مُفارقات العلاقات السعوديّة-الفِلسطينيّة.. سجّاد أحمر في مقر الرئيس عبّاس لاستقبال الوفد الرياضيّ السعوديّ المُتّهم بالتّطبيع..هذه قراءةٌ سريعةٌ لما بين السّطور

“رأي اليوم”
“محمود عبّاس يتَزعّم حملة التّطبيع العربيّ مع دولة الاحتلال، تحت الشّعار الأثير، “إنّ زيارة السّجين ليس تَطبيعًا مع السجّان”، كان هو صاحب دعوة الفريق السعوديّ للّعب في رام الله، وحَرِص على استقبال أعضائه في مكتبه في المُقاطعة، وغادَر في اليوم التّالي إلى الرياض على رأسِ وفدٍ كبيرٍ، لجَني ثِمار هذه الخطوة من جانبه سِياسيًّا وربّما دَعمًا ماليًّا لسُلطته”.

حدَثان يعكِسان بشَكلٍ واضحٍ العُلاقات السعوديّة الفِلسطينيّة هذه الأيّام، ومُفارقات هذه العلاقة، سِياسيًّا على وجه الخُصوص:
الأوّل: تظاهرة شارك فيها العشَرات أمام مقر الصليب الأحمر في مدينة غزّة اليوم الأربعاء، طالبت بالإفراج عن عددٍ من المُعتقلين الفِلسطينيين في السّجون السعوديّة على رأسهم السيّد محمد صالح الخضري (81 عامًا) الذي كان سَفيرًا غير مُسمّى لحركة حماس في المملكة، وضابط الاتّصال بين الحُكومة السعوديّة والحَركة، لأكثر من عشرين عامًا.

الثاني: المُباراة التي أُقيمت قبل يومين في مدينة رام الله بين المُنتخب الكرويّ الفِلسطينيّ ونظيره السعوديّ ضمن التّصفيات المُزدوجة بكأس العالم في سابقةٍ تاريخيّةٍ، حيث رفض المسؤولون الريَاضيّون السعوديّون دُخول فريقهم الوطنيّ الأراضي المُحتلّة عام 2015 تَجنُّبًا للاتّهامات بالتّطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولَعِبوا المُباراة وفي التّصفيات نفسها في العاصمة الأردنيّة.
ما زالت مسألة اعتقال السّلطات السعوديّة للسيّد الخضري “سفير” حركة “حماس” في المملكة وزملائه غامضةً، ولكن في ظِل وقوف الحركة في المُعسكر التركيّ والقطريّ، الذي يُمثّل ألَد أعداء السعوديّة في الوقت الراهن، يُمكن الجزم، وليس التكهّن فقط، بأنّ السّبب سِياسيٌّ بالدّرجةِ الأُولى، وفي إطارِ مُمارسة الضّغوط على حركة “حماس”.
ربّما يُجادل البعض بأنّ السلطات السعوديّة أقدمت على هذه الخطوة بسبب انتماء الحركة إلى جماعة “الإخوان المُسلمين” الذين تُصنّفهم على قائمة “الإرهاب”، ولكن ما ينسِف هذه النظريّة هو دعم المملكة لحركة “الإصلاح” اليمنيّة الإخوانيّة التي تُقاتل تحت مِظَلّة التّحالف الذي تقوده في حرب اليمن.
من غير المُستبعد أن تكون زيارة المُنتخب السعوديّ الكرويّ إلى رام الله واللّعب على أرضها، وسط انقسام جماهيري فِلسطيني تُجاه هذه الخطوة، أحد دوافعها “المُناكفة” لحركة “حماس” أوّلًا، والتّمهيد للتّطبيع التدريجيّ غير المُباشر مع الاحتلال الإسرائيليّ، مثلما يقول رموز المُعسكر المُعارض بشِدّة لهذه الزّيارة، ثانيًا.
من المُفارقة أنّ السيّد عبد السلام هنية نجل السيّد إسماعيل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” الذي يشغل منصب نائب رئيس الاتّحاد الفِلسطيني لكرة القدم كان من أبرز المُؤيّدين لهذه الخطوة السعوديّة.
حركة المُقاطعة الفِلسطينيّة BDS ، اعتبرت زيارة المُنتخب الوطنيّ السعوديّ لرام الله أحد أشكال التّطبيع لأنّ أعضاء هذا الفريق والمسؤولين الإداريين عنه، دخلوا إلى فِلسطين المُحتلّة بتصاريحٍ من حُكومة الاحتلال، وزاروا القدس المُحتلّة، وصَلّوا في المسجد الأقصى تحت حِماية الأمن الإسرائيلي، مثلما أفادت تقارير وكالات أنباء عالميّة.
الرئيس محمود عبّاس الذي يتَزعّم حملة التّطبيع العربيّ مع دولة الاحتلال، تحت الشّعار الأثير إلى قلبه ويُردّده دائمًا، “إنّ زيارة السّجين ليس تَطبيعًا مع السجّان”، كان هو صاحب دعوة الفريق السعوديّ للّعب في رام الله، وحَرِص على استقبال أعضائه في مكتبه في المُقاطعة مقر السّلطة، وغادَر في اليوم التّالي إلى الرياض على رأسِ وفدٍ كبيرٍ، ربّما لجَني ثِمار هذه الخطوة من جانبه سِياسيًّا وربّما دَعمًا ماليًّا لسُلطته أيضًا.
لا نعتقد أنّ السّلطات السعوديّة ستُعير مطالب المُتظاهرين في غزّة أيّ اهتمام، وتُفرِج بالتّالي عن مُعتقلي حركة “حماس” في سُجونها، بل ربّما أصبح وضع هؤلاء أكثر صُعوبةً، بعد تَفرّد قطر بتأييد الهُجوم التركيّ على شِمال سورية، وإصدار قيادة “حماس” بَيانًا أعربت فيه عن تفهّمها لأسبابه، خاصّةً “حِرص الرئيس رجب طيّب أردوغان على حِفظ الأمن القوميّ التركيّ وتَحصين حُدوده في وجه الإرهاب”.. والسيّد هنية أعلم.
“رأي اليوم”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار