تغييرات إسرائيلية وفلسطينية حتمية بعد طوفان الأقصى والعدوان على غزة.

تغييرات إسرائيلية وفلسطينية حتمية بعد طوفان الأقصى والعدوان على غزة.

 

رام الله: هاني المصري

لقد أصبح واضحًا أن ما بعد عملية وطفان الأقصى مختلفٌ عما قبلها، قواعد اللعبة قد تغيرت، الحكومة الإسرائيلية، بل “إسرائيل” نفسها ستتغير، والقيادة الفلسطينية وسلطتها ستتغير، وكذلك حركة حماس لن تبقى على ما هي عليه، وإذا تحوّلت الحرب إلى حرب إقليمية سيتغير الشرق الأوسط برمته. ويتوقف مدى التغير على المدى الذي ستصل إليه الحرب…

 

أولًا: أعادت عملية طوفان الأقصى القضية الفلسطينية إلى الصدارة، وأكدت استحالة القفز عن الفلسطينيين في أي حل، وأضعفت إسرائيل وأسقطت نظرية الردع ومخططها للقيام بدور رادع أو مهيمن في المنطقة.

 

ثانيًا: ستؤدي عملية طوفان الأقصى والحرب التي تبعتها إلى حدوث تغييرات كبيرة، بغض النظر عن نتائجها، فالنتائج تغير مدى التغيير وشكله. فقيادة نتنياهو ومعه النخبة السياسية والعسكرية ستحاسب حسابًا عسيرًا على ما حصل، وهذا يظهر في نتائج الاستطلاعات التي أدت إلى تراجع شعبية الليكود والأحزاب المشكلة لحكومة نتنياهو، إذ حصل الليكود في آخر استطلاع على 19 مقعدًا، بينما حاليًا له 32 مقعدًا في الكنيست، إضافة إلى المطالبات الواسعة باستقالة نتنياهو ومحاكمته على الرغم من الحرب التي يشنها على الفلسطينيين.

 

ثالثًا: برهنت الحرب على أهمية التغيير في الساحة الفلسطينية، مع أن التغيير الممكن لن يكون إلا من خلال إنجاز الوحدة الوطنية على أساس برنامج القواسم المشتركة بوصفها مدخلًا للاحتكام إلى الشعب من خلال الانتخابات.

 

إن غياب المؤسسات الرسمية الفلسطينية عن المشهد وضعف الخطاب السياسي الرسمي، بدا واضحًا من خلال عدم اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ولا المجلس المركزي، ولا اللجنة المركزية لحركة فتح، ولا حتى ما يسمى “القيادة الفلسطينية” بصيغة الأمناء العامين، ولا تشكيل قيادة موحدة لقيادة العمل خلال الحرب.

 

كما لم يخاطب الرئيس حتى كتابة هذه السطور شعبه في أي خطاب، ووافق وزير الخارجية الفلسطيني في اجتماع الجامعة العربية على بيان يساوي بين الضحية والجلاد بالنسبة إلى استهداف المدنيين، ولم يتحفظ عليه على الرغم من تحفظ كل من لبنان والجزائر وسوريا على البيان. كما أصدر الرئيس عباس – الذي يتعرض لضغوط شديدة إسرائيلية وأميركية وأوروبية لإدانة “حماس” إدانة صريحة – عشية وغداة لقائه مع بلينكن تصريحات استجاب فيها نسبيًا لهذه الضغوط حينما ساوى بين الضحية والجلاد بالنسبة إلى استهداف المدنيين، وطالب بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من دون ربط ذلك بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وتحدث عن أن منظمة التحرير هي التي تمثل الفلسطينيين، وليس أي تنظيم آخر، فيما فهم بأنه محاولة لسحب الغطاء عن المقاومة التي تخوض معركة حامية ضد الحرب البربرية الإسرائيلية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتمثل بذلك الفلسطينيين جميعًا.

 

القيادة الفلسطينية الآن أمام فرصة قد تكون الأخيرة للانحياز لشعبها، وإعطاء الأولوية للوحدة؛ لأنها بعد هذه الحرب بغض النظر عن نتائجها مطالبة بأن تكون عميلة، أو يتم الاستغناء عنها، واستبدالها بسلطة عميلة.

 

كما على حركة فتح أن تبادر إلى التقاط اللحظة التاريخية، وإلا سيكون مصيرها كمصير حزب العمل، مع فارق التشبيه، الذي أسس إسرائيل وقادها لفترة طويلة، ثم أصبح يتجاوز نسبة الحسم بصعوبة.

 

رابعًا: حركة حماس مطالبة بحكم المسؤوليات الجديدة التي ألقيت على عاتقها بعد طوفان الأقصى، بإطلاق مبادرة من أجل توحيد الفلسطينيين، على أساس برنامج وطني ديمقراطي في قلبه إنهاء الاحتلال، وإنجاز الحرية والعودة والاستقلال. فمن دون مشروع سياسي واضح يلتف حوله الشعب الفلسطيني لا يمكن تحقيق الحقوق والأهداف الوطنية؛ ما يجعل التضحيات الغالية والجسيمة والبطولات الملهمة صفحة مجد جديدة في التاريخ الفلسطيني.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار