زيارات الوفود الأمريكية الى المنطقة، ماذا تريد وما هي اهدافها في الأوضاع الفلسطينية ..؟ وكيف نواجهها ..؟

زيارات الوفود الأمريكية الى المنطقة، ماذا تريد وما هي اهدافها في الأوضاع الفلسطينية ..؟ وكيف نواجهها ..؟

طارق أبو بسام
تزامنا مع اشتداد حالة التوتر والاحتقان في المنطقة، خاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تصاعدت في اعقاب مجيء حكومة اليمين الفاشي المتطرف، حكومة المستوطنين، وما اتخذته من قرارات واضحة اشد قمعا، تمثلت في إقرار زيادة المستوطنات ودعم المستوطنين، من أجل الانتشار والسيطرة على كامل الضفة الغربية والقدس. كما تمثلت ايضا في العمل على تقديم مشاريع قرارات الى الكنيست كي يتم اعتمادها، من نوع تنفيذ حكم الاعدام بحق المقاومين، وتوسيع سياسة الهدم للبيوت والمنازل ومصادرة الاراضي، الى جانب ترحيل وتهجير اهالي واقارب الشهداء منفذي العمليات المقاومة الى الخارج، وسحب الجنسية من ابناء ال ٤٨ وغيرها.
وتأتي ايضا في ظل فشل المفاوضات النووية مع ايران، وزيادة التوتر بينها وبين دولة العدو، وفي ظل اشتداد وتصاعد وتيرة الحرب في اوكرانيا، ورغبة الولايات المتحدة في تركيز جهودها على هذه الحرب واستمرار عملية الحشد من اجل مواجهة روسيا باعتبار ذلك يشكل الاولوية بالنسبة لها، وبالتالي عملت وتعمل على تهدئة وتبريد الساحات الساخنة كما هي الحال في الضفة الغربية والقدس، حتى لا تذهب الأمور الى انفجار كبير يعم كل المنطقة ولا تعرف نتائجه، وهذا لا تريده الولايات المتحدة الآن.
في ظل هذه الاجواء جاءت الزيارات المتكررة التي قام بها المسؤولون الأمريكان الى المنطقة في سابقة لم تحصل من قبل.
ولا تكاد طائرة مسؤول امريكي تقلع من المنطقة وتغادر المطار، حتى تحط طائرة تحمل مسؤولا اخر،
وهذا ما تمثل جليا في زيارة مسؤول الامن القومي سوليفان، وزيارة وليم بيرنز مسؤول المخابرات الامريكية، ومن ثم الزيارة الاخيرة التي قام بها وزير الخارجية بلينكن الى المنطقة واجتمع خلالها مع قادة الصهاينة والسلطة، وبحضور ومشاركة رئيسيّ جهاز المخابرات المصرية والمخابرات الاردنية .
تأتي هذه الزيارات جميعها واللقاءات التي تمت خلالها من اجل العمل على التهدئة، ووقف تصاعد عمليات المقاومة والضغط على السلطة من اجل القيام بذلك .واعادة نشر الأوهام حول احياء ما يسمى بالتسوية السياسية، والتي فشلت منذ زمن طويل، كما حل الدولتين الذي لم يعد مطروحا في الواقع ولم يبقى منه شئ وفقد كافة شروط تحقيقه، في ظل الإستمرار في مصادرة الأراضي الفلسطينية وتقطيع الأوصال وسياسة حكومة اكثر تطرفا تقول ان الضفة الغربية والقدس لها .
ان ما لم يتم إنجازه سابقا يستحيل إنجازه مع هذه الحكومة.
ومن المفيد الإشارة هنا إلى تزايد عمليات القمع والقتل وحصول المجازر اثناء هذه الزيارات، وهذا ما حصل في مجزرة جنين واقتحامات الاقصي والعقوبات بحق الأسرى و الاسيرات الخ…
لا شك ان هذه الزيارات جاءت كي تؤكد ان هناك شيء ما يعد للمنطقة، وقد نكون في قادم الايام امام تطورات اكثر خطورة مما هو قائم، وكذلك لكي توجه مجموعة من الرسائل وتحقق مجموعة من الأهداف على الصعد المختلفة اهمها:
_ اولا:
على صعيد دولة الكيان
توجيه رسالة تطمين لدولة الكيان تقول لهم اننا معكم، نحميكم، ندافع عنكم وعن أمنكم بصلابة، كما قال بلينكن في تصريحاته، وان صعود اليمين المتطرف ووصوله إلى الحكومة لن يغير من مواقفنا، رغم أي اختلافات في وجهات النظر.
هذا الشق الأول من الرسالة. اما الشق الثاني يحمل للقيادة الجديدة مجموعة من النصائح من اجل ضبط عمليات التصعيد في الداخل حتى لا ينفجر الوضع ويصعب السيطرة عليه.
والنصيحة الثانية عدم استفزاز ايران بشكل كبير، كون ذلك قد يؤدي إلى فتح معركة في غير أوانها الآن كون الإدارة الأمريكية تعطي الاولوية للحرب ضد روسيا.
وهنا لا بد من التاكيد ان الحكومة (الإسرائيلية) الجديدة رغم كل ما اتخذته وتتخذه من اجراءات ستبقى عاجزة عن التقدم عسكريا و سياسيا.
_ المستوى السياسي عاجز عن طرح اية مبادرة سياسية يقدم فيها تنازلات غير مستعد لها، ودفع ثمنها
_ المستوى العسكري عاجز عن شن حرب واسعة يدفع ثمنا كبيرا فيها ولا يضمن الانتصار، لا شك ان هذا الى جانب التناقضات الداخلية التي تعصف بالدولة والمجتمع يشكل فرصة جيدة للمقاومة واية قيادة فلسطينية تتمتع بالحس الوطني من اجل الاستفادة منها وتطوير العمل والفعل المقاوم.
_ ثانياً:
على صعيد السلطة الفلسطينية
رسالة توجهها للسلطة تطالبهم فيها عدم وقف او تعليق التنسيق الأمني حتى مجرد الحديث عن ذلك كونه خط أحمر لا يجوز تجاوزه، وتقدم لهم الوعود مجددا بحل الدولتين الذي لم يعد قائما وتقديم بعض المساعدات المادية مثل تقديم 50 مليون دولار لوكالة الغوث ووعود مطالبة دولة الكيان الإفراج عن اموال الضرائب التي تحتجزها و تسليمها للسلطة.
مقابل هذه الوعود مارست الضغط على السلطة من اجل الاستمرار في التنسيق الأمني (الذي لم ينقطع) وتشكيل وتدريب مجموعات خاصة من رجال المخابرات والأمن الفلسطيني في امريكا مهمتها الاساسية التصدى لعمليات المقاومة المتصاعدة ووضع حد لها وقبول الخطة الامنية الامريكية بقيادة مايكل فنسل لاعادة سيطرة السلطة واجهزتها على جنين ونابلس.
الى جانب حث السلطة عدم الذهاب الى المؤسسات الدولية ورفع القضايا الى محكمة الجرائم الدولية ضد “إسرائيل”.
ان مشاركة رئيس جهاز المخابرات الاردني ونظيره المصري في هذه اللقاءات يدلل بوضوح ان المطلوب هو تهدئة الأوضاع حتى لا تنفجر وتخرج عن السيطرة وليس من أجل حل سياسي ولو كان هذا الهدف لكان وزراء الخارجية هم المشاركين بدلا من هؤلاء.
المؤسف انهم يقدمون الخدمات للإدارة الأمريكية ويضغطون على الجانب الفلسطيني وهم يملكون اوراق كثيرة للضغط على “إسرائيل” ليسوا مستعدين لاستخدامها ولا حتى التلويح بها على الأقل.
وفي تقديري الخاص ان القيادة الفلسطينية سوف تكون مستعدة للتجاوب مع هذه المخططات انسجاما مع تاريخها ومواقفها ومن يتوقع منها غير ذلك يكون مخطئا.
امام هذه الصورة يصبح المطلوب الإسراع في تشكيل مجلس وطني جديد ينتخب قيادة وطنية تمتلك وضوح الرؤية، مستعدة للتضحية تستجيب لتطلعات شعبها تستطيع الحشد والتعبئة والاستفادة من دروس التجربة المرة الماضية .وتقوم بإنجاز وحدة وطنية حقيقية تقوم على قاعدة رفض التسويات وتقديم التنازلات وتتمسك بخيار المقاومة والكفاح المسلح، تراهن على الشعب بدلا من الرهان على امريكا والرباعية الدولية وغيرها و تشق طريقا اخر يسقط طريق اوسلو ويرمي بها الى مزبلة التاريخ
طريقا يحمي المقاومة ويدافع عنها وليس تنسيقا يحمي العدو
دون ذلك سوف تبقى قضيتنا تتراجع في كل يوم
فالجميع مسؤول
لا عذر لأحد
فلسطين تنادي الجميع وعلى الجميع ان يكونوا بمستوى التحدي، ويلبوا النداء…

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار