رأي”يسار تحالف عباس السياسي”.. سلاما!

كتب حسن عصفور/ عندما قرر رئيس سلطة المقاطعة محمود عباس عقد “مجلس وطني” بمقاس مخططه في رام الله، وبالتنسيق الكامل مع دولة الفصل العنصري اسرائيل، تذرعت بعض فصائل “اليسار” الفلسطيني أنها قررت المشاركة من “اجل حماية الشرعية وتجديد شبابها”، وبحثت عن كل “مبررات اللغة والسياسة لتخدم موقفها”، الذي لم يكن أبدا إنحيازا للشرعية الوطنية..بل لغاية أخرى ترتبط بمصالح فئوية محددة بجانب مالي وظيفي، وبعضها تحت ضغط أزمة عصفت به، وطموح شخصي للحصول على منصب كان يعتقد أنه بابا “لرحلة شخصية جديدة”..
تلك القوى شاركت في أكبر عملية تزوير سياسي – قانوني في تاريخ منظمة التحرير ومجالسها الوطنية منذ عام 1964، حيث تم التلاعب بالعضوية وفقا لرغبة عباس وحقده، وتكريسا لمنهج “فرداني مطلق” برعاية دولة الكيان العنصري وأجهزة إحتلالها، فهي وليس غيرها من يحمي كل “قراراته” التي تتعلق بالقضاء على المنجز التاريخي للشعب الفلسطيني منظمة التحرير..
تزوير بدأ بمكان الإنعقاد، وبعضوية تم شطب وإستبدال خارج القانون، وتكرس التزوير العام، بعدم إنتخاب رئيس الصندوق القومي لأول مرة، كي يصبح جزءا من دائرة عباس المغلقة، ومعها تم شطب مسؤول الدائرة الإقتصادية لتصبح مع الصندوق تحت مسؤولية “غير علنية” لمستشاره الإقتصادي (الحائر في مهام يحملها وربما ينسى مسمياتها) محمد مصطفى..
وإستكمل عباس مهزلته ليس بالإستخفاف في التعامل مع قطاع غزة عبر تشكيل التنفيذية الجديد، بل أنه أعاد رسم المهام بما بتناسب وعملية تغيير طابع المنظمة التاريخي، ويتوافق مع هدف “تدميرها الصامت”، وحتى ساعته وبعد اشهر من إنتهاء مجلس المقاطعة، لم يعرف الشعب الفلسطيني حقيقة تشكيل تنفيذية المنظمة المفترض أنها ممثله الشرعي والوحيد..ولم تنشر وسائل إعلام عباس الرسمية “المسميات الرسمية” لأعضاء تنفيذية مجلس المقاطعة حتى تاريخه، وتمتفي بنشر بعض المهام عدم القيام بنشاط..وأيضا لم يوزع صائب عريقات كثير البيانات أي بيان توضيحي لأعضاء تنفيذية يدعي أنه أمين سرها!
ولأن عقد مجلس المقاطعة لم يكن بحثا عن “حماية الشرعية”، كما خادعت بعض قوى “اليسار” قواعدها أولا والشعب ثانيا، بل لهدف حصار الشرعية وإعادة إنتاجها بمقاس “سلطات الفرد العام”، والفاقد لكل مقومات الحكم سوى بعض من سلطات أمنية تسمح له بمطاردة معارضيه ومصدر مالي يستخدم ضد “الآخر وتهديد لكل من يفكر أن يكون مع الآخر”، وتعزيزا لدوره في عملية حصار قطاع غزة ومعاقبة أهلها على طريق تركيعها السياسي لفرض واقع “كياني خاص” هو هدف شاروني تم التخطيط له منذ العام 1995 بعلم وإطلاع من عباس شخصيا خلال لقاء مزرعة النقب الشهير صيف ذلك العام، وبعد عودة عباس من الخارج بإسبوع واحد لا غير..
كان الإعتقاد أن تخرج تلك القوى “اليسارية” (المضللة) عن صمتها، بعد إفتضاح الحقيقة السياسية لعباس وتعرية مخططه الخاص ضد منظمة التحرير، وإستخفافه النادر بها وعدم عقده أي لقاء للتنفيذية الجديدة، وتغييبها المطلق عن حركة الأحداث وتطورها، بل وقبل كل ذلك رمي كل قرارات المجلس التي حاولت بها أن تستر “عورتها الوطنية” بالشراكة مع المجلس التدميري، في سلة قمامة تحت درج مكتبه، ولم ينفذ قرارا واحدا مما اشاعوا أنها “قرارات ردع ضد المخطط الإسرائيلي الأمريكي”..(ليت أي منهم أو عريقات أو طبالي الزفة يخرجوا ويستعرضوا ما تم تنفيذه (عدا الإستمرار في حصار غزة وخدمة المحتلين)..
حتى مشاركة هذه “التنفيذية” في مناقشة ما سيكون، والخطة السياسية للقادم، لم تكن حاضرة أبدا، وكل صلتهم أعضاءها به “تفاوض غير مباشر”، إما بواسطة سكرتير التنفيذية أو من خلال مديرة مكتب عباس بالتخاطب العصري “الواتس آب”..
بل لم يقم عبر فصيله فتح بإعلامها وليس (التشاور) على الورقة المصرية، وتجاهلها كلية وكأنها “صفر سياسي”، ما أجبر الجبهة الديمقراطية أن تذهب الى حماس لتعلم ما لم تعلمه من المفترض أنه “حليفها الأساس”..
المسألة، لم تعد معرفة مخطط عباس لتدمير “الشرعية الفلسطينية”، فتلك مرحلة باتت من الماضي، بل السؤال لماذا تستمر هذه القوى في تغطية المؤامرة السياسية المكشوفة، وهل يعقل صمتها وهي ترى الأمر مكشوفا جدا، بحكم خبرتها وخاصة البعض منها مشارك مبكر في المؤسسة الوطنية، وقائدها أحد أركان “القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني”، وصاحب مدرسة خاصة..
“حماية الشرعية”، إفتراضا أنه كان هدفهم من مشاركة عباس مجلسه التدميري، فهل الإستمرار بذات الطريق هو حقا لخدمة ذلك الهدف، أم أنه اصبح خيارا كارثيا لتدمير الشرعية الوطنية، وأي صمت مضاف هو جزء من تمرير مشروع مضاد للوطنية الفلسطينية، لن ينقذه سلوك ليس من مسار الحقيقة السياسية ..
بعض قوى اليسار التي شاركت بمجلس العار يمكنها أن تحدث “هزة سياسية” لمخطط تصفية الشرعية الوطنية، لو أنها قررت وضع حد لمهزلة منتجات مجلس المقاطعة والعمل سويا مع قوى وطنية باتت تمثل ثقلا حقيقيا ونوعيا في المشهد الفلسطيني، من أجل صياغة رؤية تعمل على منع إستمرار المؤامرة والإنطلاق لفرض وقائع تحمي “بقايا المشروع الوطني” بعد أن مسه مشروع التهويد الإستيطاني والتقاسم الوظيفي بين “سلطة بمقاس فرد” والسلطة صاحبة اليد العليا عليها سلطة الاحتلال..
هل تدرك تلك القوى أن اللحظة فارقة وهي من سيخسر ماضيا وحاضرا ولن تكسب أي مستقبل بمسارها الراهن ضمن “تحالف تدمير الشرعية”..!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار