اي انتخابات نريد..؟ورقة عن لجنة السياسات في مركز مسارات: إعداد هاني المصري

 

مقدمة

أعلن الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 26/9/2019، أنه سيدعو فور عودته إلى انتخابات عامة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة.  ولاقى هذا الإعلان ترحيبًا واسعًا من مختلف الأوساط السياسية والشعبية.

فهل ستُجرى الانتخابات، وإذا أجريت ما وظيفتها، وهل ستجرى على أساس تكريس سلطة الحكم الذاتي التي أصبحت بلا سلطة، خصوصًا بعد إلغاء قوات الاحتلال الفروق بين تصنيفات الأراضي الفلسطينية بعد اجتياح مدن الضفة في العام 2002، وعلى أساس الاحتكام إلى الاتفاقيات الموقعة التي أصدرت السلطة قرارات بوقفها وإعادة النظر بها، وهل ستكون انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، أم رئاسية وتشريعية متزامنة أو غير متزامنة، ، أم تشريعية في الضفة الغربية فقط؟

 

التوقيت

لا شك أن الإعلان ينطوي على قدر من المفاجأة، لأن موضوع الانتخابات توارى عن الأنظار بعد التطورات والمستجدات التي وضعت رأس القضية الفلسطينية على المقصلة في ظل الخطة الأميركية الإسرائيلية التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية من مختلف أبعادها، وتجاوزت إقامة دولة فلسطينية والمرجعيات المعتمدة سابقًا، بما فيها المرجعية الدولية، إلى جانب أن الدعوة لإجراء الانتخابات أدت وظيفتها الرئيسية في التغطية على حل المجلس التشريعي.

وساهم في توقيت الدعوة للانتخابات مبادرة الفصائل الثمانية التي طرحت في أيلول 2019، ومن ضمنها فصائل في منظمة التحرير، حيث وافقت عليها “حماس”، في حين اعتبرتها “فتح” مضيعة للوقت، ونسخة أخرى عن مبادرة “حماس”، لأن “فتح” لا تريد أن تبدو منعزلة، وظهرت من خلال الدعوة إلى الانتخابات وكأنها تريد الاحتكام إلى الشعب وليس إلى الفصائل.

كما أن القول إن الانتخابات لا تشكّل أولويّة، ولا تشكّل مخرجًا من الأزمة التي لا يزال يعيشها النظام السياسيّ الفلسطينيّ، نابع بالأساس من حقيقة أن الانتخابات تحتاج إلى وحدة المؤسسات التي تحضر لإجرائها، وإلى الحد الأدنى من التوافق القانونيّ والسياسيّ، غير المُتوفّر كليًا في السياق الفلسطينيّ، وهو ما يجعل من الانتخابات في حال عُقدت، شكلية لا تغيّر فعلًا من الواقع القائم. وذلك لحقيقة أن الظرف الحاليّ سيشكّل نتائج الانتخابات، وليس العكس حيث تشكّل نتائج الانتخابات الواقع وتصيغه.

وما يعزز هذا الرأي ما تعانيه القضية الفلسطينية الآن من مخاطر وتحديات تفرض أن تكون الأولوية لإحباطها، وتكون الانتخابات في هذه الحالة نقطة ضمن خطة شاملة، وتندرج في سياق إحباط الخطة الأميركية الإسرائيلية لتصفية الفلسطينية.

أمّا من الناحية الاجتماعيّة – السياسيّة، فإن الانتخابات تحتاج إلى حد أدنى من الاتفاق على شكل النظام السياسيّ، وماهيّته، وحدوده كما الإستراتيجيّة الوطنيّة والسياسية التي تدور المعركة الانتخابيّة تحت سقفها، كما اتفاق على هويّة الدولة، وشكل الحكم فيها، والحريّات كما حريّة الترشّح والانتخاب، والأهم: لماذا ننتخب؟. وهذا غير موجود في فلسطين لعوامل عدة: الانقسام الذي يعبر عن غياب التوافق على إستراتيجيّة سياسيّة، وغياب الأهداف الواضحة أصلًا للنظام السياسيّ وماذا يريد هذا النظام أن يُحقّق؛ كما الاحتلال من جانب آخر، حيث يلقي بظلاله على العمليّة الانتخابيّة ككل، ويبدأ باعتقال المرشّح وصولًا إلى قمع الناخب. ومن هذا المنطق، يمكن القول إن الانتخابات غير ممكنة أصلًا في السياق الفلسطينيّ إلّا بعد الاتفاق على العوامل الأساسيّة التي تجعلها ممكنة، وعلى رأسها، ما الإستراتيجيّة الفلسطينيّة، وما مكوّنات النظام السياسيّ الفلسطينيّ المنقسمة التي تعتمد الإقصاء ليس كسياسة فقط، بل كشرط الحكم إن كان في الضفّة الغربية أو قطاع غزّة.

 

الموقف الحقيقي من الانتخابات

الانتخابات غير مفضّلة لدى الأطراف الفلسطينية المقررة، وتحديدًا الرئيس وحركتي فتح وحماس، خلافًا لخطابهما السائد كما سنبين أدناه.

 

موقف الرئيس وفتح

لدى هذا الفريق من الأسباب ما تدفعه لتأجيل الانتخابات، فهو في وضع سيئ، خاصة بعد فشل مشروعه السياسي، وإعلانه منذ سنوات أنه سيعيد النظر في العلاقة مع الاحتلال والاعتراف به وبالاتفاقات الموقعة، لدرجة اتخاذ قرارات من المجلسين الوطني والمركزي بهذا الخصوص لم تنفذ رغم مرور سنوات على اتخاذها، ووصل الأمر إلى اتخاذ قرار من الرئيس محمود عباس في تموز 2019 بوقف العمل بالاتفاقيات، والتهديد بإنهائها كليًا إذا اتخذت الحكومة الإسرائيلية القادمة قرارًا بضم الضفة أو أجزاء منها كما هدد بنيامين نتنياهو. فكيف يمكن الجمع بين هذه القرارات، وعقد انتخابات على أساس الاتفاقيات وتحت سقف سلطة الحكم الذاتي، بينما أصبحت فلسطين تتمتع بمكانة الدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة، ما يفترض أن تكون الانتخابات القادمة لبرلمان الدولة ورئيسها، وهذا بحاجة إلى كفاح لفرضه؟

ويزيد وضع السلطة سوءًا، لدرجة بروز خطر انهيارها، وقف المساعدات الأميركية، والقرار الإسرائيلي باقتطاع الأموال التي تدفعها السلطة لعائلات الشهداء والأسرى، ما أدى إلى امتناع السلطة عن تسلم بقية أموال المقاصة – باستثناء ضريبة الوقود (البلو) – منذ شهر شباط الماضي وحتى الآن، الأمر الذي أدى إلى صرف ما بين 50-60% من الراتب لموظفي السلطة ممن تزيد رواتبهم عن ألفي شيكل، وهذا وضع لا يناسب إجراء الانتخابات، ولا يساعد على خوضها وتوقع الفوز فيها.

ما يجعل مسألة طرح إجراء الانتخابات ليس جديًا وإنما أفضل مخرج من الوضع الراهن، ومرحب به بعد إجراء الانتخابات التونسية والإسرائيلية، والاستعداد للانتخابات السودانية والجزائرية، كونه يمكن أن يجذب الاهتمام، ويستهلك الوقت، ويساعد على عبور الأشهر القادمة، التي سيتقرر فيها مصير تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وهل ستكون هناك انتخابات إسرائيلية ثالثة، وكذلك مصير “صفقة ترامب”، إضافة إلى مصير وآفاق البدء بإجراءات عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟

ومن المسائل التي تعيق حماس حركة فتح لإجراء الانتخابات الخلافات بين معسكراتها المختلفة، بما فيها تيار م

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار