الإنتصار التاريخي. كيف انتصرت المقاومة والشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ مراحل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة الأسرى..
الإنتصار التاريخي. كيف انتصرت المقاومة والشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ مراحل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة الأسرى..
ظاهر صالح
بعد أن ترقّب العالم في الساعات الماضية إعلانًا عن التوصل لاتفاق بين الاحتلال وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي شهد حرب إبادة، وتدمير كل شيء من منازل، وبنية تحتية، وأراضٍ زراعية، ومشافٍ ومنشآت صناعية، منذ أكثر من 15 شهراً على بدء العدوان الهمجي على القطاع، كثُرت التكهنات بتفاصيل الصفقة المرتقبة، وبنود الاتفاق المحتمل ومصير الأوضاع في غزة وفقًا لما ورد في مسوَّدات الاتفاق التي تم الحصول عليها.
إجراءات حكومة الاحتلال قبل تنفيذ الاتفاق
بعد الإعلان عن الاتفاق على المسودة النهائية للصفقة، سيُعرض الاتفاق على المجلس الوزاري (الإسرائيلي) المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) وعلى الحكومة الموسعة أيضًا للمصادقة عليه، دون استبعاد عرضه على البرلمان (الكنيست).
وحال المصادقة على الاتفاق، تعرض وزارة العدل (الإسرائيلية) ومصلحة السجون (الإسرائيلية) أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم من أجل إفساح المجال أمام تقديم الاعتراضات إلى المحكمة العليا (الإسرائيلية)، والتي غالبًا ما ترفض الاعتراضات كما حدث في الماضي.
وعقب إقرار الأسماء، يصادق الرئيس (الإسرائيلي) هرتسوغ، على منح العفو للأسرى الفلسطينيين المحكومين بالسجن المؤبد والأحكام العالية، ولا تتضمن هذه الأسماء جميع الأسرى الذين سيشملهم الاتفاق، باعتبار أن الاتفاق سيتم على مراحل.
مراحل الاتفاق
يتضمن الاتفاق 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ولكن (إسرائيل) تريد قصرها على مرحلتين في مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، وفق مسودة للاتفاق.
المرحلة الأولى من الاتفاق والتي تسمى “المرحلة الإنسانية”، تستمر 42 يومًا، ومن المتوقع خلالها إطلاق سراح 33 أسيرًا (إسرائيليًا)، أحياءً وأمواتًا، بمن فيهم النساء وكبار السن والمرضى، على أن ينسحب جيش الاحتلال من معظم المناطق الخاضعة لسيطرته في غزة.
وحسب الاتفاق، فإن عملية إطلاق سراح أول دفعة من الأسرى (الإسرائيليين) ضمن المرحلة الأولى ستتم في اليوم السابع من وقف إطلاق النار.كما سيتم الإفراج مقابل كل مجندة (إسرائيلية) عن 50 معتقلًا فلسطينيًا، منهم 30 محكومًا بالسجن المؤبد، و20 محكومًا بالسجن لفترات طويلة.
ومقابل كل مواطن (إسرائيلي) امرأة كان أو مسنًا، سيتم إطلاق سراح 30 معتقلًا فلسطينيًا من فئات مختلفة، بمن في ذلك القاصرون والمرضى والنساء.
أما المرحلة الثانية والتي ستبدأ في اليوم السادس عشر من بدء الاتفاق، فستركز على مناقشات حول صفقة شاملة لجميع الأسرى في غزة، وإطلاق سراح من تبقى من الشباب والجنود.
ويتعين التوصل إلى اتفاقات بشأن المرحلة الثانية قبل نهاية الأسبوع الخامس من المرحلة الأولى من الاتفاق.
بينما تتناول المرحلة الثالثة والأخيرة، الترتيبات طويلة الأمد وتشمل خطط إعادة إعمار القطاع.
وقف إطلاق النار في غزة
بدءًا من اليوم الأول من الاتفاق، يدخل وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وينسحب جيش الاحتلال إلى خارج المناطق السكنية الفلسطينية بمحاذاة الحدود، ويتوقف نشاط الطائرات المسيرة لمدة 10 ساعات يوميًا و12 ساعة في أيام تبادل الأسرى.
ويبدأ الانسحاب (الإسرائيلي) التدريجي من قطاع غزة، بما في ذلك الانسحاب من محور نتساريم الذي يفصل شمال غزة عن باقي أنحاء القطاع، والانسحاب كذلك من محور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر.
وفي المرحلة الثانية من الاتفاق، سيتم الإعلان عن عودة الهدوء المستدام، ما يعني وقفًا دائمًا للعمليات العسكرية وانسحاب قوات الاحتلال بالكامل إلى خارج قطاع غزة، وفتح المعابر والسماح بحركة الأشخاص والبضائع.
الأسرى الفلسطينيون ضمن الاتفاق
في المرحلة الأولى من الاتفاق، سيتم إطلاق سراح 30 أسيرًا فلسطينيًا مقابل كل أسير (إسرائيلي) مدني.
وبمقابل كل جندي (إسرائيلي) يتم إطلاق سراحه في المرحلة الأولى، سيتم إطلاق 50 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم 30 من المحكومين بالسجن المؤبد، و20 من أصحاب الأحكام العالية.
وبهذا الخصوص، تطالب (إسرائيل) بعدم إطلاق سراح عدد من الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد إلى الضفة الغربية، علمًا بأنه في صفقة عام 2011، جرى إطلاق عدد من المحكومين بالسجن المؤبد إلى قطاع غزة والخارج.
وتشمل المرحلة الأولى الأسرى الذين شملهم اتفاق التبادل عام 2011 وأعادت (إسرائيل) اعتقالهم لاحقًا وعددهم 47 فلسطينيًا.
وسيتم التفاوض لاحقًا على عدد الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل الجنود الذين سيتم إطلاقهم في المرحلة الثانية من الاتفاق. وبموجب الاتفاق، لن يتم اعتقال الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مرة أخرى بنفس التهم التي اعتقلوا بسببها سابقًا.
أسرى الاحتلال بالاتفاق
سيشمل الاتفاق جميع أسرى الاحتلال الـ98، ولكن المرحلة الأولى من الاتفاق ستتضمن 33 أسيرًا ممن يعرفون بأنهم “حالات إنسانية” وتشمل النساء والأطفال دون 19 عامًا وكبار السن فوق 50 عامًا، والمدنيين الجرحى والمرضى من غير الجنود. وسيجري التفاوض على أن تشمل المرحلة الثانية الجنود الأسرى، على أن تشمل المرحلة الثالثة الجثث.
وتحتجز تل أبيب في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 فلسطيني، بينما تقدر وجود 98 أسيرًا (إسرائيليًا) بغزة، في حين أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” مقتل عشرات الأسرى لديها في غارات عشوائية قام بها الاحتلال.
دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة
بدءًا من اليوم الأول من الاتفاق، سيبدأ الإدخال المكثف للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بواقع 600 شاحنة يوميًا على أن تشمل 50 شاحنة وقود، منها 300 شاحنة لشمال قطاع غزة.
وسيستمر ذلك طوال فترة المراحل الثلاث للاتفاق، على أن تواصل الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية الأخرى، أعمالها في تقديم الخدمات الإنسانية في كل مناطق قطاع غزة.
عودة النازحين وإعادة الإعمار
بدءًا من اليوم الأول للاتفاق، سيسمح لجميع الفلسطينيين الذين نزحوا إلى جنوب قطاع غزة منذ بداية الحرب بالعودة إلى منازلهم في شمال القطاع. كما سيسمح بحرية تنقل للسكان في جميع مناطق القطاع.
وفور دخول الاتفاق حيز التنفيذ، تبدأ عملية إعادة تأهيل البنية التحتية، بما يشمل الكهرباء والماء والصرف الصحي والاتصالات والطرق في جميع مناطق قطاع غزة. كما سيتم إدخال المعدات اللازمة للدفاع المدني، ولإزالة الركام والأنقاض.
وسيتم إدخال المتطلبات اللازمة لإنشاء مراكز إيواء للنازحين الذين فقدوا بيوتهم خلال الحرب، بعدد لا يقل عن 60 ألف مسكن مؤقت (كرفان) و200 ألف خيمة. كما تشمل العملية إعادة إعمار المنازل والمباني المدنية والبنية التحتية المدنية المدمرة.
الدول الضامنة للاتفاق
تعد كل من قطر ومصر والولايات المتحدة، الدول الضامنة لتنفيذ الاتفاق بين الاحتلال وحركة “حماس”، حيث قادت تلك الدول على مدار الأسابيع الماضية، جهودًا مكثفة للتوصل إلى صيغة نهائية للاتفاق.
وحيال ذلك، يمكن القول: إن حركة “حماس” وفصائل المقاومة نجحت في قلب مجريات الأحداث ميدانيًا بغزة، وفي أروقة التفاوض، حيث أثبتت أنها قادرة على التفاوض تحت النار، لدعم موقف المفاوض الفلسطيني، وللتشبث بالمطالب العادلة لإنهاء العدوان، وعقد صفقة مشرّفة، أدارتها فصائل المقاومة بدقة متناهية، وكسرت الوهم الذي تم بيعه للعالم العربي المتصهين بأن جيش الاحتلال، جيش لا يقهر، وأن الاتفاق ليس مجرد نصر ميداني فحسب، بل يُمثّل تحولًا إستراتيجيًا وانتصارًا تاريخيًا وأسطوريًا للشعب الفلسطيني ومقاومته بعد 467 يومًا من استمرار القتل والإرهاب وارتكاب أبشع المجازر وحرب الإبادة في قطاع غزة.
التعليقات مغلقة.