حركة “حماس” وسوريا: ملاحظاتٌ في مسار استعادة العلاقات..فلسطين رأس الحربة “لمحور المقاومة”، وسوريا عمودها الفقري .

حركة “حماس” وسوريا: ملاحظاتٌ في مسار استعادة العلاقات..فلسطين رأس الحربة “لمحور المقاومة”، وسوريا عمودها الفقري .

يظهر من مسار تطور الأحداث في المنطقة أنَّ “محور المقاومة” يزداد صلابةً واتساعاً، على عكس ما كان يخطط له المعسكر الصهيوأميركي، فنجد اليوم أن اليمن انضم إلى هذا المحور، بعدما باتت لديه قوةٌ عسكريةٌ يحسب لها الحساب.

ونجد أنَّ الهجمة المنظمة التي شهدتها سوريا خلال العشرية الماضية فشلت في تحقيق أبرز أهدافها، وذلك بنقل سوريا من تموضعها في الجغرافيا السياسية إلى تموضعٍ مضادٍ، وتغيير تحالفاتها التقليدية مع دول المقاومة وقواها في المنطقة، أملاً بإدخالها في مسار التطبيع – أو بالأصح “الأسرلة” – الذي شهدته المنطقة في العامين الماضيين.

على الرغم من ذلك، كان العدو قد نجح جزئياً في خلق شرخٍ بين حركة “حماس”، رأس حربة “محور المقاومة”، والدولة السورية، عمود “محور المقاومة” الفقري، ولكننا نشهد في هذه المرحلة بوادر إصلاح ذلك الشرخ وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي.

وكانت الأيام القليلة الماضية شهدت جدلاً واسعاً داخل الأوساط الفلسطينية، كما السورية، على أثر بيان حركة “حماس” الأخير الذي صدر في الخامس عشر من هذا الشهر، والذي جاء عقب قرار المكتب السياسي للحركة باستعادة العلاقات مع دمشق؛ ذلك البيان الذي أعلنت فيه الحركة بوضوحٍ وقوفها إلى جانب سوريا في مواجهة الاعتداءات الصهيونية المستمرة على الأراضي السورية، والذي ثمَّنت فيه أيضاً موقف سوريا الثابت، قيادةً وشعباً، في احتضان القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وفصائله المقاوِمة ودعمهم.

ومنذ الخامس عشر من هذا الشهر، يتفاعل قرار الحركة بين من يؤيد قرار الحركة ويعارضه في الأوساط الفلسطينية، ومن يرحب به ويتحفظ عنه في الأوساط السورية، علماً بأن الحكومة السورية لم تصدر أي موقفٍ رسميٍ حتى اللحظة حيال قرار الحركة أو بيانها الأخير.

ويمكن في هذا المقام سرد بعض النقاط عن الموضوع، لعلَّها تفيد في النقاش الدائر في الأوساط الشعبية الفلسطينية والسورية معاً.

– لا نقاش في كون أحداث السنوات الماضية خلَّفت جراحاً عميقةً، لكن الحكمة والمصلحة العليا تقتضي النظر إلى المستقبل، وأخذ العبر مما جرى، والسعي الجاد لرأب الصدع بين أطراف “محور المقاومة”؛ فالعدو المتربص ينظر إلى مكونات هذا المحور بالعين ذاتها، ناهيك بكونه المستفيد الأول من استمرار الشرخ الَّذي وقع بين الحلفاء، ومن الخراب الذي حلّ بسوريا جرّاء الحرب التي شُنَّت عليها بأيادٍ خبيثةٍ.

لهذا، بذل أمين عام “حزب الله”، السيد حسن نصر الله، جهوداً كبيرةً، كما بات معروفاً، لإعادة ترميم “محور المقاومة”، على أساس كون هذا الأمر مصلحةً حيويةً ضمن الإستراتيجية الشاملة لمواجهة الكيان المؤقت.

– يخطئ البعض إذا اعتقد أنَّ قرار المكتب السياسي لحركة “حماس” وبيانها الأخير كانا وليدي اللحظة، فهذا المسار كان قد بدأ بالتَّفاعل داخل صفوف الحركة منذ انتخابات الحركة الداخلية عام 2017، التي أفرزت وصول بعض الوجوه الجديدة إلى سدَّة القرار، والتي تعد أكثر ارتباطاً بموقف “كتائب عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، وأقرب إلى قراءتها للأحداث.

– يحاول بعض المحسوبين على “حماس” الادعاء أن الحركة لم تُجرِ إعادة تقييم لتقدير الموقف الذي كانت قد اتخذت قرارها بالخروج من سوريا بناءً عليه، ويضيفون: “الدافع وراء قرار العودة إلى دمشق يكمن في تغيُر الظروف فقط”.

ربما يعود سبب هذا الادعاء إلى كون أغلب هؤلاء ممن لم يرقْ لهم قرار العودة، لكنَّ المسار الذي يظهر أنه كان يتفاعل داخل صفوف الحركة منذ 2017، إضافة إلى ما ذكرته الحركة صراحةً في بيانها الصادر في الخامس عشر من هذا الشهر، عن أنها تتضامن مع سوريا قيادةً وشعباً، يشير إلى عدم دقة هذا الادعاء الذي ذهب إليه البعض بالمجمل.

وللمفارقة، فإنَّ هذا الادعاء غير الدقيق يفضي إلى كون حركة “حماس” حركة انتهازية، وأنها تعود اليوم إلى دمشق مهزومةً، حالها حال باقي الأطراف التي شنَّت الحرب على سوريا، والتي تحاول اليوم العودة إلى دمشق، سواء أدرك مَن يتبنى هذا الادعاء ذلك أم لم يدركه، وفي هذا إجحافٌ كبيرٌ بحق حركةٍ مقاوِمةٍ ما زالت تقدِّم الشهداء في مواجهة العدو الغاصب، وتطابقٌ مع الموقف غير البَنَّاء الذي يذهب إليه البعض في المقلب الآخر، والذي لا يساعد في إعادة رص الصفوف في مواجهة عدو الأمَّة المشترك.

على الأرجح أنَّ مسار عودة حركة “حماس” إلى سوريا سيأخذ بعض الوقت لحين تفكيك بعض الملفات التي ما زالت عالقةً جراء ما تراكم خلال السنوات العجاف الماضية، لكن سواء عادت علاقة سوريا بحركة “حماس” إلى سابق عهدها أو تمت صياغة شكلٍ جديدٍ للعلاقة، فالمؤكَّد أنَّ في هذا مصلحة حيوية تخدم “محور المقاومة” وتعززه، ففي نهاية المطاف، لا يصحّ إلا الصحيح، ويكفي هنا أن نلحظ انزعاج الكيان المؤقت من مسار إعادة العلاقات بين حركة “حماس” والدولة السورية، كي ندرك أن هذه العودة ينطبق عليها ما جاء في الأثر: “والعود أحمدُ”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار