ردّة فِعل السلطة الفِلسطينيّة تُجاه القرار الأمريكيّ بتشريع الاستِيطان أكثَر صدمة من القَرار نفسه..وترامب انحاز لليمين الإسرائيليّ المُتطرّف لتعزيز فُرصه بالفوز في الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة

جاء ردّ السّلطة الفِلسطينيّة على القرار الأمريكيّ بالاعتِراف بالاستيطان الإسرائيليّ وشرعيّته في الضفّة الغربيّة صادِمًا أكثر من القرار نفسه، فهذهِ السّلطة التي حشَدت المُظاهرات للتّرحيب بالرئيس محمود عبّاس بعد عودته من الأمم المتحدة حامِلًا إنْجازًا هزيلًا باعتِراف جمعيّتها العامّة بفِلسطين كدولة، اكتَفت بالقول على لسان الدكتور صائب عريقات، بأنّها ستَذهب إلى مجلس الأمن ومحكمة الجِنايات الدوليّة للاحتِجاج ضِد هذا القرار، ولم تدعو لمُظاهرةِ احتجاجٍ واحِدةٍ، ناهِيك عن تنفيذ قرارات اتّخذها مجلِسها الوطنيّ أو المركزيّ بسحب الاعتِراف بالدولة العبريّة المُحتلّة وإلغاء التّنسيق الأمنيّ الذي يحمِي المُستوطنين ويتجسّس على الشّرفاء في الأراضي المُحتلّة.
هذا القرار الأمريكيّ الذي يقِف خلفه ديفيد فريدمان، سفير البيت الأبيض في القدس المُحتلّة جاء بعد الاعتراف بالمدينة المُقدّسة عاصمةً للدولة الإسرائيليّة وضم هضبة الجولان السوريّة المُحتلّة، وإعطاء ضُوء أخضر لضم الضفّة الغربيّة، وتَسريع وتيرة الاستِيطان فيها، إنّها صفقة القرن التي استضافت مُؤتمراتها، وشارَك فيها بعض العرب.
الرئيس دونالد ترامب وإدارته قرّرا بهذا القرار غير المُفاجِئ، والمُتعارِض كُلِّيًّا مع القَوانين الدوليّة، الانحِياز بالكامِل إلى اليمين الإسرائيليّ المُتطرّف بزَعامة بنيامين نِتنياهو في الأزَمة السياسيّة الحاليّة التي تعيشها إسرائيل إثر فشَل التكتّلين الكبيرين فيها “اللّيكود” و”أبيض أزرق” من تشكيل الحُكومة، وتزايُد احتِمال الذّهاب إلى انتخاباتٍ تشريعيّةٍ ثالثة، وتعزيز فُرَص فوزه، أيّ ترامب، في الفَوز بالانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة القادِمة في الوقتِ نفسه.
هذا القرار الذي نسَف حلّ الدّولتين مُجدّدًا، وضَع الفِلسطينيين أمام خِيار واحد، استمرار النضال لإنهاء الإحتلال العنصري على غِرار نَظيرتها السّابقة في جنوب إفريقيا، ومثلَما انهار النّظام العُنصري في بريتوريا سينهار في تل أبيب، ودروس التُاريخ تُؤكِّد هذهِ الحقيقة، طالَ الزّمن أو قَصُر.
الإدارة الأمريكيّة الحاليّة تتعامل مع الشّعب الفِلسطيني مِثل تعامُل الأمريكيين الغُزاة البِيض مع الهُنود الحُمر، أيّ نفِي أيّ حُقوق لهم، كمُقدّمة لنَفي وجودهم، وتشريع إبادتهم أو تهجيرهم لأنّه لا شَرعيّة لهُم في أرض أجدادهم، ولمصلحة المُستوطنين اليهود.
إسرائيل في نظَر ترامب دولة فوق القانون، والشّعب الفِلسطيني في نظَرها ليس مَوجودًا، وإن وُجِد فإنّه بلا أيّ حُقوق قانونيّة أو شرعيّة، بِما في ذلك حَق الحياة الكريمة، وليس أمامه غير العمل كخادمٍ وتنظيف المراحيض عِند المُحتَل.
أمريكا ترامب ليست زعيمة العالم الحُر، وإنّما زعيمة اليمين العُنصري المُتطرّف في كُل مكان، وقاعدة التّخريب وزعزعة الأمن والاستِقرار في العالم، ومن يقول غير ذلك مُتواطئٌ معها، ويقِف في خندقها، خندق الظّلم والاضّطهاد، وهضْم حقّ الشّعوب المَسحوقة.
ليس أمام الشّعب الفِلسطيني من خِيارٍ غير المُقاومة بأشكالها كافّة لكُل هذه القرارات الظّالمة وأصحابها، ومُراجعة كُل أدبيّاته حول التّعايش مع نِظام عنصريّ يَرفُض هذا التّعايش ويتغوّل في اضّطهادِه ومُصادرة الحد الأدنى من حُقوقه.
لم نُوجِّه أيّ لوم للمُحيطين العربيّ والإسلاميّ في هذه الافتتاحيّة لأنّنا نعلم جيّدًا أنّه لا فائِدة من ذلك، و”لا لجُرحٍ في مَيّتٍ مِن إيلامُ”.
“رأي اليوم”
قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار