هل “التهدئة” المطلوبة هي المرحلة الثالثة في تطبيق صفقة القرن؟!

نضال الشعب
التلاعب في الاعلان عن موعد طرح الرئيس الأمريكي وأركان حكمه لما يسمى بـ “صفقة القرن” أمر متعمد ومدروس، فالصفقة بنودها واضحة،

وأهدافها معروفة والاصطفاف الداعم لها عناصره مكشوفة و “المسوقون” لها لم تعد الأقنعة والادعاءات قادرة على اخفاء أدوارهم.
عنوان الصفقة، تصفية القضية الفلسطينية، واللاعبون أخذوا مواقعهم، والبنود يجري تطبيقها تباعا، ولا داعي للاعلان عنها، انها تترجم على أرض الواقع.
البند الأول، كان الاعلان الأمريكي عن أن القدس عاصمة لاسرائيل، وللتأكيد على ذلك نقلت واشنطن سفارتها من تل أبيب الى القدس، مسقطة بذلك مسألة القدس من قضايا الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الجوهرية، ولا داعي لطرحها على طاولة المفاوضات ئنائية كانت أم أكثر.

هذا البند الرئيس في صفقة القرن، لم يلق اعتراضا حقيقيا من الجانب العربي، باستثناء “بيانات كلامية” لا قيمة لها، ثم صمتت دول هذا الجانب، صمت مريب، يخفي وراءه الكثير فأدوات أمريكا في المنطقة، أو ما يطلق عليها القوى والدول المعتدلة، تشارك في عملية التسويق والتمرير، ضغطا على الاوضاع الفلسطينية وتهديدا بحصارها، واغراءات رفضها الشعب الفلسطيني بشدة، وتجري حاليا اتصالات للقاء يجمع “المعتدلين” بحضور بعض القيادات الفلسطينية لاقناعها بالموافقة على صفقة تصفية القضية الفلسطينية، وفتح الابواب لعلاقات علنية بين اسرائيل ودول الاعتدال، خاصة تلك التي تنتظر اشهار العلاقات مع تل أبيب، ولن تتردد هذه الدول في استخدام كل الوسائل والأساليب لاقصاء هذه القيادات الفسطينية في حال استمرت في رفضها لصفقة ترامب.

محور الاعتدال العربي، وتلك الدول التي تسير في ركابه ابتزازا أو تهديدا، لن يتمكن من تمرير أية حلول تستهدف القضية الفلسطينية، هو أعجز من أن يفتح أبواب التطبيع مع اسرائيل، ما دام الفلسطينيون، يرفعون “لا” كبيرة في وجه الطاغوت الامريكي وزبانيته، وبالتالي، المرحلة القادمة سوف تشهد حربا ضارية ضد الأوضاع الفلسطينية، وهذا ما تستعد له دول الاعتدال، وما تقوم به من تحركات وتعقده من لقاءات تهيئة واستعدادا للحرب المرتقبة.

أما البند الثاني، فهو اسقاط حق العودة، وتصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا” ومحاصرتها ماليا، ووقف أموال الدعم لها، والتحريض عليها، الى أن وصل الأمر بواشنطن التهديد باعلان قرار رفض حق العودة.

والبند الثالث، هو ما توصلت اليه دول عربية في الحضن الامريكي مع اسرائيل وحركة حماس بشأن انجاز تهدئة مؤقتة، قد تمتد الى هدنة دائمة، وهذا تكريس للانفصال بين قطاع غزة والضفة الغربية، واغلاقا لباب المصالحة في الساحة الفلسطينية، والتوصل الى تهدئة بين حماس واسرائيل، قد يَصْب في صالح صفقة القرن التي يجري تطبيقها بأيدي عربية، تعمل في محاولة جر حركة حماس الى هذا المنزلق الخطير، بهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني.

والملاحظ، أن دولا عربية تبذل كل جهودها لانجاح التهدئة بين حماس واسرائيل، رغم ادراكها خطورة ذلك على القضية والحقوق الفلسطينية، في حين أنها لم تبذل مثل هذه الجهود عند تناولها ملف المصالحة في الساحة الفلسطينية، والمثير للاستغراب أن هناك تلاق كامل بين دول بعينها حول مسألة التهدئة والدفع باتجاه انجازها، مع أنها متباينة في المواقف ازاء ملفات عديدة في المنطقة، والعلاقات الدبلوماسية بينها مقطوعة، وكل منها في محور متصارع مع الآخر.. انه التلاقي على تصفية القضية الفلسطينية وفتح أبواب التطبيع وتحطيم المشروع الوطني الفلسطيني.

وبالنسبة لحركة حماس، فان قبولها بانجاز اتفاق تهدئة مع “اسرائيل” لعوامل انسانية، وتحقيق مطالب معيشية لا أكثر، يمنح اسرائيل فرصة كبيرة، لضرب الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتكثيف تهويد القدس وتقطيع أوصال الضفة الغربية، فان حماس بموافقتها على مشروع التهدئة الحالي وشروطه، والتي قد تتحول الى هدنة دائمة،قد تجد نفسها غير معنية بالمصالحة، بمعنى أن الانقسام سيتجذر ويتعمق أكثر، وهذا ما تسعى اليه اسرائيل وأمريكا ودول الاعتدال التي تتحدث نفاقا وكذبا عن ضرورة انجاز المصالحة، فلو كانت حقيقة معنية بذلك، لانجزت المصالحة قبل التهدئة.

والواضح، بما لا يقبل مجالا للشك أن صفقة القرن وان لم يعلن عنها امريكيا بعد، يجري تطبيقها على الارض، ودول عربية مشاركة،وقوى وقيادات فلسطينية سواء في سلطة رام الله أو في غزة اذا انجرفت خلفها، لتحمل معها غطاء فلسطينيا للنيل من الحقوق الفلسطينية.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار