تقديرات جيش الاحتلال واستخباراته حول عملية مستوطنة “عوفرا”

عمليتين ثانيتين فشل جيش الاحتلال في اعتقال المهاجمين فيهما قبل التنفيذ، وخلاله، وبعد انسحاب المهاجمين، قبل أن ينتقل الفشل إلى جهاز جهاز المخابرات الإسرائيلية “الشاباك”، بعد انتقال ملف التحقيق وملاحقة المنفذين من المستوى الميداني إلى المستوى الاستخباري.
الفشل الأول عمره يتجاوز الآن حوالي شهرين ونصف، وهو يتعلق بعملية البحث عن المطارد أشرف نعالوة من طولكرم منفذ إطلاق النار في مستوطنة “بركان” الذي أدى لمقتل مستوطنين. هذه المطاردة مستمرة على مدار الساعة، تتخلها اقتحاماتٌ واعتقالاتٌ وتحقيقاتٌ مع أشخاصٍ يشتبه “الشاباك” بأنهم تعاطفوا مع نعالوة، هذا إضافة لنشر حواجز عسكرية مفاجئة وعمليات تمشيط ميدانية في الجبال والقرى تشارك فيها طائرات استطلاع بدون طيار.
يقول جيش الاحتلال انة فشل ثلاث مرات خلال أقل من ثلاثة أشهر في اعتقال مهاجمين أثناء العمليات وبعدها“جيش الاحتلال واستخباراته تتعاطى مع ملف نعالوة تحت تصنيف “قنبلة موقوتة توشك على الانفجار في أي لحظة”، فهذه الجهات تعتقد أن نعالوة لا زال يملك سلاحًا وذخيرة منذ العملية، “ويسابق الزمن للوصول إلى هدف جديد وتنفيذ عملية إضافية قبل أن يصل إليه الشاباك”. لهذا يطبق الاحتلال مع نعالوة استراتيجية “إفقاد الهدف توازنه” باعتقال والدته ووالده واتخاذ قرارٍ بهدم منزله لدفعه إلى التصرف بطريقة عاطفية تقوده لارتكاب خطأ، مثل استخدام الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي، فيتم تحديد مكانه واستهدافها قتلاً أو اعتقالاً.
الفشل الثاني الذي يتقاسمه “الشاباك” مع جيش الاحتلال منذ السابع من شهر تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، هو اعتقال الخلية أو المسلح المنفرذ الذي أطلق النار على حافلة قرب مستوطنة “بيت إيل” متسببًا بإصابة مستوطن. تحليل هذا الهجوم -من وجهة نظر الإسرائيليين- أظهر أن المهاجم عاقد العزم على إيقاع خسائر بشرية على حساب أمنه الشخصي في منطقة يرتفع فيها هامش الخطر على المهاجم، إذ يتموضع قرب المكان حاجزٌ عسكريٌ وبوابة المستوطنة، ومع ذلك أفلح المهاجم أو المهاجمون في إطلاق النار والانسحاب بسلام.
ورغم استعانة “الشاباك” بالوسائل التكنولوجية والكاميرات، إلا أنه لم يتمكن حتى الآن من تفكيك الخلية.وجاءت عملية “عوفرا” لتحمل كل عناصر الفشل الذي يطارد “الشاباك” والجيش في العمليات السابقة، بل إن مفعولها النفسي بالنسبة للمستوطنين ربما يفوق سابقيتها من ناحية المشهد: “سيارة تتوقف قرب محطة حافلات يحيط بها جنودٌ، يطلق أحد ركابها النار فيهرب الجنود والمستوطنون ويسقط جرحى، ثم يعود الجنود للموقع بعد أن اختفت السيارة دون أن يطلقوا أي رصاصة عليها، ثم تحاول دورية أخرى اعتراض المنفذين فتفشل” وفق الرواية الإسرائيلية.
عملية عوفرا تعمل كل عناصر الفشل الذي يُطارد “الشاباك” والفشل مؤخرًا، بل إن مفعولها النفسي للمستوطنين أكبر“
والمفعول النفسي السلبي-بالنسبة لجيش الاحتلال- لا يقتصر على صورته في عيون المستوطنين، بل يرى في العملية أنها قادرة على الإيحاء لشبانٍ آخرين بتنفيذ عمليات مشابهة، بعد فشل الاحتلال بمنع العملية أو اعتراض منفذها.
إذن على طاولة رئيس جهاز “الشاباك” ثلاثة ملفات مفتوحة، يتابعها هو وطاقمه ولجنة التنسيق مع الجيش على مدار الساعة لإحباط أي هجمات جديدة قد يبادر لها المنفذون الذي يعتقدون أن عمرهم الافتراضي بعد إطلاق الطلقة الأولى آخذ بالنفاذ، وهذا ما يعتقده قادة “الشاباك”؛ بناء على تجاربهم السابقة التي يتحدثون عنها في وسائل الإعلام، فكلا الطرفين يسعى أن يسبق كل منهما الآخر إلى المبادرة لإنزال الخسارة بالطرف الثاني
وهنا تقديرات لفلسطينين متخصصين في أوج انشغال الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية الإسرائيلية، بالحملة العسكرية (درع الشمال) التي بدأها الجيش قبل أيام لكشف وتدمير أنفاق “حزب الله” على الحدود الشمالية بين “إسرائيل” ولبنان، وفي ظل انهماك الجيش بمواجهة “مسيرات العودة” عند حدود قطاع غزة، جاءت عملية عوفرا، لتضع “إسرائيل” أمام جبهة ثالثة أكثر تعقيداً، إلى جانب جبهتي الشمال والجنوب المتوترتين.
ويرى محللون أن العملية تحمل رسائل ودلالات أبرزها أن المقاومة لا زالت حيّة في الضفة الغربية رغم محاولات الكثيرين إخمادها، والعملية هي انقضاضٌ على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي تعهد أمام أعضاء
حزب “الليكود” بالهجوم على الضفة وغزة بعد الانتهاء من عملية درع الشمال.
العملية التي وقعت قرب مستوطنة عوفرا شرق رام الله وقعت في مناطق خارج سيطرة السلطة الفلسطينية.
تعتبر العملية رسالةٌ لكل من يُطبّع مع “إسرائيل” ويستقبل قادتها، وتأكيدٌ على أن الشعب الفلسطيني يعي الأدوات المناسبة لمواجهة “صفقة القرن” والتصدي للاستيطان وتهويد القدس.
و أن استخدام أسلوب إطلاق النار في عملية عوفرا، يشير إلى تكتيك جديد يعتبر “البندقية أفضل من القنبلة”، ويسهل العمليات ضد الجيش الإسرائيلي ويحصل على قدر أكبر من التبرير السياسي، حيث اختار الفدائيين مكاناً مزدحماً بالجنود.ما يُقلق “إسرائيل” من مثل هذه العمليات، هو نوعية الأهداف التي تختارها، “فأداؤها يُشير إلى قدرة عسكرية
ما يشير الى عملية إطلاق النار في مستوطنة عوفرا، تؤكد أنه “ما إن تخبو جذوة المقاومة بالضفة الغربية بفعل كثيرين، حتى تعود أقوى مجدداً”.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، أطلق مسلحون مجهولون يستقلون سيارة فلسطينية النار .
قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار