رحلة الجامعة العربية من العجز إلى الانقسام والتواطؤ والتآمر

رحلة الجامعة العربية من العجز إلى الانقسام والتواطؤ والتآمر

أسقطت الدول العربية مشروع قرار فلسطيني عُرِض أمام اجتماع للجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية لإدانة التطبيع مع إسرائيل. ويشير مراقبون إلى أن القضية الفلسطينية بالتالي لم تعد قضية موحِّدة للنظام العربي الرسمي، وإنما أصبحت سبب انقسام وخلاف.

اجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية يُسقط مشروع قرار فلسطيني لإدانة التطبيع من جدول أعماله
اجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية يُسقط مشروع قرار فلسطيني لإدانة التطبيع من جدول أعماله (AA)
في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط على الفلسطينيين، أسقطت الدول العربية مشروع القرار الذي تقدّمت به فلسطين أمام اجتماع جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، لإدانة اتفاق التطبيع الأخير بين الإمارات وإسرائيل.

من العجز إلى غياب الإرادة

على مدار عقود، اتُّهِمت الجامعة العربية بعجزها عن اتخاذ قرارات قادرة على وقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني ووضع حد لتغول الاحتلال وبناء مستوطناته في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، والاكتفاء بإصدار بيانات شجب وإدانة لا تغيِّر من الواقع شيئاً.

إلا أن الأمر يبدو أنه اختلف جوهرياً، إذ لم تعد الدول العربية عاجزة عن اتخاذ موقف موحد داعم للشعب الفلسطيني وقضيته التي طالما ردد الزعماء العرب أنها القضية المركزية للأمة العربية، بل لوحظ خلال الفترة الأخيرة حسب مراقبين، غياب الإرادة العربية لدعم القضية الفلسطينية ولو شكلياً، في الوقت الذي يزداد فيه زخم قطار التطبيع العربي-الإسرائيلي، واعتبار إسرائيل شريكاً استراتيجياً في النظام العربي الجديد، مقابل ما يُنظر إليه تهديداً إيرانياً.

في هذا الإطار، عُقِدت الدورة الـ154 العادية للجامعة العربية، بعد إفشال البحرين الأسبوع الماضي، مساعي فلسطينية لعقد اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية، لبحث اتفاق التطبيع الإسرائيلي-الإماراتي، وفقاً لمصادر متعددة.

وأكّدت البحرين موقفها “المعادي” للفلسطينيين برفض مشروع القرار الذي كان مقرراً له إدانة تطبيع دول عربية مع إسرائيل، وهو ما أشار إليه القيادي في حركة فتح حسن حمايل، بالقول إن معارضة البحرين مشروع القرار “تضعها في مصافِّ القوى المعادية للعرب والفلسطينيين”.

في هذا الصدد، يقول أندرياس كريغ الأستاذ المساعد للدراسات الأمنية بجامعة كينغز كوليج بلندن، إن “القضية الفلسطينية كانت تقليدياً مسألة موحِّدةً لجامعة الدول العربية، ولكنها تبدو هذا العام سبباً للانقسام، مما يجعل الجامعة أكثر من أي وقت مضى بعيدة عن إدارة شؤون العالم العربي”، وفقاً لما نقلته عنه قناة الجزيرة الإنجليزية.

خففوا لهجتهم ولكن..

موقف الجامعة العربية الرافض لتبني مشروع القرار الفلسطيني، جاء على الرغم من تخفيف القيادة الفلسطينية لهجتها كثيراً عن ما كانت عليه قبل نحو شهر، وهو ما يشير إليه إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اليوم السابق لبدء أعمال اجتماعات الجامعة، تعليمات تحظر أي تصريحات أو أفعال مسيئة إلى الزعماء العرب، ومن بينهم حكام الإمارات.

الفكرة نفسها بدت واضحة في صياغة مشروع القرار الفلسطيني، الذي أسقطه الحاضرون في الاجتماع من جدول الأعمال، إذ أشار مشروع القرار إلى أن الإعلان الثلاثي بين إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات “ليس من شأنه الانتقاص من الإجماع العربي على القضية الفلسطينية، القضية المركزية بالنسبة إلى الأمة العربية جمعاء، ودعم جميع الدول الأعضاء لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق تقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.

وورد في مشروع القرار أيضاً أن”الإعلان الثلاثي ليس من شأنه تغيير الرؤية العربية المبدئية القائمة على أن الطريق الوحيد لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، هو حل الدولتين على حدود عام 1967، على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والقانون الدولي”.

وهو ما يختلف بشكل ملحوظ عن لهجة عباس الذي وصف مكتبه في 13 أغسطس/آب الماضي، اتفاق التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي، بأنه “خيانة” و”طعنة في ظهر القضية الفلسطينية”.

التناقض السعودي

على الرغم من موقف السعودية المعلن الرافض للتطبيع وإقامة علاقات مع إسرائيل إلا على أساس حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لما اقترحته المبادرة العربية للسلام عام 2002، وهو ما أكّده وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في كلمته خلال الاجتماع، فإن الرياض عملياً ترفض إدانة اتفاق التطبيع الإماراتي، وتتخذ خطواتٍ من شأنها التمهيد لتطبيع أوسع، حسب مراقبين.

انطلاقاً من تلك الفكرة، يقول كريغ إن “السعودية ستستمر في تأييدها الشفهي للقضية الفلسطينية.. ولكن يجب أن نرى ما تفعله الرياض حقاً في ما يتعلق بالعمل في هذا الشأن”، مضيفاً أن “المملكة.. لا تتخذ في الوقت نفسه موقفاً ضد التطبيع، مما يترك الباب مفتوحاً أمام الدول العربية للتعامل مع إسرائيل كما تراه مناسباً على نحو فردي”.

في السياق نفسه، تقول مروة فطافطة الباحثة في مركز السياسات الفلسطيني إن “السعودية أشارت في أكثر من مناسبة خلال الفترة الأخيرة، إلى اهتمامها بالتعاون مع إسرائيل، لا سيما في ضوء التهديد المتزايد من إيران”.

وتلفت فطافطة في تقرير نشر ، إلى أن “السعودية في واقع الأمر سهّلت تنفيذ اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات بفتح مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين”.

وتوصلت الإمارات وإسرائيل في 13 أغسطس/آب الماضي، إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، وهو ما رفضته بشدة قيادة السلطة والمنظمة والفصائل والشعب الفلسطيني بكل فئاته.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار