مُستشرِقٌ: إسرائيل بمأزقٍ إستراتيجيّ.. “عرين الأسود” آخذ بالنمو والتوسّع وأحد أخطر تحديات الكيان الأمنيّة.. التنظيم يعكِس التأثير المُتزايد للجيل الفلسطينيّ الشّاب الذي يتمتع بخصائص فريدةٍ

مُستشرِقٌ: إسرائيل بمأزقٍ إستراتيجيّ.. “عرين الأسود” آخذ بالنمو والتوسّع وأحد أخطر تحديات الكيان الأمنيّة.. التنظيم يعكِس التأثير المُتزايد للجيل الفلسطينيّ الشّاب الذي يتمتع بخصائص فريدةٍ

الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
رغم المحاولات الحثيثة لتحجيم تنظيم “عرين الأسود” وتحييده من الأجندة الإسرائيليّة، إلّا أنّ المجموعة فرضت نفسها على الرأي العّام بكيان الاحتلال، وها هو المُستشرِق الإسرائيليّ ميخائيل ميلشتاين يُقّر بأنّ (عرين الأسود) هو التنظيم الآخذ في النمو والتوسع، وهو حاليًا أحد أخطر التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على الساحة الفلسطينية، كما أكّد في مقالٍ نشره على موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ.
ميلشتاين، الذي يُعتبر اختصاصيًا في الشأن الفلسطينيّ أوضح أنّ “التنظيم يُعتبر مفهومًا جديدًا في كلٍّ من قاموس المصطلحات الإسرائيلية والفلسطينية، وقد اقتحم الوعي منذ أكثر من شهر بقليل”، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه “تهديد أمنيّ، ولكنّه في الوقت نفسه أيضًا مقدمة لخطوات عميقة في النظام الفلسطينيّ، وقبل كلّ شيءٍ هو التأثير المتزايد للجيل الفلسطيني الشاب الذي يتمتع بخصائص فريدةٍ”.
ad
وتابع:”(عرين الأسود)، التي تؤمن بمواجهة احتلالاً مزدوجًا: إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة، هي مجموعة نشطة في مدينة نابلس (خاصة في منطقة حي القصبة) لكن لها نظراء منظمين أقل حجمًا وعلى نطاق أضيق مثل (كتيبة جنين)، التي تعمل في مخيم جنين للاجئين”.
ورأى المستشرق أنّنا “نحن نتحدث هنا عن منطقة ذات تاريخ طويل من التمرد ضد جميع أنواع السيادة، من العهد العثماني مرورًا بالانتداب البريطاني إلى الحكم الإسرائيليّ، حيث لم تكن قبضة السلطة فيها قوية كما هي في أجزاء أخرى من الضفة الغربية”.
ورأى أنّ “تحليل تحليل صور أوْ شكل نشطاء (عرين الأسود) تُظهِر عدة خطوط بارزة، وُلِد معظمهم في حوالي عام 2000 ممّا يعني أنّهم يتذكرون الانتفاضة الثانية بطريقة محدودة نسبيًا والراسخة في أذهان جيل آبائهم وتشكل عائقًا أمام الترويج لنضال آخر واسع النطاق ضد إسرائيل”.
وأردف:”هؤلاء هم الشباب الذين كانوا قبل 7 سنوات في طليعة انتفاضة السكاكين والآن عندما كبروا فإنهم تطوروا: إنهم يحملون أسلحة نارية ويشكلون منظمات محلية على أساس المعرفة الشخصيّة”.
وشدّدّ المُستشرق على أنّه “من السمات البارزة الأخرى لـ (عرين الأسود) وأمثاله عدم الانتماء إلى أيّ كيانٍ رسميٍّ أوْ مؤسساتيٍّ، أن النشطاء يظهرون الازدراء للسلطة الفلسطينية، التي ينظر إليها على أنها تنفذ التعليمات الإسرائيلية”.
وأوضح أنّ “هناك علاقة ضعيفة إلى حد ما مع عناصر ميدانية من فتح، وهناك ضحالة أيديولوجية تم التعبير عنها بشكل بارز في الرسائل ومقاطع الفيديو التي وزعتها المنظمة والتي يبرز فيها سويًا شعار المسجد الأقصى والبندقية وخريطة فلسطين، ولا يصاحبها أي عقيدة أيديولوجيّة”.
ووفقًا له فإنّه “على الرغم من أنّ المنظمة لا تضم سوى بضع عشرات من الأعضاء، إلّا أنّها تتمتّع بصدى واسع في النظام الفلسطينيّ وخاصّةً بين الشباب، هذا بسبب حضورها العميق في الفضاء على الإنترنت المليء بمقاطع فيديو (تيك توك) التي يتم فيها عرض الهجمات المسلحة التي ينفذها أعضاء التنظيم أو المجموعة وعلى رأسهم ابراهيم نابلسي، الذي قُتل في مواجهة في بداية شهر آب (أغسطس) ويعتبر أحد مؤسسي (عرين الأسود).”
ولفت إلى أنّه “مثل عدد غير قليل من أعضاء التنظيم كان للنابلسي أيضًا صلة عامة بفتح، فهو ابن ضابط في جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية، ونشأ على أجنحة مجد شهداء آخرين من بين عائلته أوْ مكان سكنه”.
علاوة على ذلك، أشار المستشرق إلى أنّ “التهديد العسكري المتجسد فيها لا يرقى إلى مستوى مواجهات الماضي، ومن تلك التي في الانتفاضة الثانية من خلال البنى التحتية للإرهاب المنظم، فالأغلبية المطلقة من الجمهور الفلسطيني لا تشارك في النضال، ويفضل بشكل عام الحفاظ على النسيج المستقر للحياة المدنية، فالنضال نفسه في معظمه يتركز في منطقة شمال الضفة، بينما في أجزاء أخرى من الضفة الغربية وخاصة في مناطق الخليل وبيت لحم يتم الحفاظ على الهدوء والاستقرار النسبيين، والآن كما ذكرنا، العدو هو مجموعة من المنظمات أو الشباب الذين يعملون بشكل مستقل وليس منظمات مؤسسة أوْ هرمية”.
المستشرق مضى قائلاً إنّ “استمرار نشاط (عرين الأسود) يجسد ثلاث تهديدات رئيسيّة: الأول: بالطبع الهجمات المستمرة على قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين في شمال الضفة الغربية. الثاني: هو التقليد المحتمل في أماكن أخرى في الضفة الغربية من قبل الشباب الذين يتوقون أيضًا إلى النشاط غير المؤسسي أو المنظم، وهو الشيء الذي سيعزز من التهديد الأمني على إسرائيل، لكنه سيقوض مكانة السلطة المهتزة أصلاً. والخطر الثالث: والأخطر على الإطلاق هو احتمال أنْ ترعى (حماس) هذه المنظمات وتزودها بالمساعدات المالية واللوجستية والعسكرية وتوجه أنشطتها، وهذا سيسمح مرة أخرى لحماس بالترويج للإرهاب والتحريض في الضفة الغربية مع الحفاظ على الهدوء والاستقرار الاقتصادي في قطاع غزة، وهو ما يشكل في الواقع فرضًا على إسرائيل للتفريق أو التمييز بين المنطقتين.”
وخلُص المُستشرِق إلى القول إنّ “إسرائيل في مأزقٍ استراتيجيٍّ في ظلّ التصعيد، وعلى الرغم من الواقع السياسي الحساس عشية الانتخابات يبدو أنّ الحاجة إلى عملية واسعة النطاق نسبيًا في شمال الضفة الغربية للقضاء على البنية التحتية الإرهابية (المقاومة) التي تتعزز هناك تزداد”، على حدّ تعبيره.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار