ملامح صفقة القرن”دولة مؤقتة” في بعض مناطق الضفة الغربية، و”كيان خاص”في قطاع غزة

“الصفقة” الأكثر غرابة التي يتم تنفيذها بلا نصوص واضحة، لا تحتاج الى “شركاء”، اقتربت على وضع النهايات العملية دون أن يتم معرفتها، على الأقل كما تدعي غالبية “القيادات الرسمية” العربية، والرسمية الفلسطينية بشقيها “الشمالي والجنوبي”.
 
صفقة واجهت رفضا شبه عالمي لها، وربما “غير مسبوق”، لكن الإدارة الأمريكية تتعامل مع كل ما يقال وكأنه شكل من اشكال “الهذيان السياسي”، لا أكثر، بلا قيمة أو فعالية أو تأثير، وما يظهر حتى ساعته انها ناجحة بشكل كبير في تحقيق ما تريد منها.
 
لكن الأكثر إثارة، ما تعمد “فريق صناعة الصفقة” – خالصي النقاء الصهيوني بأكثر من رئيس وزراء دولة الكيان نتنياهو – من فتح باب التكهنات لمضمون تلك الصفقة، وتسريب ما يحلو لهم، عبر إعلام أمريكي وعبري، ثم يتم ترجمته عربيا ليعاد وكأنه “حقائق مطلقة”، بل ان بعض منهم ( تحالف محور قطر تركيا الإخوان وبعض إيران)، مكلفين بترويج أكاذيب سياسية قدر المستطاع.
 
ولعل “التسريب” الأكثر أهمية، بل وربما الأقرب لجوهر الصفقة، كي تكون صفقة سياسية يمكن التعامل معها من قبل البعض “الرسمي”، ما نشره الكاتب السياسي اليهودي الأمريكي دانيال بايبس، في صحيفة “واشنطن بوست”، حول العناصر الرئيسية، والتي تصل الى إقامة “دولة مؤقتة” في غالبية الضفة والقدس الشرقية، على أن تبقى “دولة” تحت السيادة الأمنية الإسرائيلية.
 
الأمريكي بايبس أشار الى أنها ستتكون (من منطقتي “أ” و”ب” في الضفة الغربية بكاملها “نسبتها 42%” وأجزاء من المنطقة “ج” لتصل مساحتها الى نحو 90% من الضفة الغربية، على أن تكون عاصمتها داخل حدود بلدية القدس الممتدة أو بالقرب منها، وربما في منطقة تمتد من شعفاط إلى العيساوية وأبو ديس وجبل المكبر، وستشرف هيئة دولية على إدارة مشتركة بين الطرفين تحكم “المنطقة المقدسة” في القدس بما فيها البلدة القديمة).
 
ويشير الى عملية ضم مستوطنات بما يقارب الـ 10 من أراضي الضفة والقدس، وهي التي تشكل جوهر “المشروع التهويدي المسمى يهودا والسامرة”، وهي نسبة تقترب عمليا مما تطلع اليه شارون، وتزيد ضعفا على ما تحدث عنه أولمرت وثلاث اضعاف ما عرضه بيلين نيابة عن رابين 1995، خلال مفاوضات ما بعد الاتفاق الانتقالي، قبل أن يتمكن “تحالف أعداء أوسلو” من اغتياله.
 
بالتأكيد، هي ليست أرقاما نهائيا، قد تزيد قليلا، لكنها قد لا تنقص عنها.
 
مضمون حل “مسالة القدس” المشار اليه، تؤكد عملية الضم والتقاسم، وتستوحي كثيرا من فكرة أولمرت، التي تقريبا وافق عليها الرئيس محمود عباس وفريقه، وتم تقديم ذلك رسميا الى الإدارة الأمريكية خلال زيارة وفد برئاسة صائب عريقات وعضوية محمد مصطفى وماجد فرج مسؤول مخابرات السلطة الى واشنطن، بعد انتخاب ترامب، عرضوا قبولهم لمشروع أولمرت التفاوضي الذي تقدم به أواخر عام 2006 قبل الاعتقال، ومنعت رايس عباس من قبوله.
 
ملامح صفقة القدس تؤكد، ما لليهود يرونه “حق ديني”، شركاء في المكان والإدارة، وهو ما يتوافق مع رؤية فتح (م7)، التي اعترفت بحق اليهود في ساحة البراق كمكان ديني مقدس لهم.
 
تدقيق جاد في عناصر المشروع وفقا للكاتب الأمريكي، نكون امام صفقة ستمثل في حال تقديمها النهائي، كـ “مفاجأة سياسية كبرى”، تقترب كثيرا من “المشروع السياسي للرئيس عباس”، مع بعض “الانكسارات” التي يمكن التعامل معها، وأنها ستكون “البديل الأنسب” في ظل الواقع الأسود، بعد أن يكتشفوا أنها تختلف كثيرا عما نشر عنها، وأن سيناء ليست من الحل.
 
الصفقة تتعامل مع “الواقع” حيث تسمح بـ “دولة مؤقتة” في غالبية الضفة والقدس الشرقية، و”كيان خاص” في قطاع غزة، مع آفاق الوحدة بينهما عبر الممر الامن لاحقا.
 
المفاجأة أصبحت قريبة جدا، والإدارة الأمريكية أنضجتها جيدا مع أطراف عربية، وربما فلسطينية ما، ومع قرب إعلانها الذي أصبح وشيكا جدا، ستجد من يعلن انها تمثل مشروعا عمليا يمكن “البناء عليه”…
 
ولأن موعد اعلان الصفقة لم تعد بعيدة، بل أقرب كثيرا مما يعتقد بعض “قليلي الدسم الوطني – السياسي”، بات ضرورة من كل القوى الفلسطينية ان تعيد صياغة خطابها ولغتها ومواقفها كي لا تصبح عاملا تنفيذيا مساعدا لتكريس “الحل الأمريكي” الجديد، وقد يجد البعض الفلسطيني، في ظل النكبة القائمة، انها ستكون “حلا إنقاذيا” من كارثة أكبر.
 
فالرفض للمشروع الأمريكي بلا بديل حقيقي هو قبول به بطريقة جهولة…ودوما نقول (لا عزاء للأغبياء).
 
الكاتب: حسن عصفور
قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار