إضاءة على التقرير الاستراتيجي “الإسرائيلي” لعام 2021م

إضاءة على التقرير الاستراتيجي “الإسرائيلي” لعام 2021م
د.خلف المفتاح
في كل عام يصدر ما يسمى “معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي” تقريراً استراتيجياً يتناول فيه مجمل التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها الكيان الصهيوني، والمعضلات والمخاطر التي تهدده مستقبلاً، ويرى التقرير المعد لهذا العام أن الهدف الأسمى لـ”إسرائيل”؛ هو إقامة “دولة” يهودية وديمقراطية وآمنة ومزدهرة وعادلة حسب زعمها، وتقيم علاقات سلام مع “جيرانها” سواء لناحية الرأي المباشر أم لناحية الساحة الدولية. وأن “ميزان الأمن الإسرائيلي” لعام 2020م كان إيجابياً جداً حيال المحيط الإقليمي، وحيال المجتمع الدولي مقابل التهديدات ونوافذ الفرص، ولكن بالمقابل تعاني المناعة الوطنية الداخلية من عجز عام، مع توقع المزيد من التحديات في العام الحالي 2021م، ورأى التقرير أن عدة تطورات هامة قد سجلت لصالح “ميزان الأمن القومي لإسرائيل”، فقد تم توقيع “اتفاقات إبراهيم”؛ التي شكلت انطلاقة تاريخية في العلاقات بين كيان الاحتلال والدول العربية، إضافة إلى استشهاد قاسم سليماني ومحسن فخري زادة؛ وهما من كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني وقادا الجهود الاستراتيجية التي تشكل أكبر تهديد لـ”إسرائيل”.
يرى التقرير السنوي أن “النظرية الأمنية الإسرائيلية” تقوم على الردع والإنذار والحسم والدفاع، وفي السنوات الأخيرة تم تحقيق هذه النظرية بواسطة المعارك بين الحروب؛ التي تهدف إلى تقليص التهديدات، وإلى تحسين الردع وأبعاد المواجهات، وتشكل اتفاقيات السلام، ودعم الولايات المتحدة الأميركية العمود الفقري في الأمن القومي؛ ما يستدعي الاستمرار بهما ولاسيما التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية، وتوفير علاقات وبيئة أفضل مع الدول الأوربية والصين وروسيا، ويحدد التقرير التحديات الأساسية التي تواجه الكيان وفق تراتبيتها، بأنها البرنامج النووي الإيراني؛ الذي يشكل التهديد الخارجي الخطير جداً على “أمن إسرائيل”، وعلى “إسرائيل” أن تستعد للحوار المرتقب بين إدارة الرئيس “بايدن” والمجتمع الدولي وإيران بما في ذلك تحديد المصالح الحيوية لها في إطار أي اتفاق نووي جديد وعلى كيان الاحتلال أن يستعد لسيناريوهين: الأول يتمثل بالمفاوضات من جديد، والسيناريو الثاني اقتراب إيران من العتبة النووية، إضافة للدمج بين السيناريوهين، وكلاهما يلزمان “إسرائيل” بتقديم التفاهمات، وخطة العمل المشتركة مع الولايات المتحدة الأميركية، وقبل ذلك يجب التوصل إلى اتفاقات حيال مضمون الاتفاق المعدل إن حصل. أما التحدي الثاني وفق التقرير؛ فيتمثل بما زعم عن “تموضع” إيراني في سورية، وكذلك مشروع إنتاج صواريخ دقيقة، وضرورة مواجهة ذلك بواسطة خيارين الأول نظرية (معارك بين الحروب)؛ إما عن طريق ضربة استباقية أو وقائية، وعليها أن تستعد لإمكانية الحرب على جبهتين في الشمال بوصفها تهديد أساسي، ومواجهات في الجبهة الجنوبية -أي قطاع غزة- ويجب تقليص فوارق التوقعات عند الجمهور حيال أي حرب مستقبلية، ونتائجها الممكنة على أن يبادر بجهد سياسي وأمني؛ من أجل منع نشوب أي حرب إلا حال استنفاد الوسائل الأخرى. ينصح التقرير بإجراء حوار مع إدارة “بايدن”؛ بهدف تقليص النقاط الخلافية المحتملة، وإيجاد المصالح المشتركة والجيدة، مع التأكيد على التحديات التي يشكلها كل من حزب الله وسورية على “الأمن الاسرائيلي” وعلى أهمية العلاقة مع الصين، والحفاظ على التفوق التكنولوجي للولايات المتحدة الأميركية، والتفوق “النوعي الإسرائيلي”، والتطرق إلى الرؤية التي تحملها الإدارة الأميركية الجديدة؛ لحل القضية الفلسطينية، ويرى معدو التقرير أنه ينبغي على “إسرائيل” تعزيز وتوسيع التطبيع مع الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها العربية السعودية وإندونيسيا، وأن تستكمل الإجراءات مع السودان والمغرب، وإعادة ترميم العلاقات مع الأردن وكذلك السلطة الفلسطينية، وأن تركيا لا تشكل تهديداً عسكرياً على كيان الاحتلال ويجب إدارة العلاقة معها على أساس التبادلية والمعاملة بالمثل، واستغلال موقف إدارة “بايدن” منها بهذا الخصوص؛ بهدف تحسين العلاقات معها. ويختم معدو التقرير رؤيتهم في تشخيص المعضلة الاستراتيجية في “إسرائيل”؛ بأنها تتمثل بقلة الاهتمام بصياغة وتحديث النظرية الأمنية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز أنظمة الحكم والقانون، وتغذية النظام المهني والسياسي والجمهور في كيان الاحتلال بمفاهيم وتصورات جديدة، وتقديم توصيات بخصوص التصدي بشكل أفضل للتهديدات على أساس استغلال الفرص لتعزيز “الأمن القومي لإسرائيل”.

  • المدير العام لمؤسسة القدس الدولية (سورية)
قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار