صفقة القرن التحول المفاجئ في الموقف الدولي من المصالحة مقدمة لـ”صفقة القرن”

صفقة القرن التحول المفاجئ في الموقف الدولي من المصالحة مقدمة لـ”صفقة القرن”
قال المُفكر المصري وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حسن نافعة “إن التطورات الدولية والإقليمية ومن ضمنها رفع الفيتو الأمريكي والإسرائيلي عن المصالحة الفلسطينية مقدمة لصفقة القرن التي يراد من ورائها تصفية القضية الفلسطينية”.

ويرى المُفكر السياسي نافعة في حوار مع “فلسطين اليوم” أن الضوء الأخضر الأمريكي والإسرائيلي للمصالحة الفلسطينية يأتي في سياق تطورات الأوضاع الدولية والإقليمية، مشيراً إلى أن “تطابق مصالح كل الأطراف في اللحظة الآنية (إتمام المصالحة)، يختلف عن الاهداف النهائية التي يسعى كل طرف لتحقيقها”.

تطابق مصالح كل الأطراف في اللحظة الآنية من المصالحة يختلف عن الاهداف النهائية التي يسعى كل طرف لتحقيقها

ولم يستبعد نافعة أن تكون إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر للمصالحة لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة، لكي تتفرغ “إسرائيل” لتصفية حساباتها مع أطرافٍ أخرى مثل إيران أو حزب الله اللبناني، وإذا ما حصل هذا السيناريو فستستدير إسرائيل بعدها فوراً نحو قطاع غزة لإخضاعه وتجريده من السلاح، وتملي على الفلسطينيين الصفقة التي تريد.

لا استبعد ان تكون إسرائيل والولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر للمصالحة لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة، لكي تتفرغ “إسرائيل” لتصفية حساباتها مع أطرافٍ أخرى مثل إيران أو حزب الله، وإذا ما حصل ذلك فستستدير إسرائيل فوراً نحو غزة لإخضاعها وتجريدها من السلاح

وأضاف: انا لا اثق بالنوايا الامريكية والإسرائيلية من المصالحة الفلسطينية، ولكني على ثقة أن الشعب الفلسطيني وفصائله ستظل حريصة على مصالح وحقوق الشعب، وانا واثق أنه لن يستطيع أحد ان يفرض على الفلسطينيين تقديم تنازلات فيما يتعلق بالتسوية النهائية.

وأوضح أن بعض الأطراف منها إسرائيل والولايات المتحدة تعتقد أن التحركات الأخيرة في الملف الفلسطيني بداية لإضعاف حركة حماس نظراً لما قدمته من تنازلات في إطار استجابتها لاشتراطات السلطة، وترى أن ذلك مقدمة لإجبارها للتخلي عن سلاحها، غير أن نافعة أشار “أن حماس لن ترضى بتسليم سلاحها بالمطلق”.

وبين أن تسليم سلاح المقاومة في غزة يتوقف على ما تريده السلطة، متسائلاً: هل ستذهب السلطة إلى هذا المدى من الاشتراطات أم لا؟! قائلاً “الكُرة الآن في ملعب حماس والسلطة وعليهما أن يُدافعا معاً عن الحقوق والشرعية الفلسطينية، ومطلوب منهم إدارة موحدة للصراع مع إسرائيل، وتبني استراتيجية موحدة متناغمة لإدارة الصراع”.

بعض الأطراف منها إسرائيل والولايات المتحدة ترى أن التحركات الأخيرة في الملف الفلسطيني بداية لإضعاف حركة حماس نظراً لما قدمته من تنازلات في إطار استجابتها لاشتراطات السلطة

وتابع: تبني استراتيجية موحدة متناغمة لإدارة الصراع بين الفصائل المسلحة والسلطة يصبُ في صالح القضية الفلسطينية، ومن الضروري أن يكون هناك عقل سياسي يدير المقاومة بحكمة كبيرة (..) فالمقاومة لا تعني بالضرورة فقط المقاومة المُسلحة، وهنا يتعين على الفلسطينيين أن يتوافقوا على أساليب المقاومة، وتغليب أسلوب عن أسلوب حسب الحاجة والوقت والظرف.

ويرى نافعة أن الحفاظ على سلاح المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني بحاجة إلى استراتيجية جامعة، تبدأ من إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وتَمُرُ بتشكيل حكومة تتبنى استراتيجية شاملة للمقاومة بعمومية الكلمة التي لا تقتصر على نوع معين، فمن الممكن ان تكون مقاومة شعبية، ومن الممكن ان تكون في بعض الأوقات مُسلحة.

تبني استراتيجية موحدة متناغمة لإدارة الصراع بين الفصائل المسلحة والسلطة يصبُ في صالح القضية الفلسطينية، ومن الضروري أن يكون هناك عقل سياسي يدير المقاومة بحكمة كبيرة

وذكر أن “إسرائيل” والولايات المتحدة لا تكُفان عن سعيهما لنزع سلاح المقاومة، وتفكيك الفصائل الفلسطينية، متسائلاً ولكن هل تقبل السلطة الفلسطينية؟! قائلاً “إذا ما قبلتْ السلطة بذلك وضغطت باتجاه تفكيك الكنز الاستراتيجي للفصائل قبل التزام إسرائيل بتسوية تحافظ على الحد الأدنى للحقوق الفلسطينيين تكون خانت حقوق الشعب الفلسطيني.

ويعتقد نافعة “ان ما يهم السلطة فيما يتعلق بسلاح المقاومة، ان لا يعرقل مفاوضتها مع إسرائيل والمجتمع الدولي من خلال العمليات العسكرية، التي تتخذها إسرائيل ذريعة للهرب من المفاوضات والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني”.

الحفاظ على سلاح المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني بحاجة إلى استراتيجية جامعة، تبدأ من إعادة بناء منظمة التحرير

ويرى أن “على السلطة أن تدرك جيداً ان تجريد المقاومة من سلاحها يجعل الشعب الفلسطيني عاريا تماماً أمام الاحتلال، ومن الممكن -حينها- ان يرضخ للإملاءات والاشتراطات الإسرائيلية، وعلى السلطة ان تدرك أن سلاح المقاومة خط احمر، وحتى لا يكون ذريعة للمجتمع الدولي والولايات المتحدة وإسرائيل لإدارة الظهر للحقوق الفلسطيني من الممكن أن تتعهد السلطة أمام “إسرائيل” المجتمع الدولي أن سلاح المقاومة لن يستخدم ضدها طالما ان هناك التزام بالتسوية النهائية من قبل اسرائيل، وان هذا السلاح من الممكن يتم النقاش في مصيره إذا ما تحققت تسوية وفقاً للاتفاقات السابقة والمعاهدات الدولية فيما يتعلق بالصراع (..) سلاح المقاومة هو سلاح وطني لا ينبغي للسلطة ان تفرط فيه”.

على السلطة أن تدرك جيداً ان تجريد المقاومة من سلاحها يجعل الشعب الفلسطيني عاريا تماماً أمام الاحتلال، ومن الممكن -حينها- ان يرضخ للإملاءات والاشتراطات الإسرائيلية

وقال: لا يجب ان يكون مصير سلاح المقاومة موضوعاً للتفاوض والنقاش عليه، ولكن على قيادة حماس ان تتعهد بعدم استخدام السلاح مع وجود مفاوضات جدية تجريها السلطة مع إسرائيل والمجتمع الدولي، وعلى السلطة ان تدرك حجم مخاطر الضغط باتجاه تسليم سلاح المقاومة قبل التوصل إلى حلٍ سياسيٍ مع إسرائيل أو المجتمع الدولي.

وأوضح أن المطلوب فلسطينياً ان يكون هناك مرونة تكتيكية عالية تجاه الأساليب، ورسم الأهداف المشتركة، خاصة أن حماس تقبل بفكرة دولة على حدود على حدود العام 1967، عاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، الأمر الذي يتوافق مع تطلعات السلطة، مشيراً إلى أنه يمكن من خلال التوافقات المشتركة في الرؤى والمواقف الاتفاق على استراتيجية لإدارة الصراع.

ويرى نافعة انه مطلوب من الفصائل الحفاظ على السلاح وتطويره بقدر استطاعتها، مع ضرورة استخدامه ضمن اتفاق وطني فلسطيني من خلال ميثاق وطني جامع، قائلاً “الاحتفاظ بالسلاح شيء، واستخدامه شيء آخر، إذ أن استخدامه في بعض المراحل والاوقات دون توافق قد يضر بالمصالحة الوطنية، ويعطل بعض مسارات المقاومة الأخرى”.

لا يجب ان يكون مصير سلاح المقاومة موضوعاً للتفاوض والنقاش عليه

وعن استجابة جميع الأطراف الفلسطينية للمصالحة وتدخل الراعي المصري بقوة، قال “كل الأطراف لها مصلحة من انهاء الانقسام، حماس ذهبت لإنهاء القطيعة مع فتح والسلطة بعد أن أدركت في نهاية الامر أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من الانقسام السياسي والجغرافي الحاصل، وإدراك حماس المتزايد ان السلطة لن تتنازل لها، فوجدت نفسها محشورة بين ضغوط إسرائيلية وضغوط إقليمية أخرى”.

وذكر أن السلطة الفلسطينية وامام تجاوب حماس لشروط المصالحة التي وضعها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدفع حماس لإنهاء الانقسام لم يكن أمامها إلا أن تقبل بالمصالحة خاصة مع وجود الراعي المصري، أيضاً لها اعتبارات في انهاء الانقسام تتعلق بموقفها التمثيلي والشرعي امام المجتمع الدولي”.

مطلوب من الفصائل الحفاظ على السلاح وتطويره بقدر استطاعتها، مع ضرورة استخدامه ضمن اتفاق وطني فلسطيني

وعن عودة مصر للمشهد الفلسطيني بقوة من بوابة المصالحة، قال “بعد 4 أعوام مما يسمى ثورة 30 يونيو أو ما يسميه بعض الأطراف (الانقلاب العسكري) واستقرار الأوضاع لصالح النظام المصري لم يعد هناك أي مبرر لاستمرار الخصومة مع حماس”.

وأضاف: هناك إدراك مصري متزايد ان حماس فصيل وطني فلسطيني لديه قضية تهم الشعب المصري وتمس امنه القومي.

واختتم حديثه، قائلاً “كل الظروف والمعطيات تساعد على انطلاق قطار المصالحة” متسائلاً، ولكن على أي أساس تتم؟!

كل الظروف والمعطيات تساعد على انطلاق قطار المصالحة” متسائلاً، ولكن على أي أساس تتم؟!

وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس قال “إنه السلطة لن تسمح لأي كان باستثناء لمصر التدخل في الشؤون الداخلية للفلسطينيين، وإنه لن يكون في غزة أي سلاح وصفه بـ”غير الشرعي” بالإشارة إلى سلاح المقاومة، وإنه لن يسمح أن يكون في القطاع نموذج وتجربة حزب الله في لبنان”.

ولحق تصريح عباس تأكيد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، “أن سلاح المقاومة من حق شعبنا طالما وجد الاحتلال على أرضنا”، مشددًا على أن “سلاح المقاومة سيبقى موجوداً ما دام الاحتلال قائماً في فلسطين”.

ويخشى العديد من المراقبين أن يكون رفع الفيتو الأمريكي والإسرائيلي والأوروبي وترحيب الرباعية العربية في سياق صفقة سياسية يراد من ورائها انهاء الصراع وتطويع المقاومة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار