مبادرتان لـ«سلم دافئ» مع «إسرائيل»االتوافق جرى بين بلير والسيسي ونتنياهو وبعلم وموافقة كيري والملكين السعودي والأردني, والسيسي بكلف بترتيب أمور الحلقة الفلسطينية وإعادة تأهيلها: راسم عبيدات

0

شهدت المنطقة حراكاً سياسياً بهدف إعادة المفاوضات ما بين «إسرائيل» وبين السلطة الفلسطينية والتقدّم في «السلام» بين الطرفين، وعلى هذا الصعيد كانت هناك مبادرة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في هذا الشأن، ولتحقيق هذه الغاية التقى مسؤول الرباعية السابق طوني بلير الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، وقد جرى التوافق بين بلير والسيسي ونتنياهو وبعلم وموافقة كيري والملكين السعودي والأردني على أن يُطلق الرئيس المصري مبادرته، والتي فيها يُناط بالرئيس السيسي ترتيب أمور الحلقة الفلسطينية وإعادة تأهيلها، من خلال العمل على تحقيق مصالحة فلسطينية فلسطينية بين حركتي فتح وحماس وفي المقابل يتولى مسؤول الرباعية السابق بلير بالتعاون مع كيري وأطراف عربية تأهيل الحكومة الصهيونية لهذا الغرض وتلك الغاية، بحيث يجري ضمّ المعسكر الصهيوني لهذه الحكومة، لكي تصبح مؤهّلة لمثل هذه التسوية المطروحة من خلال المؤتمر الإقليمي الذي دعت إليه فرنسا، إطلاق المفاوضات ما بين السلطة الفلسطينية و»إسرائيل» على أساس مبادرة السلام العربية، على أن يجري تأهيلها هي الأخرى حتى توافق عليها «اسرائيل»، وما نشرته القناة العاشرة الصهيونية بأن الدول العربية لديها استعداد للتخلى عن عودة هضبة الجولان المحتلة مع التنازل عن قضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وبالفعل اطلق الرئيس السيسي مبادرته وحسب الإتفاق جرى الترحيب بها من قبل السلطة الفلسطينية و»اسرائيل» حكومة ومعارضة وأصبح الجميع يعتقد أن الطريق أصبحت معبّدة وسالكة أمام المؤتمر الإقليمي الذي بادرت له فرنسا، لكي ينطلق بعد أن توافق عليه «اسرائيل»، هذا المؤتمر الذي كان منوياً عقده في الثلاثين من الشهر الجاري، تأجل للثالث من حزيران المقبل، بذريعة إزدحام جدول وزير الخارجية الأميركي كيري وعدم قدرته على حضور المؤتمر، وإنْ كانت تلك الحجة واهية، فالتأجيل متعلق بالرفض الصهيوني وإفشال نتنياهو لخطة «بلير» ومبادرة السياسي.
على هذا الأساس خاض زعيم حزب العمل اسحق هيرتسوغ محادثات ومفاوضات مع نتنياهو من أجل الدخول في الحكومة الصهيونية وتوسيعها، ولكن تلك المفاوضات فشلت فشلاً ذريعاً حيثُ تباينت المواقف حول أسباب فشلها، وما الذي دفع بنتنياهو لرفض المبادرتين؟
التفسيرات بدت متباينة ومختلفة هنا، فهيرتسوغ قال إنّ المفاوضات فشلت لأنّ نتنياهو رفض أنّ يوثق خطياً أسس التفاهم بينهما حول المستوطنات والمفاوضات مع الفلسطينيين. أوساط نتنياهو قالت إنّ رئيس الحكومة «الإسرائيلية» فهم أنّ هيرتسوغ عاجز عن تمرير الخطة في «المعسكر الصهيوني». اتضح لاحقاً أنّ الاثنين على صواب. فصحيفة «هآرتس» 2016/5/19 حمّلت نتنياهو مسؤولية الفشل لأنه «يرفض باستمرار تقديم مواقف تفصيلية بشأن القضايا الجوهرية للتسوية السياسية: الحدود والمستوطنات، الترتيبات الأمنية، القدس واللاجئون». لكن صحيفة «معاريف» 2016/5/19 نسبت إلى هيرتسوغ اتهامه سلفه في زعامة حزب العمل وعضو كتلة «المعسكر الصهيوني» شيلي يحيموفيتش بتنظيم حملة شعواء أبعدته عن الانضمام إلى الحكومة ما أدّى إلى ضمّ ليبرمان إليها.
نتنياهو بارع في الخداع والتضليل، ولكنه في المقابل يعرف ما يريد ولا يتنازل عن مواقفه ومخططاته، فالإستيطان ونفي قيام الدولة الفلسطينية غربي نهر الأردن من الثوابت لديه، وتجارب العرب والسلطة الفلسطينية معه مريرة، ولكن العرب والفلسطينيون لا يتعلمون من التجارب، وعلى استعداد لتجريب المجرب بدل المرة مرات، فنتنياهو من أعاد فتح اتفاق الخليل، وهو من أفشل المفاوضات التي قادها كيري لمدة تسعة شهور مع السلطة الفلسطينية.
المهم نتنياهو كان يناور سياسياً وهو يعرف ما يريد، وكيف يتخلص من أية ضغوط تمارس عليه عربية وإقليمية ودولية من اجل الموافقة على المؤتمر الإقليمي الذي دعت غليه فرنسا، فهو لم يبدي رفضه للموافقة على المؤتمر الإقليمي، ولكن فرنسا دولة غير محايدة رغم كل محبتها وعشقها لـ «إسرائيل»، ولكي يوافق يعمل على إبتزازها، فرئيس الوزراء الفرنسي في لقائه مع نتنياهو أعرب عن اعتذاره حول التصويت الفرنسي في اليونسكو حول قضية المسجد الأقصى، وقال بأنه سيحاكم كل من يدعو إلى مقاطعة «إسرائيل» من المؤسسات ونشطاء المقاطعة في فرنسا، وإنه هو صديق شخصي لـ «إسرائيل»، ولن يكون هناك مؤتمر إقليمي بدون موافقتها وشروطها ومراعاة مصالحها وإحتياجاتها الأمنية.
المهم نتنياهو قبل استقالة يعلون وضم لوزارة الحرب زعيم حزب «اسرائيل بيتنا»، وكذلك ضم المتطرف «يهودا غليك» قائد عمليات اقتحامات الأقصى للكنيست بدل يعلون، واتخذ هذه الخطوة الإستباقية من أجل إفشال مبادرتي السيسي وبلير واحتواء المبادرة الفرنسية، فهو سيستخدم «ليبرمان» كفزاعة وحاجز صد أمام تلك المبادرة بالقول بأن الموافقة على المبادرة الفرنسية،سيؤدي الى سقوط حكومته، وهو سيستمر في المراوغة والمماطلة، لكسب الوقت المستقطع، فهو يدرك تماماً أنّ الإدارة الأميركية في أشهرها الأخيرة، وهي أعجز من أن تتخذ أيّ قرار أو ممارسة ضغط حقيقي على «اسرائيل» لقبول المبادرة الفرنسية، وأقصى ما تستطيعه هو بيان أو تصور من الرئيس الأميركي الحالي يكون كأساس يتحرك عليه الرئيس الأميركي المقبل، فيما يتعلق بالتسوية والسلام ما بين «اسرائيل» والسلطة الفلسطينية، بيان لا يساوي قيمة الحبر الذي يكتب به «ضحك عالذقون».
وكذلك نتنياهو يدرك بأنّ الدول العربية الخليجية منها ومصر والأردن بحاجة الى تقوية وتوثيق علاقاتها بـ «اسرائيل» فهي تعيش فزاعة الخوف من إيران على عروشها ومصالحها في المنطقة، ولم تعد القضية الفلسطينية قضيتها المركزية

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار