المقاومة وحدها هي من أفشلت محاولة العدو الصهيوني تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً..وقيادة السلطة والمنظمة خارج المشهد

المقاومة وحدها هي من أفشلت محاولة العدو الصهيوني تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً..وقيادة السلطة والمنظمة خارج المشهد

عليان عليان

فشلت حكومة العدو على مدى سبعة أيام في تمرير مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، توطئة لبناء الهيكل المزعوم، رغم إجراءاتها القمعية للمرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى على مدى سبعة أيام، وإصرارها على تفريغ المسجد وساحاته في الفترة الممتدة من الساعة السادسة صباحاً وحتى العاشرة صباحاً لتصبح هذه الفترة حكراً على التواجد اليهودي فقط، كترجمةً للتقسيم الزماني والمكاني بعد حصر مسمى المسجد الأقصى “بالمصلى القبلي”.

لقد اعتقدت حكومة العدو أن اندلاق العديد من الأنظمة الخليجية والحكم العسكري في السودان والمغرب على التطبيع مع الكيان الصهيوني والتحالف الضمني معه، سيصيب الشعب الفلسطيني بالإحباط ، ما يمكنها من المضي قدماً في تهويد القدس والمسجد الأقصى توطئة لبناء الهيكل المزعوم، لكن ما جرى هو العكس تماماً، فعمليات التطبيع والتتبيع لم تفت في عضد أبناء شعبنا، بل زادته صلابة ً وإصرارا على إفشال مخططات العدو وفي الذاكرة القريبة جداً كيف رد أبناء شعبنا على مؤتمر النقب التطبيعي بأربع عمليات فدائية هزت الكيان الصهيوني من الأعماق، وأعادت طرح ” سؤال الوجود” لدى المستوطنين مجدداً، بعد أن طرحه الصهاينة على أنفسهم بعد معركة سيف القدس التاريخية.

لقد فوجئ العدو الصهيوني بالزخم النضالي لأبناء شعبنا في القدس ومن القادمين من سائر أرجاء الضفة الفلسطينية ومن مناطق 1948، وهم يتصدون لجنود الاحتلال بصدورهم العارية وبقبضات أيديهم وبما تيسر لهم من حجارة، ويقدمون مئات الجرحى والمعتقلين ويدخلون معهم في معارك كر وفر ، في مشهد نضالي أفقد العدو صوابه، وجعله يعيد النظر في تكتيكاته في محاولة منه لخفض منسوب المواجهة، حين قدم وعداً لبعض الأنظمة العربية، بوقف اقتحامات المستوطنين في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان وبمنع مسيرة الأعلام المتفق عليها مع “جماعات الهيكل” في العشرين من أبريل (نيسان ) الجاري- من الوصول إلى منطقة باب العامود، خشية من عدم القدرة على السيطرة على الموقف في ضوء تجمهر أبناء القدس والشبان الفلسطينيين من مختلف المناطق في “باب العامود” استعداداً للتصدي للمسيرة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ما أفصحت عنه وسائل إعلام إسرائيلية بشأن وجود خشية في المؤسسة الأمنية والعسكرية، من أن تفتح فصائل المقاومة نيران صواريخها مجدداً على مستوطنات الاحتلال ومراكزه الرئيسية، على غرار ما حصل في معركة سيف القدس في أيار (مايو) 2021.

وهذا الزخم الكفاحي أفشل ابتداءً “ذبح القرابين” في ساحة الأقصى، كعمل رمزي في مكان الهيكل المزعوم، وأفشل هدف “جماعات الهيكل” من اقتحام آلاف المستوطنين للمسجد الأقصى وساحاته بحماية جنود الاحتلال، على مدى أيام عيد الفصح اليهودي، وهو خلق حقائق أمر واقع يهودية في المسجد الأقصى، لتنتهي المواجهات بالنقاط لصالح أبناء شعبنا، حين هرع (150) ألف مواطن فلسطيني من مدن وقرى الضفة ومن مدن وقرى فلسطين المحتلة 1948، للصلاة في المسجد الأقصى في الجمعة الثالثة من شهر رمضان ومكوث معظمهم حتى موعد صلاة التراويح، ليشعلوا هبة جماهيرية في ساحات الأقصى وفق شعارات استراتيجية ناظمة “على القدس رايحين شهداء بالملايين، وبدنا نحرر فلسطين” وشعارات تمجد المقاومة ودورها وترفض الحلول التسووية مع العدو.

بعض الأقلام الرجعية والمتصهينة، حاولت أن تغمز من قناة المقاومة في قطاع غزة بقولها أن فصائل المقاومة لم تنفذ تهديدها وفق معادلة ” غزة – جنين – القدس”، لكن هذا البعض تجاهل عن قصد حقيقتين (الأولى) أن المقاومة أرادت أن تبرز البعد الجماهيري المشتبك في القدس وفي عموم الضفة وفلسطين المحتلة عام 1948، بما يمكن البناء عليه نحو انتفاضة شاملة، وحتى لا يختفي هذا البعد في سياق المواجهات المسلحة.

(وثانيا) حقيقة أن المقاومة الفلسطينية في غرفة العمليات المشتركة في قطاع غزة كانت تراقب الموقف عن كثب ويدها على الزناد، وترسل بضعة رسائل للعدو من خلال بضعة صواريخ لمستوطنات غلاف غزة، وبضع إطلاقات من رشاشات الكلاشينكوف، تلك الصواريخ التي أربكت العدو، ودفعته للرد على طلقات الرشاش التي لا تكلف كثيراً بصواريخ القبة الحديدية التي تكلف عشرات آلاف الدولارات.

يضاف إلى ذلك أن المقاومة أرسلت رسالة ميدانية للعدو، حين أغارت طائراته على مواقع للمقاومة في وسط القطاع بالقرب من الجدار، بالرد عليها بصواريخ ” ستريلا” الروسية المحمولة على الكتف، لتجبرها على الفرار من أجواء غزة، وهذه الرسالة تقول “بأن مفاجآت عسكرية تنتظر العدو، في حال استمر في مخططه التهويدي للقدس وللأقصى وفي حال أقدم على عملية عسكرية واسعة في جنين “وفي بقية أرجاء الضفة الفلسطينية”.

لقد وصلت الرسالة للعدو الذي أعلن عبر وسائطه الإعلامية بأن المقاومة أعادت بناء قدراتها العسكرية والصاروخية رغم الحصار المحكم على القطاع براً وبحراً وجواً، ما دفع بعض المراقبين لاستحضار مقولة حكيم الثورة ” د. جورج حبش ” “في أن الثورة الفلسطينية وجدت لتصنع المستحيل وليس الممكن”، فها هي فعلاً تصنع المستحيل في قطاع غزة، وها هي تتحدى إجراءات الاحتلال في القدس وعموم الضفة المحتلة وتدفع أزلام التنسيق الأمني – الذين راهن عليهم العدو في جنين – إلى الهرب من جنين الثورة قبل أن تنال منهم أيادي الثوار.

أما قيادة السلطة وأداتها “اللجنة التنفيذية” فتتصرف كأنها خارج المشهد، شأنها شأن العديد من أطراف النظام العربي الرسمي، فنراها تطالب المجتمع الدولي بالتدخل لحماية الشعب الفلسطيني، وتمضغ عبارة “الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للأماكن المقدسة في القدس”، في الوقت الذي تستمر فيه بالاعتراف بالكيان الصهيوني وبالالتزام باتفاقيات أوسلو وبنهج التنسيق الأمني، وذلك بالضد من الإجماع الوطني وقرار المجلس المركزي الفلسطيني عام 2015 وقرار المجلس الوطني عام 2018 وقرار مؤتمر الأمناء العامين ” بيروت -رام الله” الذي عقد وفق تقنية الفيديو كونفرنس في سبتمبر ( أيلول) 2020.

الشعب الفلسطيني لا يزال يراكم على مخرجات معركة سيف القدس في القدس وجنين و الخليل ونابلس وبيت لحم وبيتا وبرقة وفي أم الفحم والناصرة وحيفا ويافا والنقب، ويؤكد بالممارسة الكفاحية أن ما حصل في الحرم الإبراهيمي بشأن التقسيم الزماني والمكاني نتيجة اتفاق الخليل الذي قسم المدينة إلى قسمين (H1) خاضع للسيطرة الفلسطينية و (H2) خاضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، لن يتكرر.

تجدر الإشارة هنا إلى أن القيادي في حركة فتح ” نبيل شعث” الذي فاوض العدو الصهيوني بشأن اتفاق الخليل عام 1997، سبق أن وافق على تضمين الاتفاق المصطلح التوراتي “قبر الأنبياء” بدلاً من الاسم التاريخي “الحرم الإبراهيمي” بناء على طلب من الجانب الصهيوني، حيث وظف الكيان الصهيوني الاتفاق والمصطلح كغطاء سياسي لتقسيم الحرم الإبراهيمي زمانياً ومكانياً.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار