التفاهم المرحلي ( الروسي – الاميركي ) ..هل بات ضرورة ملحّة للطرفين؟

التفاهم المرحلي ( الروسي – الاميركي ) ..هل بات ضرورة ملحّة للطرفين؟
[ بيان مشترك ونادر للرئيسين بوتين وترامب في ذكرى التقاء القوات الاميركية و السوفيتية على نهر إلبه بألمانيا في ألمانيا في 25 -5 – 1945]
⁦▪️⁩أكد بيان صادر عن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، في الذكرى الـ 75 للواقعة، أنها تثبت كيف أن البلدين يمكنهما العمل معاً.

⁦▪️⁩وجاء في بيان نشره الكرملين والبيت الأبيض، أن ذلك “مثال على كيفية تمكن بلدينا من وضع الخلافات جانباً، وبناء الثقة والتعاون باسم هدف مشترك”.

⁦▪️⁩وأضاف البيان الأمريكي الروسي: “بينما نعمل اليوم لمواجهة أهم التحديات في القرن الحادي والعشرين، فإننا نشيد ببسالة وشجاعة كل الذين قاتلوا معاً من أجل هزيمة الفاشية.. لن يُنسى عملهم البطولي أبداً”.

⁦▪️⁩هذا البيان المشترك فاجأ الجميع ، نظرا لانه شكل سابقة هي الاولى من نوعها ، وكذلك بسبب الظروف الاستثناىية التي تمر ّ بها القوتين العظميين ، ويمرّ بها العالم اجمع …

⁦▪️⁩ ففي الجانب الاميركي الذي يعاني ما يعانيه بفعل فايروس كورونا ، وانعكاساته على الاقتصاد الاميركي ، حيث من المتوقع ان تبلغ كلفة علاج المصابين ما يقارب 654 مليار دولار ، وبلغت نسبة البطالة حدا مرتقعا وصل الى 16% ، وعدد المتقدمين للحصول على معونة حوالي 25 مليونا ، ذلك وغيره مما يعانيه الاقتصاد الاميركي …
⁦▪️⁩ في الجانب الآخر ، فإن الروسي هو الاخر يعاني من جائحة كورونا ، ولو بنسبة اقل بكثير من الولايات المتحدة ، لكنه بالمقابل يعاني اكثر من انهيار اسعار النفط التي تركت آثارها على الاقتصاد الروسي ..
⁦▪️⁩ وسواء كانت هذه الظروف وغيرها هي نتيجة للصراع القائم بينهما أم لا ، فعلى ما يبدو انها ستدفع بهما الى التهدئة والتفاوض ولو مرحليا ، خاصة ان كلتا القوتين لا ترغبان بالدخول بصراع غير محسوب النتائج …
⁦▪️⁩ ومنذ ازمة انهيار اسعار النفط ، لاحظنا كيف ان الطرفين تواصلا بشكل مكثف وفرضا اتفاقهما النفطي على جميع اللاعبين ، وكذلك لاحظنا تبادل المساعدات الطبية الخاصة بمكافحة كورونا ..
⁦▪️⁩القوى الاقليمية في المنطقة وعلى رأسها إيران وتركيا و السعودية ، استشعرت هذا الالتقاء الروسي الاميركي ، وسارعت كل منها لاستباق نتائجه التي يمكن ان تظهر لاحقا ..
⁦▪️⁩ فالجانب السعودي استشعر خطرا يحيط به بعد ان اصبح ضحية لملف النفط ، وبعد ان تم اخراجه من التحكم بالقرار النفطي ، فسارع لاخلاء الساحة في اليمن للجانب الاماراتي مكرها ، ولاحظنا صمته حيال سيطرة المجلس الانتقالي على حساب حكومة هادي التي يتحكم بها ..
⁦▪️⁩والجانب التركي اتخذ موقفا هجوميا كوسيلة لتقوية اوراقه وتوسيع نفوذه لمنع تجاوزه في أي اتفاق بين الروس والاميركان ، ولا حظنا ذلك في ليبيا تحديدا ، كما لاحظنا زيادته لعديد قواته وعتاده في ادلب ..
⁦▪️⁩ والجانب الايراني كذلك كان له تحركات عديدة وملفتة ، وتحمل رسائل في عدة اتجاهات ، في مضيق هرمز ، او من خلال قمره الصناعي العسكري ، او زيارة ظريف لدمشق في ظروف استثاىية ، وغير ذلك ..
⁦▪️⁩ اليوم اذا سلّمنا بان الاميركي والروسي مستعدان للتفاهم المرحلي وليس النهائي ، فهذا يتطلب حلّا لملفات عالقة في المنطقة ، وعلى راسها ملف الحرب على سورية وهذا بطبيعة الحال سينعكس على القوى الاقليمية الثلاث التي تلعب دورا في هذه الملف ..
⁦▪️⁩ان مفتاح الحل في سورية يتطلب خروجا للقوات الغير شرعية الموجودة على الارض السورية ( الاميركية والتركية ) ، سواء كان ذلك ضمن اطار حل سياسي او غيره ، واذا كان خروج الاميركي مطلبا روسيا سوريا ، فإن الاميركي بكل تأكيد سيطالب بخروج الايراني مع خروجه ، وهذا الأمر لن تقبله دمشق إلا إذا كانت طهران ترغب بذلك . وبالنسبة للتركي فإن بقاءه في سورية لا سند له ، حتى الروسي الذي وقع معه اتفاق آستانه سبق ان أعلن في اكثر من مناسبة ان آتفاق آستانة غير مقدس ، وما يستند عليه التركي في وجوده فعليا هو الرغبة الاميركية في بقائه ، ومتى ما تفاهم الروسي والاميركي ، سيفقد الوجود التركي أي دعم يستند عليه …
⁦▪️⁩ امام ذلك يمكن القول أننا امام خيارين :
– الخيار الاول : ان تحدث مواجهة مع الايراني في سورية والمنطقة ، ينتج عنها تفاهم ، بخصوص الانسحاب الاميركي الغير شرعي والتواجد الايراني الشرعي ..
– الخيار الثاني : ان تحدث مواجهة مع التركي ينتج عنها خروجه من سورية …
⁦▪️⁩ والمعروف عن الايراني انه يتمتع ببراغماتية عالية ، ويهّمه ان يكون حليفه بخير ، وان يحفظ نفوذه ، اما التركي فمعروف عنه العناد والحماقة ، وربما لن يسلّم بسهولة خاصة انه سيخرج صفر اليدين ، وهذا ما سيكلفه ربما الكثير ، فمتى ما اتفق الروسي الاميركي فلا قيمة لمواقفه عمليا ، وربما تطيح به عنجهيته …
⁦▪️⁩ يبقى ان نقول : أن الروسي بتفاهمه مع الاميركي يرى في ذلك فرصة لتقطيع مرحلة مهمة وهو يعلم سلفا ان الاميركي قد تأذى كثيرا وربما لن يستطيع الوقوف مجددا ، او على الاقل اصابه من الضعف ما أصابه …وأن الاميركي يرى ان التفاهم سيكون فرصة له لتقطيع مرحلة صعبة يمر بها ، ولا قدرة له على المواجهة فيها ، ويحتاج الى وقت لتعويض ما أصابه ، او على الأقل إيقاف او تخفيف خسائره الكبيرة التي لا زالت تلحق به سياسيا واقتصاديا ، وبعد ان استشعر خطرا داخليا ….
( م. حيان نيوف )

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار