ملفات ساخنة تنتظر الانتخابات الفلسطينية خلال الحوار الوطني الفلسطيني المرتقب في القاهرة

ملفات ساخنة تنتظر الانتخابات الفلسطينية خلال الحوار الوطني الفلسطيني المرتقب في القاهرة .

ليست المرة الأولى التي تصل فيها المصالحة الفلسطينية عند عتبة الانتخابات وانتظار إصدار المراسيم الرئاسية التي تحدد مواعيدها ومرجعياتها القانونية، لكنها المرة الأولى التي تبدو فيها الأقرب إلى المضي قدماً. هذه المرة يبدو أن الضغوط الخارجية على طرفي المصالحة أكبر من الداخلية، فمن جهة حماس يأتي ضغط الدول الضامنة بأن يمضي رئيس السلطة في العملية الانتخابية إلى ما بعد التشريعي والرئاسة، ومن جهة حركة فتح ضغوط الرئيس الأمريكي المنتخب “جون بايدن” والاتحاد الأوروبي بضرورة تجديد شرعية الرئيس عباس كشرط للتعامل معه.
ورغم تفاؤل البعض سياسياً وعاطفياً بسلسلة من المعلومات المكرورة عن مفاعيل داخلية وخارجية أخرى تدفع باتجاه نجاح إجراء الانتخابات، إلاّ أن ثمة مشوار صعب ينتظر الفصائل الفلسطينية بعد صدور مراسيم الرئيس الانتخابية، فـ”الحوار الوطني” الذي ذكره رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في رسالته لرئيس السلطة محمود عباس 31 ديسمبر 2020، يحمل ملفات كبيرة تقف دون الوصول إلى يوم الاقتراع، الذي لم يحدث منذ انتخابات التشريعي 25 يناير 2006.

لا أرى أن حركتي حماس وفتح في مأمن من الخلاف الداخلي حول مستوى المصلحة من الذهاب للانتخابات حتى النهاية بهذا المسار الذي يلزم فتح بالتنازل عن كبريائها لصالح حماس، وهي تدرك أن ثمة فيتو “عربي” كبير على دخول الأخيرة إلى المنظمة تحت أي ظرف، وهو ذاته المسار الذي تتباين فيه المصلحة الحمساوية بين الضفة وغزة، رغم أن هذا التباين ليس حاداً أو صاخباً إلاّ أن التوقيت قد يؤثر بشكل أو بآخر

ولعل تشكيل قائمة انتخابية مشتركة تضم حماس وفتح هي العنوان الأبرز الذي سيسيطر على تلك الحوارات، فمن جهة حركة فتح تبدو القائمة المشتركة نفقاً إجبارياً للوصول إلى يوم الاقتراع وبدونها قد لا تمضي في العملية الانتخابية. فالحركة لديها مخاوف حقيقية من أن قوائم فتحاوية منافسة لرئيس السلطة ستقضم من فرص قائمة فتح إذا كانت بدون حماس، فيما قد ترى حماس أن ذلك سيحرجها أمام حلفائها السياسيين من الفصائل الوطنية. وإذا ما أضفنا رغبة أبو مازن بأن يضمن أن يكون مرشح حماس للرئاسة فإن ثمة صفقة كبيرة تعترض الفريقين.

وقد يكون الحديث عن تعديلات في النظام الانتخابي الذي أصدره رئيس السلطة على شكل قرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 والتي تشمل: نسبة الحسم لتصبح 1.5% بدلاً من 2% بالإضافة إلى شطب شرط تعهد المرشح لانتخابات التشريعي والرئاسة بأن “يلتزم بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”، تمثل بداية انطلاق العملية الانتخابية سياسياً وصولاً إلى إصدار المراسيم بحسب المتوقع في الثلث الأخير من يناير 2021.
هناك الكثير مما يمكن قوله عن محددات حقيقية لكل فصيل يرغب في المشاركة في الانتخابات التشريعية ولعل بعض الفصائل لا تزال تستحضر من الماضي اتفاقية اوسلو، وبعضها يرى أن القائمة المشتركة تضعها أمام خيارات صعبة للتحالف، حيث أن بعض الفصائل بالكاد يمكنها تجاوز نسبة الحسم 1.5% منفردة، فهي لم تحصل سوى على مقعد واحد أو ثلاثة في انتخابات 2006، وقد كانت بالنظام المختلف (50% دوائر و50% قوائم)، ناهيك عن أن بعض الفصائل لا ترغب في انكشاف إدارة توازناتها بين حماس وفتح خلال 14 عاماً من الانقسام، بالذات إذا لم تتم العملية الانتخابية حتى النهاية. ناهيك عن أن انتخابات المجلس الوطني دونها تفاصيل أكثر تعقيداً لعدم وجود نظام متفق عليه أو حتى مرجعية وقانون وغير ذلك من التفاصيل التي ناقشها اتفاق المصالحة في القاهرة مايو 2011 والذي لم يتم تنفيذه حتى الآن.

لا يمكن التنبؤ بنتائج ذلك الحوار الوطني فطبيعة ملفاته لا تمثل إجماعاً داخلياً ولا حتى خارجياً، سواء لفتح أو لحماس أو حتى الفصائل الفلسطينية الأخرى

Tweet
ولا أرى أن حركتي حماس وفتح في مأمن من الخلاف الداخلي حول مستوى المصلحة من الذهاب للانتخابات حتى النهاية بهذا المسار الذي يلزم فتح بالتنازل عن كبريائها لصالح حماس، وهي تدرك أن ثمة فيتو “عربي” كبير على دخول الأخيرة إلى المنظمة تحت أي ظرف، وهو ذاته المسار الذي تتباين فيه المصلحة الحمساوية بين الضفة وغزة، رغم أن هذا التباين ليس حاداً أو صاخباً إلاّ أن التوقيت قد يؤثر بشكل أو بآخر. فانتخابات حركة حماس الداخلية -في النصف الأول من 2021- تتزامن مع توقيتات الانتخابات المنتظرة، رغم أنه لا توجد مؤشرات تربط بينهما سلباً أو إيجاباً فعلى كل الأحوال قيادة حماس سواء في الضفة أو غزة أو الخارج تحتفظ برموز مؤثرة لا يتوقع لها أن تغيب عن مكتبها السياسي القادم.
لا يمكن التنبؤ بنتائج ذلك الحوار الوطني فطبيعة ملفاته لا تمثل إجماعاً داخلياً ولا حتى خارجياً، سواء لفتح أو لحماس أو حتى الفصائل الفلسطينية الأخرى. ولكن المهم هو أن “مسار التفاهمات” الذي انطلق في اسطنبول وحط في القاهرة لا يزال يشق طريقه عبر رام الله وغزة بانتظار أن يصل إلى محطته الأهم يوم إعلان نتائج القوائم الفائزة في انتخابات المجلس التشريعي ثم الفائز في انتخابات الرئاسة وصولاً إلى تشكيل المجلس الوطني الجديد.

د. ناجي شكري الظاظا ||
كاتب ومحلل سياسي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار