الحوارات الفلسطينية في القاهرة والسيناريوهات المحتملة

الحوارات الفلسطينية في القاهرة والسيناريوهات المحتملة
حسام الدجني
من المقرر أن تبدأ حوارات القاهرة في الثامن من شباط الجاري، وتعد هذه الجولة من الحوار الوطني بالغة الأهمية ولا يمكن تعويم نتيجتها بلغة دبلوماسية كما جرت العادة، لأن نتائجها ستنعكس على عمل لجنة الانتخابات المركزية، وهو ما يلاحظه المواطن في اليوم التالي لعودة الوفود، وفي هذا المقال نطرح الإجابة عن التساؤلات التالية: ما أهم القضايا التي ستطرح على طاولة الحوار الوطني في القاهرة؟ وما أبرز التحديات؟ وما أهم السيناريوهات المحتملة في حالتي النجاح والفشل؟

أولًا: أجندة الحوار
من أهم القضايا التي ستتضمنها أجندة اللقاء من وجهة نظري ثلاثة ملفات:

  1. المرجعية السياسية والبرنامج السياسي، وهذا الملف فيه شبه إجماع وطني على ضرورة الذهاب للانتخابات على أساس مرجعية سياسية بعيدة عن اتفاق أوسلو، كما سيُبحث في التوافق على برنامج سياسي توافقي تصلح وثيقة الوفاق الوطني مرجعية له، لا سيما لو نجحت الفصائل في التوافق على دخول المعترك الانتخابي بقائمة مشتركة، وبحث في توقيع ميثاق شرف للاعتراف بالنتيجة، وأن تقوم الانتخابات على مبدأ المشاركة لا المغالبة، ما يعني إقرار الجميع الذهاب إلى حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات تكون قادرة على إنهاء آثار الانقسام.
  2. القضاء، وهذه من أهم القضايا التي ستطرح على أجندة اللقاء، لا سيما قانون السلطة القضائية الأخير الذي يشكل تغولًا من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، ما يخالف مبدأ الفصل بين السلطات، كما سيكون ملف المحكمة الدستورية محط نقاش واهتمام من الجميع، إذ من الضروري العمل على إعادة تشكيل هذا الجسم حسب القانون بما يضمن استقلاليته ونزاهته، وكذلك تشكيل محاكم الانتخابات بالتوافق وبما يضمن نزاهة العملية الانتخابية.
  3. البيئة الانتخابية: من المهم التوافق على توفير بيئة انتخابية قائمة على مبدأ تكافؤ الفرص، والحريات العامة والخاصة، ووقف الملاحقات الأمنية والإفراج عن المعتقلين السياسيين في الأراضي الفلسطينية، وتذليل العقبات أمام العملية الانتخابية، والعمل الجاد والموحد لمواجهة أي سيناريو لتعطيل الانتخابات بالقدس، والوصول إلى ميثاق شرف يقضي بمنع استخدام أي طرف المقدرات الحكومية في العملية الانتخابية وإبقائها على حياد.

ثانيًا: أبرز التحديات
من أهم التحديات التي تعترض حوار القاهرة ما يلي:

  1. ملف السلطة القضائية، وإعادة تشكيل المحكمة الدستورية.
  2. عدم التوافق على رئيس توافقي (محمود عباس) وهو ما يعزز من سيناريو توافق أغلب الفصائل على شخصية أخرى تنافس الرئيس عباس، وهذا التحدي قد يدفع الأخير لعرقلة الانتخابات الفلسطينية، وقد يسمح على أبعد تقدير بتمرير الانتخابات التشريعية للحاجة الماسة لوجود سلطة تشريعية داخليًّا وخارجيًّا.

ثالثًا: السيناريوهات المحتملة في حالة نجاح الحوار.
في حال نجح الحوار الفلسطيني بالقاهرة، وتُجُوِزت كل التحديات، وغلّب الجميع المصلحة الوطنية العامة على المصلحة الحزبية الخاصة، هذا يعني إجراء الانتخابات الفلسطينية في كل مؤسسات النظام السياسي، وعليه نحن أمام ثلاثة سيناريوهات هي:

  1. بناء نظام سياسي ديمقراطي تعددي، وهذا يعني إنهاء الانقسام بشكل كامل ومعالجة كل آثاره، وتعزيز الثقافة المدنية التي تؤسس لبناء دولة القانون، وتفعيل كل مؤسسات منظمة التحرير ودمج الخلايا العسكرية ضمن جيش التحرير، ما يضمن رفع فصائل المقاومة من قوائم الإرهاب الدولي، وتصبح أحزابًا سياسية، ويعلن جيش التحرير أن من أهم مهامه في هذه المرحلة مراكمة القوة لمواجهة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، ويبدأ الساسة معركة قانونية ودبلوماسية مع الاحتلال في كل المحافل، ويمارس شعبنا مقاومة شعبية يحمي ظهرها جيش التحرير التابع للمنظمة، ويكون هدف الحكومة تعزيز صمود رأس المال الاجتماعي الفلسطيني.

هذا السيناريو على صعوبة تحقيقه ينبغي أن يكون أمل كل فلسطيني، وأن نعمل جميعًا على العمل كي يصبح هو السيناريو المرجح.

  1. سيناريو الفدرالية: لا شك أن الانتخابات حاجة وطنية داخلية، ولكن الضغط الخارجي ليس بعيدًا عنها، وفي الواقع الراهن مع أزمة الثقة، وحجم التعقيدات ستصبح الفدرالية أمرًا واقعًا بعد الانتخابات، وقد تصلح لإدارة الملف الداخلي لمرحلة زمنية محددة، وتتمثل في تشكيل الرئيس حكومة مركزية تضم الوزارات السيادية، في حين تشكل حماس حكومة في قطاع غزة (حكومة خدمات) بالشراكة مع الكل الوطني على أن تقود الوزارات الرئيسة مثل الداخلية والمالية، والحال نفسه تقوم به فتح في الضفة، ويكون هدف حكومة الخدمات تعزيز صمود المواطن وتثبيته، وجسر الهوة بين المكونات الشعبية بزيادة مساحة الحريات العامة والخاصة والتثقيف المدني، في حين تدير الحكومة المركزية التي يقودها الرئيس الملف السياسي حسب البرنامج المتوافق عليه، وتجلب المال وتشرف على توزيعه بعدالة على الحكومتين في الضفة وغزة.
  2. سيناريو دمقرطة الانقسام، وجوهر هذا السيناريو يتمثل في أن الانتخابات حاجة خارجية لُبِّيت لضمان تجديد شرعية الرئيس وحكومته وجلب المال، ولكن يبقى الواقع الراهن على ما هو عليه مع تحسن طفيف في الواقع المعيش.

رابعًا: السيناريوهات المحتملة في حالة فشل الحوار.

وفقًا لسيناريو فشل حوارات القاهرة -وهذا أمر محتمل- إن السيناريوهات المحتملة هي:

  1. سيناريو إجراء الانتخابات من طرف واحد، وهو السلطة الفلسطينية، على أن تجرى الانتخابات بالضفة فقط، وممكن إشراك قطاع غزة ترشحًا وتصويتًا، ودفع المواطنين للاشتباك مع الحكومة في غزة التي تديرها حركة حماس، في حال رفض حماس إجراء الانتخابات قد تعلن السلطة الفلسطينية غزة إقليمًا متمردًا وتذهب إلى سيناريو تصويت غزة إلكترونيًّا، وهذا السيناريو الأكثر ترجيحًا.
  2. سيناريو عودة الرئيس عباس لتجديد شرعيته من منظمة التحرير، وتسويق هذه الخطوة إقليميًّا ودوليًّا بفشل الحوار، وتكليف المجلس المركزي بمهام المجلس التشريعي، وتكييف ذلك قانونيًّا في هذا الزمن الذي يغيب في القانون أمر ممكن.

الخلاصة: أن يفاوض الكل الوطني لبناء دولة القانون وإنهاء الانقسام وتعديل ما يمكن تعديله هذا أمر مستحسن، ولكن في الوقت نفسه إياكم وتفويت فرصة إجراء الانتخابات، وليكن عنوانها: كسر هيمنة أي طرف على النظام السياسي هو عنوان للمرحلة المقبلة، إضافة إلى تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي أولوية قصوى ومدخلًا مهمًّا للحفاظ على مشروعنا الوطني.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار