الضفة الغربية تشتعل..ما علقتي التحديات والمآلات؟..ماذا ينتظرنا في الأيام أو الأسابيع المقبلة؟

الضفة الغربية تشتعل..ما علقتي التحديات والمآلات؟..ماذا ينتظرنا في الأيام أو الأسابيع المقبلة؟
حيفا: أليف صباغ
لا يختلف اثنان، إسرائيليَّين كانا أو فلسطينيَّين، على أن الأيام أو الأسابيع المقبلة حبلى بالتحديات، وأن احتمال انفجار حرب كبرى ومتعددة الجبهات قائم بين ليلة وضحاها. وهذا أكثر ما يُخيف سلطات الاحتلال، لأن أي مواجهة عند الحدود الشمالية قد تحوّل ساحات فلسطين إلى خاصرة الاحتلال الضعيفة.

وإذا أصرّ المحتلون على اقتحام باحات الأقصى في شهر الأعياد اليهودية الأخرى، ولا سيما أن الكيان الإسرائيلي في أجواء انتخابية لا تستطيع معها أي قوة سياسية أن تتراجع عن مناصرة المستوطنين المقتحمين وحمايتهم، فقد تبدأ المعركة الكبرى من ساحة الأقصى، وهي الساحة الأكثر قدرة على توحيد الساحات، في آن معاً، من دون تنسيق مسبّق.

نتيجة كل هذه الأسباب وغيرها، قد تشهد الأيام المقبلة استمراراً في موجات المقاومة، في مقابل عمليات “كاسر الأمواج” الفاشلة، باعتراف مراقبين عسكريين إسرائيليين.

قد تُضطر قوات الاحتلال، بضغط أميركي أو عبر خطوة تكتيكية، إلى التراجع وتمويل سلطة التنسيق الأمني للقيام بعمليات القمع والاعتقال، بدلاً من المحتل. وفي نهاية كل اعتقال، ينتقل ملف المعتقل بالكامل، وفقا لاتفاقيات التنسيق الأمني، إلى سلطات الاحتلال.

إذا وجدت سلطات الاحتلال تعاوناً من سلطة رام الله، فقد تقوم سلطات الاحتلال هذه بتبريد التوتر، كي تجعل الفلسطينيين يقاتلون بعضهم بعضاً، وتوجّه جهودها إلى حرب قصيرة أو طويلة في الجبهة الشمالية، أو حرب متعددة الجبهات. أكثر ما يخيف قوات الاحتلال هو انتفاضة فلسطينية واسعة في ظل حرب متعددة الجبهات.

ربما تكون حملات الاعتقال والاقتحامات هذه في الضفة الغربية حتى العدوان الأخير على المقاومة في قطاع غزة، هي تمارين لعمليات عسكرية مشابهة يخطّطها الاحتلال في الجبهة الشمالية أو مقدمة للحرب المتوقعة في تلك الجبهة.

لقد حذّر كبار الباحثين العسكريين والاستراتيجيين، أمثال إسحاق بريك، من أن السيناريو الذي نفّذه أفيف كوخافي في غزة لا ينطبق على لبنان، لأن قدرات المقاومة اللبنانية هي أضعاف قدرات المقاومة الفلسطينية في كل المجالات، البشرية والتقنية واللوجستية. وهذا ما اعترف به قائد المنطقة الشمالية الجديد الجنرال غوردون، فإذا كانت العملية العسكرية ضد حركة “الجهاد” لم تحقق ثماراً، يتساءل بريك، فهل ستحقق أي مواجهة مع حزب الله أهدافها؟

هل هي انتفاضة ثالثة؟

إنه السؤال المتكرّر منذ عام 2002، كلما هبّ الشبّان الفلسطينيون لمقاومة الاحتلال. وازدادت توقعات انتفاضة ثالثة بعد عام 2015 وهبّة الشبان المقدسيين لمواجهة البوابات الإلكترونية على أبواب الأقصى، لكن الحقيقة أنها موجات من المقاومة الفلسطينية تتصاعد وتتراجع، وفق الظروف الموضوعية والذاتية، وأن أي انتفاضة شعبية ثالثة تحتاج إلى 3 عوامل أساسية، هي:

1 – استعداد الشبّان الفلسطينيّين للتضحية، وهو شرط موجود ومثبّت على الأرض.

2 – حاضنة شعبية، وهي متوافرة أيضاً.

3 – حاضنة ورعاية قياديّتان، وهما غير متوافرتين في الضفة الغربية، للأسف، بل تعمل القيادة الرسمية المتنفذة، ليلاً نهاراً، وفق تمويل وتدريب أميركيين، حتى إنها تستخدم أموال الناس التي تدخل خزينة السلطة من أجل قمع أي محاولة لمقاومة المحتل الإسرائيلي، إن كان جندياً أو مستوطناً. وهذا هو العائق الأساس أمام انتفاضة ثالثة.

التحديات التي تواجهها سلطة التنسيق الأمني

يتراجع التنسيق الأمني في المخيمات والقرى الفلسطينية، وتركّز السلطة جهدها في المدن الرئيسة، مثل رام الله، لأنها باتت تخشى على نفسها من المقاومين أيضاُ. نحو 30 ألف عنصر أمني فلسطيني ممنوعون من مواجهة قوات الاحتلال إذا قررت اقتحام أي مدينة أو قرية أو مخيم، لكنهم يجرؤون على اعتقال وتعذيب كل من يرفع صوته ضد السلطة ورئيسها، أو يفضح فسادهما وتعاونهما الأمني مع الاحتلال.

الأمن الفلسطيني، وفقاً لتصريحات حسين الشيخ الأخيرة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، “لا يستطيع القيام بالمهمّات المطلوبة منه، بسبب اقتطاع إسرائيل جزءاً من أموال المقاصة” (الضريبة). وهذا يعني، بوضوح، أن قوات الأمن الفلسطينية تعمل بالأُجرة وكيلةً لدى الاحتلال. لذلك، فقدت السيطرة في الأشهر الأخيرة، ولم تعد قادرة على أن تقدّم المساعدة المطلوبة إلى سلطات الاحتلال.

من ناحية أخرى، تجد سلطة رام الله هوّة كبرى تفصل بينها وبين جماهير الشعب الفلسطيني. لا ثقة ولا تعاون. وتخطّى الإجماع الشعبي حواجز الفصائل، في حين تصرّ السلطة على تعزيز هذه الحواجز والانقسامات بكل وسيلة ممكنة، ليس فقط لخدمة الاحتلال، وإنما من أجل المحافظة على ما تبقّى لها من سلطة ونفوذ وامتيازات.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار