سفينة الحياة .. حكاية مقاومة جسدت إرادة أمة تدافع عن سيادتها

سفينة الحياة .. حكاية مقاومة جسدت إرادة أمة تدافع عن سيادتها

رامز مصطفى: قدس نت

شكلت إطلالات سماحة السيد حسن نصر الله على الدوام الخطاب الفصل بما تضمنته من عناوين . ولكن في إطلالاته خلال إحياء ذكرى العاشر من محرم ، كانت من أهم تلك الإطلالات لأنها :
– 1. نقلت المواجهة بين المقاومة والولايات المتحدة وكيانها الصهيوني الغاصب إلى مستويات أعلى وغير مسبوقة ، من خلال توسيع معادلة توازن الرعب ، من البحر المتوسط وحتى مضيق هرمز . جاء ذلك ، عندما حذّر سماحة السيد نصر الله بلغة الحزم والجزم ، العدو الصهيوني ومعه أمريكا في قوله إنّ ” السفينة الإيرانية المتوجهة الينا أرض لبنانية ” ، وأضاف ” من فرض علينا اتخاذ هذا القرار هو من فرض علينا الحرب الاقتصادية . ولا يخطئنّ أحد أن يدخل في تحدٍ معنا ، لأن الأمر بات مرتبطًا بعزة شعبنا ونرفض أن يُذلّ هذا الشعب ” .

2. وضعت قادة الكيان وجيشهم ، ليس على رجل ونص وحسب ، بل وضعتهم على اصبع واحد ، نتيجة القلق الواضح من اللغة التي اعتمدها الإعلام العبري وعدد من المراسلين والباحثين في الكيان . فذكر مراسل الشؤون العربية في قناة ” كان ” روعي كايس عبر حسابه على تويتر ، أنّه ” إذا مسّت إسرائيل بناقلة الوقود من إيران والناقلات القادمة ، سيعتبر ذلك مساً بالسيادة اللبنانية ، وسيكون لديه الحق بالرد على ذلك .
وبدوره الباحث في مركز ” أبا ايبان ” والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط والأمن القومي ” داني سيترينويسز ” قال إنّ ” نصر لله وسّع معادلة الردع المشهورة بين إسرائيل وحزب الله لتشمل أيضاً السفن التي ستصل إلى لبنان ” . وأضاف سيترينويسز أنّه ” ثمّة أمر واحد واضح من خطاب نصر الله، وهو أنّ أيّ نشاط إسرائيلي ضد السفن سيواجه برد قوي جداً من قبل حزب الله ، الذي سيعتبر ذلك خرقاً لمعادلة الردع ، وأنّه سيتعين على إسرائيل أن تقرر ما إذا كان اعتراض السفن يستحق أو يبرّر التصعيد المتوقع على الحدود الشمالية .

بدورها صحيفة ” إسرائيل ديفينس ” نشرت مقالاً للكاتب ” عامي روحكس دومبا ” ، قال فيه : نصر الله وضع ” إسرائيل ” في مشكلة ، إذا أحبط الجيش الإسرائيلي عمل الناقلات ، الجمهور اللبناني سيتهم ” إسرائيل ” بمشكلة الوقود في لبنان . نصر الله سيستعيد الشرعية كجهة تقاتل ” إسرائيل ” ، وكل توقع بأن الأزمة الاقتصادية ستدك إسفيناً بين حزب الله والجمهور اللبناني سيُدفن . في المعادلة الجديدة التي أنتجها نصر الله مع الناقلات ، لا يستأهل الأمر لـ” إسرائيل ” إحباط نقل وقود . بدل هذا ، نعم الأمر يستأهل من ” إسرائيل ” متابعة طريقة توزيع الوقود .

3. المعادلة الجديدة التي فرضها السيد نصر الله ، تجاوزت الكيان لتشمل الولايات المتحدة ، التي بدورها تقف أيضاً على إصبع واحد ، وفكيف ستتصرف إزاء تلك المعادلة لمواجهتها بهدف إفراغها . لذلك تحركت عبر سفيرتها في لبنان دوروثي شيا ، التي اتصلت بالرئيس عون ، وأبلغته نّ بلادها ستساعد لبنان باستجرار الكهرباء ، من خلال تأمين الغاز من مصر للأردن عبر سوريا . وصرحت بالقول : أنّ لبنان لا يحتاج إلى أي ناقلات إيرانية ، لافتةً إلى أنّ مجموعة كاملة من الناقلات قبالة سواحل لبنان في انتظار تفريغ حمولتها . ولكنها في الوقت ذاته أبقت السفيرة شيا على تصعيد حملتها ضد حزب الله ، من خلال الإيعاز لحلفائها في لبنان الرد على خطاب السيد نصر الله ، وتحميله النتائج المترتبة على خطوة استيراد المشتقات النفطية من إيران . بل وتحميل تلك التبعات لرئيس الجمهورية .

ولعلّ الموقف الذي اعتبر خرقاً لتلك المواقف العدائية ، هو موقف النائب سيزار معلوف عضو كتلة الجمهورية القوية القواتية ، في تصريح ل” ليبانون ديبابت ” ، إذا كانت الباخرة اللبنانية ستحل مشكلة اللبنانيين وليس فئة منهم ، لا يمكن لوم حزب الله ، فإيران ليست عدو ، والدليل لدينا سفير لها ، كما بقية سفراء أمريكا والدول العربية . متسائلاً : أينّ هم من مساندة الشعب اللبناني في هذه الظروف .
سماحة السيد نصر الله ومعه الشعب اللبناني كسبوا جولة التحدي التي فرضتها الولايات المتحدة من خلال حصارها الاقتصادي ، قبل أن تصل سفينة الحياة . من خلال إجبار الإدارة الأمريكية على كسر حصارها رغم أنفها ، عبر سفيرتها شيا وما أبلغته للرئيس عون ، وتحركها نحو البنك الدولي من أجل مساعدة لبنان ، والإيعاز لحاكم مصرف لبنان تأمين اعتمادات جديدة لاستيراد المشتقات النفطية ، وهو ما حصل بالفعل .

نعم فعلها السيد نصر الله ، فكما قال لنا : انظروا إليها كيف تحترق ، اليوم يقول لنا : انظروا إليها كيف تبحر . سفينة الحياة ، حكاية مقاومة لطالما جسدت إرادة أمة تدافع عن سيادتها التي تجرأ عليها أعداؤها ، بسبب حفنة من الرجعيين واالمرتبطين الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات رخيصة بيد سيدهم الأمريكي ، الذي سرعان ما سيتخلى عنهم . والدرس الأفغاني لا زال يتدحرج فصولاً جديدة كل يوم عن ذلك التخلي ، ليثبت الحقيقة الساطعة ، أنهم أرخص بكثير من كلاب الجنود الأمريكيين الفارين هرباً من أفغانستان .
رامز مصطفى كاتب فلسطيني

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار