المصالحة تفاصيل سياسية – إنسانية..وليس “قُبل وضحكات”!

0

المصالحة تفاصيل سياسية – إنسانية..وليس “قُبل وضحكات”!
حسن عصفور/
السخرية يبدو انها بدأت تخجل من أن تزج في وصف ما يحدث من قبل سلطة رام الله نحو قطاع غزة، فكل تفاصيل الموقف يكشف أن “العداوة السياسية” هي الناظم الحقيقي للموقف العام نحو مليوني إنسان، غالبهم المطلق هم حملة مشعل المشروع الوطني الفلسطيني، وأبناء الثورة الفلسطينية، قبل أن يكون منهم حماس أو الجهاد..
“العداء السياسي” غير المبرر واللا مفهوم، يمكن مراقبته في عشرات تفاصيل الحياة الإنسانية والسياسية، خاصة وان الحديث عن “الكارثة الانسانية” التي يمر بها القطاع أرضا وسكانا أصبحت حديث العالم، عدا مربع واحد، كان له وعليه أن يكون أول من ينتفض، بل الأدهى أن هذا المريع المحشور في مقاطعة، لا يكتفي بالصمت أو التواطئ بل أنه لا يتوانى أن يصدر بيانات لتكذيب حقيقة الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها مليوني إنسان في قطاع غزة، وكأنه يقول للعالم استمروا بحصارهم ولا تعيروا أي إهتمام لتلك النداءات..
ولأن “الحقد السياسي” اصبح منهجا وموقفا، كانت القرارات الأخيرة “العقابية” الاقتصادية ضد القطاع، بعد القرارات التي أصدرها رئيس السلطة محمود عباس في المنامة 2017..قرارات تشير وكأن عباس يريد أن يستبدل قوله “يخرب بيتك يا ترامب” بـ”ساخرب بيتك يا غزة”..
ويرتقي العار السياسي لهؤلاء عندما تجد أدواتهم أو صبيتهم الذين لم يتأثروا بأي من مصائب الحصار العباسي، للقطاع، الحديث عن تبريرات ساذجة وغبية وجهولة، خجلت دولة الكيان المعادي، بكل ما بها من “مخزون السفالة السياسية” أن تقول ما قاله هؤلاء..
الحديث عن المصالحة وتنفيذها والكذب المستمر، بأنها هدف مركزي لفتح عباس، يسقط يوميا أمام حركة القتل والحصار الممارسة ضد قطاع غزة، الخداع الاعلامي بات هو الهدف الحقيقي لهذه الفئة التي فقدت كثيرا من علاقتها بشعبها، ليس في القطاع فحسب بل والضفة الغربية أيضا، وهم بالأصل فقدوا كثيرا في القدس المحتلة..
تجاهل الكارثة الانسانية في القطاع، ليس عارا فحسب بل هو جريمة وطنية كبرى، ولعل كلمة رامي الحمدالله في بروكسل تكشف أنهم ليسوا ممثلين لهذا الشعب، تحدث وكأن الجرائم ضد قطاع غزة ليست قائمة، ولخص ما يعيشه في عناوين قزمت جوهر المعاناة، تجاهل كليا الحصار والكارثة الانسانية، وذهب للحديث عن مشاريع يمكنها أن توفر لهم مصادر نهب مالي جديد..ابرزها مشروع غاز غزة الذي لا يحق لأهلها الاستفادة الاقتصادية منه..اشار الى مشاريع ثلاثة كلها تبحث مالا لهم وليس لحصار الحصار الذي يمر به قطاع غزة..
ولأن “العداء السياسي” للقطاع ليس حدثا عابرا، والموقف من المصالحة ليس سوى شكلا كلاميا لفتح عباس، من المهم جدا التوقف أمام مسلكيات لها بعد إجتماعي وإنساني تفوق أحيانا كل العبارات “المنمقة لغويا”..
قبل أيام اتصل محمود عباس برئيسة حزب ميرتس الصهيونية غالوؤن، معزيا بوفاة والدها، محمود عباس تجاهل كليا الاتصال بشهيد فتح أحمد جرار الذي سقط قبل فترة دفاعا عن كرامة الفلسطيني برصاص المحتل..تجاهل سياسي ووطني، وأيضا إجتماعي لو قيست المسألة بالبعد العائلي للشهيد..
ومنذ ايام رحل القيادي الحمساوي عماد العلمي، شخص تحدث الكثيرون عن صفاته الانسانية، ولن نقف كثيرا امام ذلك، لكن المفارقة أن عباس لم يكلف ذاته عناء الاتصال معزيا بالفقيد، لا سياسيا لتنظيمه حماس، مع انه كان أحد أعضاء وفدها للمصالحة في سنوات كثيرة، أو عائليا مع آل العلمي لو انه لا يريد ان يعزي الفصيل، علما بأنها سلوك وطني – إجتماعي لم يغب يوما عن المشهد الفلسطيني، سوى في “العهد العباسي”، وكان الخالد أبوعمار حاضرا معزيا بكل شهداء حماس، ليس ممن توفوا وفاة طبيعية، بل فيمن إغتالتهم دولة الكيان، وهي الأكثر حساسية سياسية لو أريد أخذها كمعيار..
يوم الأربعاء 31 يناير 2018، اقدمت أمريكا على وضع اسم رئيس حركة حماس اسماعيل هنية على “قائمة الارهاب”، قرار يعبر عن “بلطجة سياسية – أمنية” لا مثيل لها، خاصة وأن “أبو العبد هنية” لم يكن يوما جزءا من الجهاز الأمني – العسكري لحماس، ومعلوم جدا للعامة دوره ومكانته السياسية، لكن القرار ترضية للكيان، وعقبة أمام أي توجه للمصالحة ما قبل تنفيذ خطة ترامب في “الصفقة الكبرى”..
المفارقة، ان كل وسائل الكون، اذاعت ونشرت وتحدثت عن الخبر، سوى اعلام محمود عباس الخاص والعام، وكأنهم يعيشون في عالم غير العالم، أو أنه سيصبح “خبرا مجهولا” ما لم ينشر في هذا الاعلام المفترض انه “اعلام رسمي فلسطيني” وليس اعلام خاص لآل عباس..
ولم يقف السلوك العباسي عند عدم النشر، بل انه لم يصدر أي موقف لا هو ولا أي من فريقه، ولم يكلف نفسه الاتصال هاتفيا بهنية..سلوك غاية في الغرابة وعباس وزمرته من اصدروا بيانا وصفوا فيه سلوك شباب فلسطيني غاضب ضد ادارة ترامب، بأنه “خارج الاخلاق الفلسطينية”، فكيف قياسا يمكن وصف سلوك عباس هذا..رغم ان الأصل ان يرسل برسالة رسمية رفضا للقرار لو انه حقا ممثل للشعب الفلسطيني..لكن يبدو أن التمثيل هو حقا “تمثيل”!
المسألة هنا ليست قضية شخصية ولا سلوك فردي، بل هي “تراكمات” تكشف حقيقة المواقف التي تحكم مسار الحركة نحو الآخر..
من لا يقدم على تعزية بوفاة قيادي حمساوي لم يتم اغتياله بطائرات عدو، ولا يجد وقتا للاتصال بمن يفترض انه “شريكه” بالمصالحة، بعيدا عن كل مسمياته الأخرى، ويتجاهل حتى نشر الخبر، فيما يجد كل الوقت لتعزية صهيونية، لن يكون أمينا أو حريصا على أي مسار وطني، مهما حاول البعض أن يكذب بأنه أمريكا تريد أن تزيله ..الوطنية مش إختراع بل هي منتج وسلوك ومواقف.. لكن من قاد المؤامرة الكبرى للخلاص من الشهيد المؤسس أبو عمار لن يكون غير ما قاله عنه الخالد وصفا وموقفا..التاريخ لا زال شاهدا!
بالمناسبة أي حديث من هؤلاء عن المصالحة لم يعد سوى أكاذيب مضافة!
ملاحظة: سلطة وحكومة فلسطينية تصمت عن ترحيل طفلة من الضفة، رغم انها مريضة، فضيحة لا بعدها.. وبيقلك عنا سلطة “وطنية” وحكومة “وفاق”..والصحيح انها سلطة “محلية” وحكومة “نفاق وشقاق”!
تنويه خاص: رضخ مجلس حقوق الانسان لطلب أمريكي اسرائيلي بعدم نشر أسماء الشركات العاملة في المستوطنات لوضعها تحت المطاردة..ومع هيك مش عاجب لا هايلي ولا سارة..آه صحيح سلطة اللي بالي بالك لساتها ما عندها خبر بالتقرير!

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار