض لاشاعتها في مجتمعنا العربي .
فلسطين لن تعود الى اصحابها من خلال الفكر التكفيري الظلامي وتفكيك وشرذمة مجتمعاتنا واثارة الفتن في صفوفنا وبين ظهرانينا ، فلسطين ستعود الى اصحابها بوحدتنا واخوتنا وتلاقينا وتمسكنا بقيمنا الانسانية والحضارية والروحية ، هؤلاء الارهابيون المجرمون القتلة لم يوجدوا من اجل تحرير فلسطين وليست فلسطين موجودة على اجندتهم بل هدفهم الاساسي مساعدة اولئك الذين يسعون لتصفية القضية الفلسطينية ، فهؤلاء هم الوجه الاخر للصهيونية وادوات مُسخرة في خدمة الاستعمار والقوى المعادية لامتنا والتي هدفها الاساسي انهاء القضية الفلسطينية وابتلاع القدس وتدمير وحدة الشعوب العربية لكي نتحول الى طوائف وقبائل متناحرة فيما بينها .
لن تقوم قائمة لهذه الامة الا بوحدة ابنائها ، وعلى كل المثقفين والمفكرين ورجال الدين وكل المخلصين لانتماءهم العروبي والانساني ان يعملوا معا وسويا من اجل النهوض من هذه الحالة التي وصلنا اليها والتي تستهدفنا جميعا بدون استثناء .
يجب معالجة حالات الفقر والجوع وغيرها من المظاهر الاجتماعية السلبية الموجودة في مجتمعاتنا فحيثما هنالك فقر وجوع وكبت وتخلف هناك تكون البيئة الحاضنة لهذه المنظمات الارهابية اللانسانية واللاحضارية .
هنالك حاجة لمبادرات خلاقة ويجب ان يصار اليها وبأسرع ما يمكن لكي نعالج هذه المظاهر السلبية التي تعصف بمجتمعاتنا .
لو استعملت الاموال العربية النفطية استعمالا جيدا خدمة للشعوب العربية لكنا اليوم في وضع افضل مما نحن فيه اليوم ، كان من المفترض ان تستعمل هذه الاموال من اجل تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية والحياتية في بلداننا ومن اجل النهوض بمجتمعاتنا ومعالجة افة البطالة وغيرها من الافات التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية ، ولكن ويا للاسف فإن هذه الاموال اصبحت مصدر وبال ودمار وخراب يستعملها الاعداء من اجل تمويل مشاريعهم الاستعمارية في منطقتنا.
قدم سيادته بعض الاقتراحات العملية لمعالجة ظاهرة التطرف والارهاب التي تعصف بمجتمعاتنا ، كما اختتم كلمته بتقديم التعزية للكنيسة الارثوذكسية القبطية وللشعب المصري كما ولكافة شعوب منطقتنا التي دفعت وما زالت تدفع ثمنا باهظا بسبب هذا الارهاب والعنف الممارس بحقنا .
وقد شارك سيادة المطران صباح اليوم في ندوة اقيمت في العاصمة الاردنية عمان حول كيفية مواجهة افة الارهاب والتطرف في مجتمعاتنا وذلك بمشاركة نخبة من المثقفين والاكاديميين والسياسيين ورجال الدين ، وقد خاطب سيادته المجتمعين من القدس عبر وسيلة الفيديو كونفرنس .

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار