خوف من عودة الحرب الأهلية في لبنان وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء

بيروت:قبل 45 عاماً، اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية، على مدى 16 عاماً و7 أشهر، وأدت إلى سقوط 150 ألف قتيل، و300 ألف جريح ومعوق، 17 ألف مفقود، وتهجير أكثر من مليون نسمة، ونزوح 600 ألف شخص، من 189 بلدة وقرية مسيحية وإسلامية، وقدرت خسائر الحرب المباشرة في القطاعين العام والخاص، نحو 25 مليار دولار.

واليوم في ضوء الحراك الشعبي، وظهور شارع مقابل شارع، هناك تخوف لدى من عاش مرحلة الحرب الأهلية، من عودتها مجدداً، ولاسيما أن الصور والمشاهد والذكريات، لا تزال راسخة في العقول والأذهان.

هم يرفضون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، كونهم عاشوا تلك التجربة المأساوية.

لتسليط الضوء على ذكرياتهم والتجارب التي عايشوها، التقت «اللواء» عددا منهم.

ضاهر

{ رئيس «تيار المقاومة اللبناني» د.جميل ضاهر أكد أنه من البديهي جداً، أن نتخوف من أن تعاد تجربة الحرب الأهلية اللبنانية مرة أخرى، بعد أن استمرت 16 عاماً، يقول: «مع الأسف أن من كانوا على رأس الجماعات والميليشيات العسكرية، هم أنفسهم يتولون إدارة الحكم، في مرحلة السلم الأهلي، ولا يزالون لغاية الآن، إنما الفارق أنه عندما اندلعت الحرب الأهلية، قبل 45 سنة كان هناك من يشحن الأجواء طائفياً ومذهبياً، ويخوف اللبنانيين من بعضهم البعض وكان الوجود الفلسطيني في لبنان، بقرار من الدول العربية، سبباً إضافياً لتكتمل صورة الحرب الأهلية في لبنان، وكانت غالبية هذه الجماعات والميليشيات والأحزاب المتقاتلة، تمارس حروب الآخرين على الساحة اللبنانية، بحيث كانت لكل دولة عربية وأجنبية، الجماعة المحسوبة عليها، توفّر التمويل المادي لها، فكانت للتيارات السياسية والحزبية، أهدافها الخاصة بها، بينما للدول الإقليمية أهدافها الكبرى، بأن تكون صاحبة القرار في لبنان، للضغط على أماكن أخرى في العالم.

أما اليوم فالصورة مختلفة كلياً عمّا حصل قبل 45 عاماً، وإذا كان الهدف إشعال الحرب الأهلية مرة أخرى، فهناك أسباب جديدة، يتلطى خلفها الزعماء السياسيين الطائفيين والمذهبيين، لكي يبقوا مسيطرين على مقدرات الحكم وثرواته، فيضعون المتاريس السياسية، خلف طوائفهم ومذاهبهم ومناطقهم، فيحولون الصراع من مطلب محق، إلى آخر يستهدف إحدى القوى أو الجماعات اللبنانية، من هنا حاولوا تصوير «الحراك الشعبي»، بأنه أداة غربية أو أميركية، في مواجهة «حزب الله» وإيران، وهذا التصنيف غير صحيح، لأن هناك الكثير من الدول الإقليمية، التي تحاول أن تستغل «الحراك الشعبي» لتوظيفه في مكان آخر، يخدم السياسات الخاصة بها.

لذلك، برأيي «أن الساكت عن الحق شيطان أخرس»، لأننا في لبنان نعيش منذ العام 1992، شبه محتلين من قوى الأمر الواقع، الذين سيطروا على مقاليد الحكم، وتحولوا من ميليشيات شوارع إلى ميليشيات «البذلة والكرافات»، ولم تتغير العقلية لديهم، فأكلوا الأخضر واليابس وأكلوا بدربهم ثروات الدولة التي اعتبروها «مغانم حرب»، وهم يتعاطون مع الشعب اللبناني، على أنهم سكان ورعايا وليسوا لبنانيين».

د.جميل ضاهر

حلاق

{ منسق العلاقات الدولية، والمدير التنفيذي للمنتدى العربي والدولي، من أجل العدالة لفلسطين»، نبيل حلاق، يقول: «لا أعتقد بأن أحد من القوى السياسية والحزبية في لبنان، يريد العودة إلى أيام الحرب الأهلية (1975-1990)، أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لأن الكل حينها كانوا في وسط أزمة قاتلة، بين حروب مزقت الوطن وأبنائه إلى أشلاء، ونتج عنها خسائر بشرية وتدمير وتهجير وسقوط آلاف الجرحى والمعوقين والمشردين، فالحروب تعني المأساة والموت والدمار، فلا أحد يريد العودة إلى التقاتل والحروب التي تؤدي إلى فقدان الأحبة، والمزيد من الخسائر المادية، وتبقى الحروب للدفاع عن النفس وتحرير الأرض المحتلة، من قبل العدو الإسرائيلي.

وهنا لا بد من أن نشير إلى أن منظومة الفساد المسيطرة، على واقع البلاد كله، منذ 30 عاماً، لها أبعاد استعمارية ورعاية صهيونية وأميركية، تسعى منذ عقود طويلة إلى زرع بذور التفرقة الطائفية والمذهبية والعنصرية في المجتمع اللبناني، الذي لم يحصن نفسه، للوقوف في وجه هذه المخططات والمشاريع الاستعمارية، التي زرعت الحروب الداخلية في هذا الوطن، وأن الابتعاد عن تطبيق العدالة الإنسانية، والإجحاف بحق المواطنين، وعدم تلبية مطالبهم المحقة والمشروعة، يعني أن الطبقة السياسية والحزبية الفاسدة، ستبقى مهيمنة على مقدرات الحكم، والتسلط على ثرواته المالية».

د. نبيل حلاق

مــكــحــل

{ المشرفة على برنامج شباب لبنان الواحد» رحاب مكحل رأت أن المسؤولية المباشرة قد تكون على من عايش فترة الحرب الأهلية التي دفع لبنان، بسببها سنوات طويلة من الإقتتال والإنقسام والإنهيار الإقتصادي، والشهداء والجرحى والمعوقين، ولم يكتب للأجيال الشابة معرفة ما خلفته تلك الحرب الأهلية، من ويلات ومصائب وكوارث، لتكون درساً لهم، تقول: «لعل المشاهد ما تزال راسخة في ذهن، من عاش تلك الحرب الأهلية المؤلمة، وهي تقلق من يشاهد شيئاً مثيلاً لها في هذه الأيام، كاستبعاد أي مجموعة قد تختلف في تفصيل هنا أو تفصيل هناك، وقطع أواصر المناطق عن بعضها البعض، ولوكانت لفترات قصيرة، وضعف مستوى الحوار بين مكونات المجتمع اللبناني.

لكن هذه المشاهد تخبو آثارها، عندما نشاهد الأيام الأولى للحراك الشعبي، وتلك الساحات والميادين، التي جذبت العديد من فئات الشعب اللبناني، وهي ترفع مطالب وحقوق وترفض الضرائب التي تثقل كاهل الشعب اللبناني وتطالب بمحاكمة الفاسدين وتسلط الضوء على سرقة الأموال العامة، من برّية وبحرّية وكهربائية ومائية ونفطية، وتطالب بقانون عادل للانتخابات النيابية، على أساس لبنان دائرة واحدة، وباعتماد النظام النسبي، وإن فكرة لبنان دائرة واحدة، تنتج وعياً وحدوياً وتغييرياً وفكرياً.

وتعزز وحدة الوطن وشبابه، وتطالب بإستقلالية القضاء الذي يعتمد عليه، في نشر العدل والعدالة وحماية الوطن والمواطنين، وصولاً إلى الإهتمام وتعزيز القطاعات الإنتاجية، التي تؤمن فرص عمل لخريجي الجامعات، الذين يبرعون في ميادين متعددة، وتلمع أسماؤهم في في بلاد الإغتراب، كما نطالب أيضاً بضمان إجتماعي وضمان شيخوخة لكبار السن، يحمي صحة وذاكرة البلد وأبنائه».

رحاب مكحل

عــيـــاش

اللقاء الأخير كان مع الدكتور أحمد عياش، يقول: «ما نراه في المرحلة الحالية، يؤكد أننا أمام سلطة محترفة قانونياً في الاجرام والسرقة والتبعية والسمسرة والنهب المنظم، لكن في المقابل نحن أمام شبان حالمون بالنهضة لا يؤمنون بالسلاح ولا يحبذون التضارب و الكفاح المسلح.

إننا أمام سلطة لا تنهزم، مشبعة بالعدوانية والفجور والمكر والاحتيال، لكن أيضا نحن أمام طلاب يبحثون عن مستقبلهم في شوارع عاصمتهم المسلوبة، أمام طلاب جلّ ما يقدرون عليه الصراخ والهتاف والشتم والغناء والرقص والتظاهر والإحتجاج والدق على «التنك» وتلاوة البيانات الثورية في المصارف وفي المؤسسات الرسمية المعروفة بالسمسرة.

وعليه نقول إن الخشية من حدوث فوضى عارمة، بفعل الوقوع في المحظور، لناحية الإنهيار الاقتصادي والمالي، مما يؤدي إلى إنفجار إجتماعي خطير، سيؤدي حتماً إلى الوقوع مجدداً في حربٍ أهلية جديدة، نراها قادمة لا محالة».
اللواء: 12/12/2019

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار