هل نحن على أبواب حرب عالمية ثالثة مختلفة في تفاصيها عن الحربين الأولى والثانية.. رسالة مفتوحة من المفكر طلال أبوغزاله إلى حكماء العالم :

هل نحن على أبواب حرب عالمية ثالثة مختلفة في تفاصيها عن الحربين الأولى والثانية.. رسالة مفتوحة من المفكر طلال أبوغزاله إلى حكماء العالم :

كيف يتحقق أمن وسلام وازدهار العالم وتسود العدالة والاستقرار فيه إذا استمر العالم دون قيادة؛ ودون نظام دولي متوازن..لن توقف “الحرب الأوكرانية”وستنشب حروب أخرى بعدها،بمستوى الحروب الكونية

1ـ لقد سبق وقلت في رسالة مفتوحة صدرت بتاريخ 29/2/2022 أن الأزمة الروسية ـ الأوكرانية سوف تتمدّد ليس فقط لتشمل أوروبا وأميركا وحلف الناتو، بل ربما تتحول إلى حرب عالمية شاملة. أخشى أننا وصلنا إلى هذه المرحلة بالغة الخطورة.
2 ـ ما قصدته في حينه، وما أعنيه الآن، بالحرب العالمية الشاملة ، هو ليس الحرب العسكرية فقط (دون استبعاد هذا الخطر في ضوء التوتر الدولي القائم وغياب الإرادة الدولية لحل النزاعات بالتفاوض) ما قصدته هو الصراع السياسي والحرب الاقتصادية والعقوبات وخطاب الكراهية الذي أنتجته الحرب الأوكرانية بسرعة مذهلة، والدعاية العدائية والتهويل.
3ـ نحن الآن نعيش في خضم هذه الحرب الاقتصادية العالمية الثالثة الشاملة؛ حرب العقوبات والمقاطعة وتدمير شبكات التعاون الاقتصادي والمالي والتجاري وفرض الحواجز والقيود وقطع طرق التواصل دون أي مراعاة للعواقب الوخيمة لهذه الإجراءات الجامحة والتي بدأت تلقي بظلالها الكئيبة على الجميع.
4 ـ جاءت هذه العقوبات الاقتصادية في ظل الاعتماد المتبادل القائم بين دول العالم بأسرها حيث التشابك الوثيق للمصالح واستحالة العودة للانعزال والاكتفاء الذاتي كما كان عليه الوضع في عهودٍ سابقة، لذلك توسعت بسرعة رقعة الضرر، وارتفعت أسعار الطاقة بشكل جنوني ، بلا مبرر، كما إرتفعت أسعار المواد الغذائية.
وإذا استمر الوضع على حاله ، فإن القادم سيكون أكثر فظاعة وأكثر خطورة، ما لم يتمكن حكماء هذا العالم من وضع حدٍ لهذا الانهيار الأخلاقي والسياسي ، في ظل عجزٍ دائم ومزمن ومتراكم من قبل منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة.
نحن الآن نمر بمواجهة أكبر تحدٍّ لأمن وسلام العالم الذي تتبجح دول كبرى ؛ الحرص عليه قولا لا فعلاً.
5 ـ الحرب الأوكرانية لم تحدث فجأة، لقد تفاقم الخلاف على مدى سنين (منذ عام 2014) ولم تبادر الأمم المتحدة ، ولا الدول القادرة والمؤثرة بادرت بأي جهد لحل الخلاف في مراحله المبكرة، وعدم السماح للخلاف بالوصول إلى نقطة الانفجار، بل على العكس من ذلك، تُرك الأمر يتفاقم أمام مرأى ومسمع الجميع، بل ممارسة التحريض والاستفزاز والتحرش السياسي والعسكري ، ما أسهم في شحن أجواء المواجهة العسكرية.
رغم أنه كان بالمستطاع تفادي الحرب بالحوار والحكمة والتفاوض الموضوعي المجرّد عن المصالح الضيقة والنزوات السياسية.
6 ـ عندما وقعت الحرب لم تتحرك الأمم المتحدة للقيام بواجبها، ولا بما هو مطلوب منها بحسب ميثاقها، بل تركت الأمور تتصاعد بسرعة مذهلة.
أما الولايات المتحدة الأمريكية ، فقد اتخذت إجراءات عقابية وشجّعت التحشيد وصب الزيت على النار بالإدانة وبالدعوة للمعاقبة ولفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والعزل السياسي ، بدلا من الدعوة للحوار وحل الخلاف بالطرق السليمة.
7 ـ كذلك فعلت الدول الأوروبية الشيء ذاته ، وكثير من دول العالم، بشن حملات التحريض وتزويد الأطراف المحاربة بالسلاح والمرتزقة وإغراق الرأي العام بالدعاية التحريضية والمبالغات في ارتكاب الفظائع والمآسي الإنسانية أضعاف الحقيقة.
8 ـ لا جدال في أن الحرب الجارية حاليا هي كارثية بكل المقاييس ، فقد خلّفت دمارًا كبيرًا، ومآسٍ إنسانية وشردت الملايين وأربكت معظم دول وشعوب العالم ،
وسينجلي هذا الدمار عن أكلاف بـ تريليونات الدولارات (فوق كلفة الحرب المستمرة ذاتها) والتي يصعب تحديدها أو تخيلها مع إستمرار الحرب من هدم وقتل وهدر.
ولن يخرج من هذه الحرب رابح واحد بغض النظر عمّن يكسبها أو من سيخسرها.
وأتساءل هل كانت هذه الحرب حتمية؟ ألم يكن بالمستطاع تلافيها لو توفرت قيادة دولية حكيمة ومتمكنة ومدعومة من الدول العظمى وقتها؟
9 ـ يقودني هذا إلى التأكيد مجدداً ، بأن على دول العالم، وقياداته المؤثرة ، أن لا تسمح لدروس هذه الحرب القاسية الذهاب دون الاستفادة منها.
10 ـ الدرس الكبير ( الذي علينا تعلمه ) هو أن هذه الحرب، وحروب أخرى ستقع بالفعل بعدها، بمستوى الحروب الكونية ؛ إذا استمر عالمنا بدون قيادة؛ بدون نظام دولي متوازن ومحكوم بقواعد ثابتة؛ وبدون تفعيل حقيقي للأمم المتحدة المجمّدة والمكبّلة والعاجزة عن القيام بواجبها والالتزام بقواعد ميثاقها.
11ـ لذلك أكرّر الدعوة إلى ضرورة جلوس الدول العظمى معا للاتفاق على النظام العالمي المنشود لأجل الحفاظ على أمن وسلام العالم، ولأجل تخصيص أموال الحروب الباهظة التي تنفقها الدول على التسليح والحروب والدمار، لأجل التقدم والتنمية والتطور التكنولوجي .
أما وقد وقعت الحرب ـ فلا بد من إعادة بناء ما دمرته ، وعلى إغاثة المنكوبين وإعادة تأهيلهم بعد التهجير؛ وتخصيص الأموال الكافية ، للتنمية والبناء ومعالجة قضايا المناخ ومحاربة الأوبئة وغير ذلك من المشاكل التي تواجهها البشرية.
12ـ عندئذٍ يتحقق أمن وسلام وازدهار العالم وتسود العدالة والاستقرار لدى كافة أرجاء المعمورة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار