سماحة السيد حسن نصرالله…مسيرة وقيادة. نعمت حيصون


في عام 1992 إغتالت إسرائيل أمين عام حزب الله السيد عباس الموسوي فصار إلى إنتخاب حسن نصرالله أمينا عاما للحزب بالرغم من صغر سنه على تولي هذه المسؤولية ولكن يبدو أن صفات نصرالله القيادية وتأثيره الكبير على صفوف وأوساط قواعد حزب الله قد لعبت دورا مؤثرا في هذا الإتجاه وبالفعل فإن إنتخابه كان له الأثر الأبرز في تثبيت وحدة الحزب بقوة بعد الضربة القاسية التي تلقاها لتوه. ‏ وفي ذلك العام وبعد أشهر قليلة من إغتيال الأمين العام السابق الموسوي فإن حزب الله إختار الدخول إلى قلب المعترك السياسي اللبناني فشارك في الإنتخابات النيابية التي جرت في ذلك العام وحصد عددا من المقاعد النيابية عن محافظتي الجنوب والبقاع وهذه الكتلة كبرت وإزدادت عددا في الإنتخابات النيابية اللاحقة أعوام 1996 و 2000 و 2005 و 2018 وهي تعرف بإسم ” كتلة الوفاء للمقاومة “.
وفي 13 ايلول من العام 1997 فقد نصرالله إبنه البكر هادي في مواجهات دارت بين مقاتلي الحزب والجيش الصهيوني في منطقة الجبل الرفيع جنوب لبنان.و في هذه المناسبة وجه له محمد حسنين هيكل، أحد كبار الصحافيين المصريين، كلمات تعكس إلى حد بعيد الموقف، حينما كتب إليه معزيا باستشهاد نجله قائلا: “لقد رأينا الأبوة تمتحن بالجهاد إلى درجة الشهادة، ورأينا الجهاد يمتحن بالأبوة إلى درجة البطولة. إنني لا أعرف ماذا أقول لك؟ فلا أنا راض عن كلمة عزاء أواسيك بها، فأي كلمة عاجزة، ولا أنا قادر على الصلاة من أجلك، فصلاتك أقرب إلى عرش الله من أي قول أو همس يصدر عني أو عن غيري”. لكن استشهاد هادي نصرالله لم يؤثر على والده ولا على الحزب حتى قامت المقاومة بتحرير جنوب لبنان عام 2000
-خاضت المقاومة الاسلامية خلال توليه الامانه العامة للحزب عددا من الحروب والمواجهات البطولية مع جيش الاحتلال، كان أبرزها حرب “تصفية الحساب” في تموز 1993، وحرب “عناقيد الغضب” في نيسان 1996 التي توجت بتفاهم نيسان الذي كان أحد المفاتيح الكبرى لتطور نوعي لعمل المقاومة الاساسية أتاح لها تحقيق الإنجاز التاريخي الكبير المتمثل بتحرير القسم الأكبر من الاراضي اللبنانية في أيار من العام 2000 م.‏‏
– في الثاني عشر من يوليو (تموز) من العام 2006، خرج الأمين العام لحزب الله اللبناني في مؤتمر صحفي ليعلن عن أسر الحزب لجنديين إسرائيليين في عملية نوعية يهدف من ورائها لإجراء عملية تبادل مع الجانب الإسرائيلي وتحرير عدد من الأسرى اللبنانيين والعرب في السجون الإسرائيليين، لتندلع واحدة من أشرس حروب المنطقة، والتي دامت 33 يوما، وأظهر فيها حزب الله قدرة كبيرة على الصمود ورد العدوان الإسرائيلي.
وقد تعرض الحزب الى ضغوطات سياسية داخلية كادت ان توصل لبنان الى شفير حرب اهلية لولا حنكة ووعي القادة في حزب الله وخاصة الامين العام السيد حسن نصرالله,واثبت الحزب أنه الاقوى على ارض الواقع..
– بعد دخول الجماعات التكفيرية الى سوريا والتهديد باجتياح لبنان وتهديد هذه الجماعات المتطرفة والارهابيه المباشر للسيد نصرالله,قام الاخير بالايعاز لقوات النخبة بالتدخل المباشر في حرب سوريا والتي قدم فيها حزب الله خيرة شبابه وكوادره,وهذا التدخل هو الذي اوصل سوريا الى مرحلة الانتصار,عوضا عن تحرير لبنان من رجس الارهاب في جرود عرسال اللبنانية وسمي هذا الانتصار بالتحرير الثاني.
– يعتبرالسيد حسن نصرالله موضع بحث لدى كبار صناع القرار في الدولة العبرية وفي مراكز الأبحاث الإسرائيلية، التي تحاول سبر أغوار هذه الظاهرة التي ما زالت تقض مضاجع الإسرائيليين، قيادة وشعبا. فخاض السيد نصر الله نصف الحرب النفسية بالكلمات والعبارات التي حرص على انتقائها خلال إطلالاته الإعلامية، والتي تشكل مادة دسمة لدى الإعلام الاسرائيلي، والتي تكون كفيلة بمسمرة إسرائيل أمام شاشات التلفزة ما إن يسمع خبر يتعلق بإطلالة سماحته. وهذا ما دفع السلطات الاسرائيلية ووسائل الاعلام الغربية إلى تخصيص مساحة لتحليل شخصية الأمين العام، والرمزية التي أصبح يمثلها في العالمين العربي والغربي على حد سواء. فإن نصرالله كما وصفته صحيفة (واشنطن بوست) :”إنه بطلعته وعمامته أكبر أسرار حزب الله على الإطلاق”. فهو الذي حدد بوليصة تأمين شاملة ضد الاغتيال منحها لكل قيادي ومجاهد في حزب الله، وهو الذي غير ووسع قواعد الإشتباك ولم يلغها، بل أنشأ لها قواعد جديدة تقفز عن المزارع والعمق والخط الأزرق. فخاطب إسرائيل باللغة التي تفهمها، وقال لها: “الحرب لا نريدها لكن لا نخشاها… وإذا فرضت علينا فسنخوضها وننتصر، وما حدا يغلط بالحساب”. فهذه العبارات كانت كافية لأن تجعل العنكبوت يشكو في كل مرة من مقارنة بيته الواهن ببيوت إسرائيل المهترئة خوفا، وملاجئها تحت الأرض، ومعادلة الفتح أرست كذلك. وأية حماقة ستدفع صواريخ حزب الله إلى حيث يقلقون، وعندئذ فإن رجال الشمس سيظهرون كشياطين أرض. قال نتنياهو: “لا تختبرونا” لكن حزب الله اختبره وأكثر، وجعل إسرائيل اليوم تعيش صراع السيد حسن نصرالله الذي تعتبره من القادة العرب القلائل الذين وقفوا في وجه اسرائيل وقرب حدودها، مشيرين إلى تلك المستعمرات ومتوعدين بإقامة الصلاة في القدس قريبا…
كاتبة واعلامية

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار