الاحتفالُ بالمولد النبوي في اليمن عظمة لا تضاهيها عظمة..تجربةٌ باتت ملهمةً لأبناء الأمة وهذا شرفٌ كبيرٌ يضاف لليمنيين في الإيمَان والحكمة والشجاعة .

الاحتفالُ بالمولد النبوي في اليمن عظمة لا تضاهيها عظمة..تجربةٌ باتت ملهمةً لأبناء الأمة وهذا شرفٌ كبيرٌ يضاف لليمنيين في الإيمَان والحكمة والشجاعة .

صنعاء المسيرة – محمد المنصور
بلا منافِسٍ استطاع الشعبُ اليمني بحضورِه المليوني المهيب في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء وغيرها من ساحات الاحتفال في المحافظات اليمنية، أن يتصدّر الشعوب في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، مجسداً بذلك مقولة النبي الكريم “الإيمَانُ يمانٍ والحكمة يمانية”.

وتتجسّدُ الهُــوِيَّة الإيمَانية للشعب اليمني، من خلال حضوره الجماهيري الكبير الذي أذهل العالم؛ ابتهاجاً واحتفاءً بمولد سيّد المرسلين محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، فهذه الذكرى تشكّل لليمنيين محفلاً توعوياً سنوياً يستلهم منها كُـلّ أبناء اليمن معاني الإيمَان به ورسالته والشعور بالمسؤولية تجاه نفسه ودنياه ووطنه وآخرته وعاملاً موجّهاً لكل إنسان يمني، خَاصَّة في حمل قضية الشعب ومظلوميته لمواجهة قوى الطاغوت ومقارعة قوى الضلال، خَاصَّة في ظل الأوضاع الراهنة التي يمر بها اليمن، جراء الحرب والعدوان والحصار على اليمن المتواصل للعام الثامن على التوالي.

ويقول رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية –الإيرانية، الدكتور محـــمد البحيصي: إن شعوب المسلمين قاطبة تحتفل بالمولد إلَّا نفراً من شواذ الأمَّة وضلالها التي رأت في المولد بدعة.

ويواصل في حديثه لصحيفة “المسيرة” لكن الشعب اليمني العزيز قدم النموذج والمثال الأرقى في تعبيره عن ارتباطه برسول الله -صلى الله عليه وآله- إيمَاناً وتوقيراً وتعزيراً ونصرةً قل نظيرها في تاريخ الإسلام، بحيث بات اليمن هو المعيار والمقياس الذي تقاس به علاقات الأمَّة برسولها -صلى الله عليه وآله-، موضحًا أن هذا الموقف اليماني شجّع الكثير من المتردّدين أَو المتوقفين لإعلان موقفهم الصريح من أهميّة إحياء الأُمَّــة لهذه الشعيرة العظيمة وإعلانها على الملأ وكسر كُـلّ الحواجز النفسية التي كانت تحول بينها وبين رسولها -صلوات الله وسلامه عليه-.

ويرى الدكتور البحيصي أن المولد الشريف لم يعد يوماً عادياً في حياة اليمنيين، بل بات موسماً لإظهار فضل الله ورحمته من خلال الحشود المليونية التي تخرج في صنعاء وساحات المحافظات وقد كسا الأخضر كُـلّ شيء حتى القلوب اكتست بالأخضر؛ تعبيراً عن فرحه قدوم المولد، وتجلى هذا عطاءً ورحمةً وخدمةً وبذلاً وتضحيةً وتحشيداً للجبهات وصلة أرحام وغرساً لقيم الخير والمحبة والسلام والجمال والعدل والإحسان والقوة، كما بات الكثير من شعوب الأُمَّــة المسلمة -بنظر البحيصي- تنتظر بفارغ الصبر هذا الموسم المبارك ترقب شعب اليمن المحب وهو يجهر بولائه لرسول الله -صلى الله عليه وآله-، رسول الإسلام ورسول الإنسانية وبهذا الجمع الذي وفقت له قيادة هذا الشعب الواعية البصيرة بين (القرآن والرسول) استطاعت أن تقدم الرؤية النظرية والبرنامج العملي كإطار جامع للهُــوِيَّة الإيمَانية التي تمثل الهُــوِيَّة الجامعة لكل أبناء الأُمَّــة بعيدًا عن الرؤية المذهبية الضيقة وعن الرؤية الحزبية الأشد ضيقاً..

ويشير إلى أنه لم تنقطعْ صلةُ اليمنيين برسول الله -صلى الله عليه وآله- وقد سجل التاريخ هذه العلاقة الإيمَانية منذ أن كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في مكة وقبل الهجرة حين كان أغلب قريش في عنادها ولجاجها وكفرها ومحاربتها، وقدم قيس بن مالك الأرحبي على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأرحب كما هو معروف بطن من بطون همدان وقد أسلم الرجلُ وعاد مرةً أُخرى ليعلم النبي بأن قومَه أسلموا فقال النبي -صلى الله عليه وآله-.. نِعْمَ وافدُ القوم قيس… إلخ.

ويزيد قائلاً: “ولعل هذه الواقعة تفسر بعد ذلك دخول اليمن في الإسلام على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام- وحين بلغ خبر إسلامهم إلى رسول الله خَرَّ ساجداً وقال (السلامُ على همدان) وأتصور لو أن الأنصار وهم يمانيون لم يبايعوا النبي -صلى الله عليه وآله- لكانت اليمن دار هجرته ولكن قضى الله غير ذلك… وكان للأنصار الدور الأبرز في نصرة الله ورسوله حتى قال فيهم رسول الله -صلى الله عليه وآله- “لَوْلا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الأَنْصَارِ” ولكل هذا خلع النبي على أهل اليمن أعلى الأوسمة وهو الذي لا ينطق على الهواء، حَيثُ قال: “الإيمَان يمان والحكمة يمانية” وقال: “إني لَأَجِدُ نَفَسَ الرحمن قِبَلِ اليمن”، مستدركاً: وهكذا كان اليمانيون سَبَّاقين للإيمَان وكانوا أوائل الشهداء (آل ياسر) وكانوا أول من بشرهم النبي –صلى الله عليه وآله- بالجنة “صبراً آل ياسر فَـإنَّ موعدكم الجنة”، وبقيت رابطة اليمنيين برسول الله متميزة ومتقدمة على سائر الأقوام وإن حاول البعض التشويش عليها إلَّا أن المسيرة القرآنية وثقافتها القرآنية التي تجسدت في ثوره الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م أعادت إلى اليمن وجهها القرآني ووجهها المحمدي، وكيف لمسيرة ترتكز في منطلقاتها، وحركتها على القرآن والرسول أن توقفها شنشنات المنافقين، أَو أراجيف المبطلين”.

ويقول الدكتور البحيصي: إن المشروعَ القرآني الرسالي الذي جسّده رسول الله -صلى الله عليه وآله-، ونحن أتباعه مأمورون أن نتأسى به ونحذوَ حذوه، هو وحده وليس غيره القادر على أن يجمع شتات أمر هذه الأُمَّــة وأن يوحد صفها وكلمتها وأهدافها ووجهتها، وهو وحدَه القادرُ على كسر موجات العدوان ودفع المتربصين من اليهود والنصارى وأدواتهم من منافقي ومرجفي الأُمَّــة، مُضيفاً أنه المشروع العامر للمذاهب والطوائف والعِرقيات للجغرافيا للمكان وللزمان والذي يمتلك مقومات الديمومة والتجدد والحركة والمرونة المستوعبة للمتطلبات الحياة وضرورات الواقع وتحدياته دون أن يغفل عن مجمل احتياجات الإنسان المادية والروحية والنفسية وبمعنى آخر هو مشروع الدنيا والآخرة.

ويرى أن هذا المشروع التوحيدي هو بلا ريب بركة من بركات المسيرة القرآنية وثمرة من ثمراتها لشعب اليمن، أنه ورغم العدوان الذي مر عليه ثماني سنين ورغم الحصار الخانق ورغم قلة الناصرين وكثرة المخذلين إلَّا أنه من خلال رابطته التي لم تنفصل بالقرآن وبرسول الله -صلى الله عليه وآله- استطاع بحول الله وقوته ومعونته وتوفيقه ليس فقط أن يكسر العدوان ويهزمه ويحقّق معادلة الردع بل وبما يشبه المستحيل يمتلك فائض قوة أذهلت الأصدقاء قبل الأعداء، وفوق هذا كله ما يقدمه من نموذج أخلاقي في السياسة والإدارة والحكم ومن خطابٍ إسلامي وحدوي يمتلك شروط الحجّـة وأدوات الإقناع في زمن تعالت فيه أصوات الخلاف والنزاع حتى في الطائفة الواحدة والمذهب الواحد.

ويؤكّـد أن من أهدافِ الاحتفال بمولد رسول الله -صلى الله عليه وآله- وقد توحد عليه اليمنيون واجتمعوا على هذا النحو غير المسبوق هو تقديم النموذج لإمْكَانية أن تتوحد الأُمَّــة بكلها على رسول الله -صلى الله عليه وآله-، ونجاح اليمنيين في هذه التجربة بات ملهماً لأبناء الإسلام الغيار على دينهم وهذا شرف كبير يضاف ليمن الإيمَان والحكمة يمن رسول الله يمن النصر العزيز والفتح المبين.

 

عظمةٌ لا تضاهيها عظمة

من جانبه، يقول حسين الديراني، وهو كاتبٌ ومحلل سياسي لبناني مقيم في أستراليا: إن الاحتفالَ بذكرى المولد النبوي الشريف في يمن الإيمَان والحكمة لم يعد حدثاً محلياً، بل أصبح حدثاً إسلامياً عالميًّا ينتظره المسلمون من كافة أنحاء العالم للابتهاج والفرح به، وصحيحٌ أن الكثير من الدول الإسلامية كانت وما زالت تقيم الاحتفالات بهذه المناسبة العطرة، لكن بعد انتصار الثورة اليمنية بقيادة السيد القائد المسدَّد عبدالملك الحوثي، أصبح لهذه المناسبة عظمة لا يضاهيها عظمة، وأضافت للانتصارات العسكرية انتصاراتٍ روحيةً معنويةً إلهية مقدسة، فمشاهدُ الاحتفالات تحيي النفوسَ وتطرِبُ القلوب وتنقذ الأرواح.

ويؤكّـد أنه يكفي أن ننقلَ بعض الأحاديث المتواترة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن أهل اليمن وحبه لأهل اليمن، ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحب أهل اليمن فقد أحبني، ومن أبغض أهل اليمن فقد أبغضني» وكذلك ورد في مدح أهل اليمن أحاديث كثيرة، منها ما رواه في الكافي ج ۸ ص ٦۹ ح ۲۷ عن الإمام الباقر -عليه السلام- عن جده النبي -صلى الله عليه وآله- أنه قال في حديثٍ طويل” «الإيمَان يمان والحكمة يمانية، ولولا الهجرة لكنت امرأً من أهل اليمن»، مُشيراً إلى أن ما نشاهده اليوم من احتفالات بذكرى مولده المبارك في اليمن خير دليل على هذا العشق والولاء لسيد المرسلين سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، فهذا العشق مرتبط بعشق النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- للشعب اليمني الجبار.

ويواصل: “إن الاحتفالَ العظيم المهيب بمولد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي لا مثيل له على الكرة الأرضية في اليمن يمثل قمة الوحدة الإسلامية، فهو مؤتمر وحدة بحد ذاته، يكفي لأن يلتف المسلمون حول نبيهم العظيم ويقتدون به قولاً وعملاً لتصبح خير أُمَّـة أخرجت للناس، ولتصبح أُمَّـةً عزيزةً كريمةً تدافع عن دينها وقيمها ورسالتها، وتقاوم كُـلّ أشكال الظلم والطغيان والاحتلال.

ويلفت إلى أن الاحتفالَ بالمولد النبوي الشريف في اليمن أصبح قُدوةً وأُنموذجاً لكل الدول والشعوب الإسلامية، فهو مصدر عزة وقوة وانتصار، فمشاهد الاحتفالات تسمو بالمسلم إلى العلياء، وكم هي عظيمة تلك المشاهد النورانية الخضراء، وهتافات “لبيك يا رسول الله” تعيدنا إلى حضرة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وكأننا بين يديه صلوات الله وسلامه عليه، وكأنه بأبي هو وأمي يسمع النداء ويسمع التحية والسلام، ويرد التحية والسلام بأحسن منها، وكأن روحه المقدسة تحيط بنا من كُـلّ جانب.

ويشير إلى الذين يحرّمون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هؤلاء أهل نجد، حَيثُ يخرج قرن الشيطان من هناك، هؤلاء أعداء النبي وآله، وأعداء رسالته، وقد فضحهم الله اليوم من خلال ما يروجون للرذيلة والفسق والفجور في أرض الحرمين الشريفين، ويطاردون كُـلّ من تسول له نفسه بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف، مباركاً للشعب اليمني قيادةً وشعباً وقوات مسلحة مجاهدة بهذه المناسبة العطرة الميمونة المباركة وكل عام وأنتم بألف خير ونصر.

أما محمد الزبيدي، وهو أكاديمي وباحث سياسي رئيس اللجنة التحضيرية للمولد النبوي الشريف في نيويورك فيقول: “نعم أصبحت ذكرى المولد النبوي الشريف في اليمن لم تعد حدثاً محلياً ولكنها محطة تعبِّر عن ضمير المسلمين في مختلف أنحاء العالم كذَلك برغم كُـلّ محاولات الأعداء في حرف مسار الأُمَّــة الإسلامية عن نبيها ونهجه المحمدي الصادق والنابع من وحي الثقافة القرآنية العظيمة وها نحن اليوم اليمانيين نسعى لنعيد الأُمَّــة العربية والإسلامية إلى مسارها الحقيقي مع رسولها وآل بيته الأطهار”.

ويضيف: “نحن اليمانيين أولُ من ناصر وَأول من جاهد وقد خصنا المصطفى نحن اليمانيين بنفسه كيف لا وقد ترك قومهُ في مكة وهاجر إلينا ونزل في جيرت أجدادنا الأنصار فكانوا له خيرَ عَونٍ وناصر وكان لهم خيرَ قائد ونبي”.

ويزيد بقوله: أكاد وأجزم أن أمتنا الإسلامية اليوم باتت مهيأة أكثر من أي وقتٍ مضى برغم كُـلّ محاولات المندسين في أوساطها من حكام ممالك العار من ارتضوا بتمزيق الأُمَّــة الإسلامية مقدمين بذَلك خدمةً عظيمةً لأعداء الأُمَّــة من الصهاينة وشُذَّاذ الآفاق، لافتاً إلى “أننا اليوم ونحن في الخارج أَيْـضاً نحيي هذه الذكرى المجيدة بحضورٍ عظيم من أبناء جاليتنا اليمنية، وهذا الوعي اليوم الذي بات لدى أبنائنا في الخارج هو امتداد لما هو عليه اليوم الشارع اليمني داخل الوطن والذي برغم كُـلّ المآسي التي تعصف بالوطن جراء الحصار والعدوان وَالحرب الصلفة على مدى 8 سنوات إلَّا أنه في كُـلّ مرة يثبت اليمنيون أنهم الشعب الوحيد الذي ما زال مرتبطاً بسيد الخلق قلباً وقالباً”.

ويعتبر الزبيدي أن الملايينَ التي احتشدت في مختلف الساحات في المحافظات مَـا هِي إلَّا تعبيراً واضحًا عن مدى ما وصل إليه اليمنيون من وعيٍ إيمَاني نابعٍ من وحي الثقافة القرآنية التي تجسدت في مناهضة العدوان بكل صبر واقتدار والنصر حليف شعبنا اليمني العزيز، وهذا وعد الله لأوليائه الصالحين.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار