“هآرتس”: الإدارة الأميركية ماضية في “صفقة ترامب الإقليمية” بمعزل عن الفلسطينيين!

تل أبيب: أشار تقرير أعدته صحيفة “هآرتس” العبرية، مساء يوم الأحد، إلى أن المسؤولين في البيت الأبيض لا زالوا يصرون على أن خطة السلام التي أعدتها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي باتت تعرف إعلاميًا بـ”الصفقة الإقليمية الكبرى”، ما زالت قائمة وصالحة، على الرغم من مقاطعة الفلسطينيين للإدارة الأميركية، ورفضهم وساطتها في أي مفاوضات مستقبلية، في أعقاب إعلان ترامب اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبدء إجراءات نقل سفارة بلاده إلى المدينة المحتلة.


وأظهر التقرير، الرهان الأميركي على أن الغضب الفلسطيني من خطاب ترامب سيتلاشى وينسى مع الوقت وسوف تستأنف المفاوضات بنجاح، وذلك بناء على جلسات مكثفة، عقدها صهر الرئيس الأميركي وكبير مستشاريه، غاريد كوشنير، والمبعوث الأميركي لعملية التسوية في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، مع دبلوماسيين وكبار المحللين السياسيين وإعلاميين مختصين بالقضية الفلسطينية، قبيل خطاب ترامب في السادس من كانون الأول/ ديسمبر 2017.
ونقلت الصحيفة عن أحد الأشخاص الذين تلقوا مكالمة هاتفية من البيت الأبيض، قبل يوم واحد من خطاب ترامب، (طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع)، قوله: “كان باستطاعتهم أن يشرحوا بالضبط كيف سيتسير الأمور، كان لديهم بالفعل رسم بياني، وأوضحوا أنه على المدى القصير، سيخلق الخطاب صعوبات، ولكن على المدى الطويل سيسهل عليهم بالفعل تجديد المفاوضات”.
وقال آخر، تلقى كذلك مكالمة استشارية من البيت الأبيض قبيل الخطاب: “هم لم يقولوا ذلك بصراحة، ولكن يمكن قراءة ما بين السطور، هم اعتقدوا أن الاعتراف الأميركي سيدفع الإسرائيليين إلى تنازلات مستقبلية، اعتقد أنهم آمنوا حقًا أن خطاب ترامب سيكون دافعًا إيجابيًا لعملية السلام”.
ويصر البيت الأبيض، بحسب “هآرتس”، على أن المقاطعة الفلسطينية والتشكيك المتزايد في الدوائر الدبلوماسية حول العالم بشأن فرص نجاح مبادرة السلام الأميركية، لا تؤثر على عمل “فريق السلام” برئاسة كوشنر وغرينبلات.
وأكد التقرير أنه خلال الأسبوع الماضي، كرّس كوشنر جلستين منفصلتين على مدى ليلتين كاملتين، لإجراء محادثات مطولة مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حول “الصفقة الكبرى”، وقبل أسبوع من ذلك، عقد كوشنر وغرينبلات مؤتمرًا دوليًا في البيت الأبيض حول قطاع غزة، حضره ممثلون عن إسرائيل و 19 دولة أخرى، بما في ذلك العديد من الدول العربية. وتمت دعوة الفلسطينيين، لكنهم رفضوا المشاركة.
وأوضح مسؤولون في البيت الأبيض للصحيفة العبرية، أن الإدارة الأميركية، لا تملك بعد جدولا زمنيًا واضحًا للإعلان عن “صفقتها”، رغم التصريحات من مصادر مختلفة قريبة على دوائر صنع القرار الأميركي، التي تدل على أن الإدارة الأميركية اقتربت من وضع الصياغة النهائية للخطة.
وأشاروا إلى أنه من بين الإعتبارات التي ستؤثر على موعد إعلان تفاصيل “الصفقة الأميركية”، الوضع السياسي في إسرائيل، والوضع الأمني في غزة والضفة الغربية، وردود الفعل في العالم العربي على القرار الواضح لترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران. ما زالت الإدارة تأمل في إقناع الفلسطينيين بالعودة إلى طاولت المفاوضات، لكنهم لا يستبعدون إمكانية الإعلان عن الخطة حتى من دون تدخل فلسطيني مباشر.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على حيثيات الخطة والمحادثات التي تدور حولها قوله: “يتعين على الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) تقديم تنازلات صعبة، هو اتفاق على السلطات الإسرائيلية والفلسطينية ألا تحب كل شيء جاء فيه، لكن عليها الاعتراف أنه هو المخطط المنطقي”. وقال مسؤول آخر في الإدارة، منخرط في خطة السلام،: “إذا لم نكن جديين بشأن تطوير خطة ينظر إليها على أنها واقعية في كلا الجانبين، فإننا لن نستثمر كل الوقت والجهد الذي استثمرناه حتى اللحظة، إذا كانت فرص نجاحه ضئيلة”.
فيما نقلت الصحيفة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين، الذين هم على اتصال دائم بالفريق الأمريكي، أن هناك نقطتين رئيسيتين تجعل من الصعب على الفلسطينيين قبول الخطة التي وضعتها الإدارة الأميركية: الأولى هي ما يبدو أنه افتقار أساسي للثقة مع الجانب الأميركي في إمكانية إخلاء المستوطنات في المستقبل القريب، والميل إلى الاكتفاء بصياغة خطة في المقام الأول بعدم توسيع البناء الاستيطاني. وقد عبّر السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، عن هذا النهج في محادثة مع زعماء يهود أميركيين خلال الشهر الماضي؛
النقطة الثانية هي السيطرة الأمنية في الضفة الغربية. حيث يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن الأميركيين تبنوا بشكل كامل مزاعم نتنياهو بأنه لا توجد وسيلة للحفاظ على المصالح الأمنية الإسرائيلية على المدى الطويل دون السيطرة العسكرية الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية بأكملها غربي نهر الأردن (الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس، بالإضافة إلى قطاع غزة المحاصر). ما استبعد المحللون الإسرائيليون أن ترتضيه القيادة الفلسطينية، فإن مثل هذه الإجراءات تعني استمرار الاحتلال.
ورغم أنه لا يوجد تأكيد رسمي من الجانب الأميركي بأن هذه النقاط سيتم تضمينها في “الصفقة الكبرى”، فإن البيت الأبيض، نفى خلال الأشهر القليلة الماضية، سلسلة من التقارير حول مكونات الخطة الأميركية. ومع ذلك، إذا أعلنت الإدارة عن خطة لا تشمل إخلاء المستوطنات، وفي الوقت نفسه استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في جميع أنحاء الضفة الغربية، فإن الفلسطينيين سيعرّفونه على أنه استمرار للوضع القائم ورفضه على الأرجح، بحسب الصحيفة.
ويقول مسؤولون إسرائيليون كبار، أجروا مباحثات مع الفريق الأميركي، إن الخطة قد تشمل أيضا بنودًا لن يرغب نتنياهو في قبولها، مثل إعلان أبو ديس عاصمة للفلسطينيين، أو مخطط محدد لتجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية. في الماضي، أنكرت الإدارة الأميركية تقارير عن إعلان أبو ديس كعاصمة فلسطينية. لكن مسؤولين إسرائيليين كبارًا قالوا للصحيفة إن الفكرة موضع نقاش بالفعل.
وأكدت “هآرتس”، أن الإستراتيجية التي سيتبعها نتنياهو في حال تضمنت “الصفقة” بنودًا لا يرتضيها، بأن يؤجل الإعلان عن قبولها أو رفضها، وأن يأخر أو يؤجل الاستجابة لها، مراهنًا بذلك على الموقف الفلسطيني الرافض، بحسب قناعاته، لـ”الصفقة” برمتها.
وأشار التقرير إلى ارتياح الإدارة الأميركية لتصريحات ملك الأردن، عبدالله الثاني ابن الحسين، بأنه رغم عدم ارتياحه وانتقاده لإعلان ترامب حول القدس، إلا أنه يعتقد أنه لا يوجد بديل عن الوساطة الأميركية في عملية السلام. ويقول مسؤولون كبار في إسرائيل والسلطة الفلسطينية إن الاعتراف بالقدس أضر باستعداد الدول العربية، لتولي زمام المبادرة ودفع خطة السلام قدما. لكن البيت الأبيض يرفض هذه الادعاءات ويقول إن اتصالات ترامب بالقادة العرب، وعلى رأسهم السعوديين، تشكل رصيدا لفريق السلام في الإدارة الأميركية.
وقال مسؤول في البيت الأبيض “الرئيس لديه علاقات ممتازة مع لاعبين رئيسيين في العالم العربي، لم تعجب إدارة أوباما القادة العرب، لكن الوضع مختلف مع ترامب، ونحن نعلم أن دعمهم، ماديًا ومعنويًا، أمر حيوي لنجاح أي اتفاقية مستقبلية”، وأضاف “دول خليجية لديها حافز كبير للتقدم نحو إسرائيل خاصة بسبب إيران، لكن هذا لا يعني أن بإمكانها فرض خطة سلام على الفلسطينيين”.
وأوضح مسؤولون بالبيت الأبيض أن الإدارة حريصة على صياغة خطة “من السهل تسويقها للفلسطينيين”، إلا أن المؤشرات، والأداء الأميركي المتماهي مع السياسات الإسرائيلية، في مجلس الأمن والأمم المتحدة والمحافل الدبلوماسية الدولية، تشير إلى أن البيت الأبيض، بعيد كل البعد من الاقتراب لتصور حل شامل، يلبي مطامح ورغبات الفلسطينيين.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار