اتحادات الجاليات الفلسطينية في أوروبا-الدين لله، والفصائل لأعضائها وكوادرها، والوطن للجميع !

صبري حجير – السويد
شهدت أوروبا ، في الآونة الأخيرة ، ظهور عدد من المؤتمرات الفصائلية ، تحت يافطة اتحادات الجاليات الفلسطينية في أوروبا ! أولاً ، عقدت حركة فتح ، ومن يدور في فلكها ، مؤتمرا لها في مدينة روما ، قبل يومين ، أشرف على هذا المؤتمر، وحَضّرَ له لوجوستياً ، فريق كبير من متفرغي فتح في أوروبا ، وعلى رأسهم عضوان من اللجنة المركزية للحركة ، ممّا يؤشر على مدى الإهتمام الفتحاوي بالوضع التنظيمي للحركة ، على مستوى الساحة الأوروبية . طبعا ليس هناك مايمنع هذا الفصيل ، أو ذك أن يعيد ربط أعضائه بأطره وهياكله التنظيمية والتعبوية ، خاصةً مع تزايد أعداد الفلسطينيين في أوروبا ، بسبب هجرتهم القسرية ، في أعقاب احتلال مخيماتهم ، من قبل العصابات والجماعات الارهابية في سورية . ثانياً ، كذلك عقدت الجبهة الديمقراطية ، مؤتمرها الجاليوي ، قبل حوالي شهر في برلين . في هذا السياق نذكر أيضاً ، المؤتمر الذي عقدته الجبهة الشعبية ، قبل حوالي عامين في برلين ، والذي أظهرت نتائجه إنبثاق أمانة عامة جديدة لاتحادهم ، تتمتع بالعضوية الكاملة والأصيلة للجبهة الشعبية ، بعد أن اعتذر الأعضاء المستقلون ، الذين يمثلون ساحات أوروبية مهمة عن المشاركة فيها ، وهم الذين كان لهم الدور الجماهيري المؤثر ، في نهضة حركة الجاليات الفلسطينية في أوروبا في العقدين السابقين .

قبل أيامٍ ، جاء في بيان للإتحادين اللذين يمثلان ( الجبهتين الشعبية والديمقراطية ) تحت شعار ” مبادرة لوحدة الجاليات الفلسطينية في أوروبا ” طالب الاتحادان ؛ بتوحيد الجالية بشكل ديمقراطي ، وعلى أساس رؤيتهما في موضوع وحدة الجاليات الفلسطينية في أوروبا ، ووفقاً لتلك الرؤية فإنّ وحدة الجاليات تقوم على ( أسس ديمقراطية بعيدة عن سياسة الاحتواء ، أو الاستفراد أو الهيمنة أو الإلحاق بالأخر ) وواضح أنّه من خلال قراءتنا لهذه المفردات والمصطلحات ، نجد أنها مفردات سياسية تتدولها الفصائل فيما بينهما ، عندما تستعرالخلافات فيما بينها ، وليست مصطلحات تتداولها الجاليات الفلسطينية ، في روابطها وجمعياتها ومؤسساتها !
وفي نهاية البيان ، اقترحت الجبهتان ( الشعبية والديمقراطية في أوروبا ) تشكيل لجنة تنسيق تنبثق عن الاتحادات الثلاثة ، أي الاتحاد التابع لحركة فتح ، والاتحاد التابع للشعبية ، والاتحاد الآخر التابع للجبهة الديمقراطية في أوروبا ، وتوزيع مقاعد لجنة التنسيق بالتساوي بين الفصائل الثلاثة ، على مبدأ المحاصصة الفصائلية ، ويذكر أن الفصائل الثلاثة كانت قد اختلفت فيما بينها بمدينة بروكسل ، قبل عدة أشهر ، على توزيع الحصص ، حيثُ طالبت حركة فتح بحصة الأسد !
ومن الأهمية في مكان ، ونحن نقرأ البيان المذكور أن نلاحظ مدى التقسيم الفصائلي لجسم الجالية الفلسطينية ، عند ذكر فقرة الانتخابات للمؤتمر العام ، التي وردت في البيان ، حيثُ ذكرت الجبهتان ما يلي ( انّ كافة الانتخابات للمؤتمرات المحلية والإقليمية للجالية الفلسطينية في أوروبا ، تجري على أساس التمثيل النسبي الكامل ) أي التمثيل النسبي

للفصائل ، وليس للمكونات الجماهيرية ، أي للجمعيات والمؤسسات والهيئات ، وليس وفقاً للتمثيل الجغرافي أو الجهوي أو المناطقي للجاليات أيضاً !
وأمام هذا الواقع أتسأل كفلسطيني أقيم في أوروبا كما يتسأل غيري ؛ هل علينا ، نحن الجاليات الفلسطينية في أوروبا ، أن نطأطئ رؤوسنا أمام السطوة الفصائلية ،ونحن نمارس العمل الجماهيري التطوعي والحر في أوروبا ؟
لاشكّ ان معظم جماهير الجاليات الفلسطينية في أوروبا ، تتطلع لأن يكون نشاطها الجماهيري ، الذي من شأنه أن يؤثر في تغيير اتجاهات الرأي الأوروبية ، وطنياً ومستقلاً ، لا يخضع لمصالح واعتبارات فصائلية ضيقة ، ولا ينتمي لاتجاهات تنظيمية دينية ، التي من شأنها أن تضع الجاليات الفلسطينية خارج السياق الطبيعي لمهامها الوطنية ، وتخندقها في صراعات ومعارك دينية ، طبعاً تستفيد منها الحركة الصهيونية ! هنا أأكد القول ” أنّ الدين لله ، والفصائل لأصحابها ، والوطن للجميع ” .
وخلاصة القول ان بناء اتحادات وجاليات على أساس فصائلي لا يمكن أن يحقق نمواً وتطوراً وتفاعلاً في الساحة الأوروبية ، بل يضعف العمل الجماهيري ، ويشتته ويمنع تطوره في اتجاهات بناء حركة تضامنية أوروبية واسعة ، وذلك لأسباب عديدة .
الجاليات الفلسطينية ، في هذا الظرف ، وبهذه الأعداد الفلسطينية المتزايدة ، بحاجة الى اتحادات جماهيرية مستقلة ، تواكب الحركة السياسية للفصائل ، والحركة الوطنية الفلسطينية ، وتصحح اتجاهاتها ، بل تسعى أن تحقق مع الاتحادات الجماهيرية الأخرى ، الحياة النقدية في الساحة الوطنية الفلسطينية .
وهذا لا يعني أنني ضدّ الفصائل ، بل أنا من صلب الفصائل ، ومن أشد المدافعين عن الحركات والفصائل الوطنية المجاهدة ، لكن بات من الضروري ، أن تتيح الفصائل المجال لنهوض حركة جماهيرية مستقلة ، تساهم في السياق العام للحركة الوطنية الفلسطينية ..

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار