معركة الغوطة .. إما قاتل .. أو مقتول…ماذا وراء هذه الهستيريا بشأن الغوطة الشرقية بالذات ؟. .

معركة الغوطة .. إما قاتل .. أو مقتول…ماذا وراء هذه الهستيريا بشأن الغوطة الشرقية بالذات ؟. .

بقلم: الإعلامي العربي: كمال خلف

تبدو المعركة علي جزء من محيط دمشق تسيطر عليه مجموعة فصائل مسلحة منذ سنوات أشبه بحرب عالمية . نقول هذا على وقع سيل التصريحات الغربية والأمريكية على وجه الخصوص بشأن مايجري في الغوطة الشرقية ، والتحركات المحمومة داخل الأروقة الدولية ، مرة باستعمال الملف الإنساني ، وأخرى العودة إلى الاتهام الكيميائي. وصل حد تهديد الرئيس ترامب للأسد بالمحاسبة، وتهديد الدول الغربية بلسان المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين بنقل ملف الغوطة إلى الجنائية الدولية .

قد يدفع هذا الأمر إلى الاستهجان لجهة هذا الإستنفار الغربي على معركة من حزمة معارك جرت وتجري منذ 8 سنوات ، خاصة أن هناك صراخا من مئات آلاف المدنيين في عفرين السورية التي يغزوها الجيش التركي ، دون ضجيج . ناهيك عن مأساة القرن في اليمن ، والتي لا تقارن بأي حرب أخرى تجري الآن في سوريا أو غيرها .

انطلاقا من هذه المقارنات يمكن أن نبدأ بفهم مشهد الغوطة بتثبيت حقيقة أن دوافع الغرب وواشنطن ليست سوى ذرائع كاذبة ، ووسائل ضغط متاحه ، سواء كان ما يتعلق بالمدنيبن في غوطة دمشق وهم فعلا يعانون من الحرب هناك ، ولكن تبني معاناتهم اداة سياسية وليست من منطق إنساني وصحوة ضمير ، أو إعادة إنتاج الحديث عن استخدام السلاح الكيماوي الذي يأمل الغرب أن تكون وسيلة للجم الجيش السوري وروسيا عن إكمال المهمة في الغوطة الشرقية .

إذا ماذا وراء هذه الهستيريا بشأن الغوطة الشرقية بالذات ؟. .
إن حسم الجيش السوري وبدعم روسيا لمعركة الغوطة يعني أن ورقة ضغط ثقيلة بيد واشنطن وحلفائها على الحكومة السورية قد سقطت ، والحكومة السورية ستكون بوضع مريح في اية عملية تفاوض على مستقبل سوريا . التصور الروسي قائم على دفع المعارضة كاملة إلى رؤيتها للحل ، وترى أن سحب المزيد من الأوراق في الميدان يؤدي الغاية المنشودة .

كما أن إنجاز المهمة في الغوطة تعطي القوات السورية وحلفائها فائض قوة عسكرية كبيرا ، فكل القوات المحتشدة منذ سنوات لحماية العاصمة من أي هجوم مباغت من الخاصرة الشرقية ، ستسلك طريقها إلى الجبهات المتبقية أقصى الشمال وأقصى الجنوب . وهذا سيسرع من حسم تلك الجبهات .

إن حسم معركة الغوطة لصالح الجيش السوري ، يفقد الولايات المتحدة أي خيار مستقبلي لاستعمال الخطة “ب ” ضد الحكومة السورية . حيث تأمل واشنطن منذ مدة بالوصول إلى فصائل الغوطة وترتيب أوضاعهم العسكرية بما يضمن فرض رؤيتها للحل المقبل ، وإذا تعذر ذلك الذهاب إلى اختراق عسكري داخل العاصمةيعيد الحرب في سوريا إلى المربع الأول .

تدرك واشنطن جيدا أولويات القيادة السورية ، وتعلم أن السوريين بعد إنجاز الغوطة ، سيصبحون أقرب إلى مرحلة المطالبة بخروج القوات الأمريكية . وتهديد مندوب سوريا بمقاومة ما وصفه بالاحتلال الأمريكي في مجلس الأمن ، واحدة من تهديدات بدأنا نسمعها من سوريا والعراق حول هذا الوجود غير الشرعي . وهذه التهديدات قد تتحول إلى واقع في المرحلة المقبلة ما بعد الغوطة .

الأهم من كل هذا هو استجابة ” محمد علوش ” لطلب واشنطن بإغلاق هاتفه بوجه الروس ، وزرع مسلحي جيش الإسلام لمنع المدنيين من الخروج من معبر الوافدين الذي حددته روسيا على أطراف الغوطة ، ويبدو بأن واشنطن تكفلت لعلوش بإنقاذ جماعته دون الحاجة لإبرام تفاهم مع روسيا ، وهي تقوم بالتصعيد بحده الأقصى لهذه الغاية .

تلقى علوش رسالة بالنار ببدء الهجوم على معاقله قبل الآخرين في حوش الظواهرة والسيطرة عليها والتقدم إلى الشيفونيةالقريبة من معقل جيش الإسلام في مدينة دوما .

أعتقد أن علوش ارتكب خطأ بوضع بيضه في السلة الأمريكية . وإن كانت واشنطن وحلفاؤها يثيرون العواصف للجم الحشود السورية على الغوطة ، إلا أن معركة الغوطة هي معركة مصير ، إما قاتل أو مقتول . قد تطول وقد تدخل منعطفات وتعقيدات ، إلا أن النتيجة ستكون واحدة ، أقلها قلب المعادلة القائمة في الغوطة الشرقية .

و إذا تمخضت التهديدات الأمريكية الراهنة عن ضربة عسكرية تستهدف الجيش السوري كما فعل ترامب في مطار الشعيرات ، فإن هذا الأمر سيعجل كثيرا بحسم المعركة في الغوطة الشرقية لصالح الجيش السوري وليس العكس .

عودة الأمريكيين إلى دائرة الفعل في سوريا وعودة التاثيرات الأوربية ، تبدو في الظاهر بأنها ستطيل أمد القتال وتزيد المشهد تعقيدا ، لكن ربما سيحدث العكس .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار