رحيل المفكر العراقي فالح عبد الجبار … أحد أعمدة مجلة “نضال الشعب” في الثمانينات

0

رحيل المفكر العراقي فالح عبد الجبار … أحد أعمدة مجلة “نضال الشعب” في الثمانينات

إنّه حالة استثنائية لصورة عالم الاجتماع العربي المواكب بجرأة ونزاهة وعمق لتحوّلات المجتمع العربي في انهياره التدريجي نحو الهاوية. هكذا، بدا أن الجلطة التي باغتته أول من أمس، على الهواء مباشرة، جاءت كنتيجة طبيعية للأهوال التي عاشها المفكر العراقي الذي كان له بصمات واضحة في الثقافة التقدمية العربية .

الأخبار: خليل صويلح
يمثّل المفكّر العراقي فالح عبد الجبّار (1946- 2018) حالة استثنائية لصورة عالم الاجتماع العربي المواكب بجرأة ونزاهة وعمق تحوّلات المجتمع العربي في انهياره التدريجي نحو الهاوية. من الشغف بالماركسية وترجمته «رأس المال»، اضطر تحت ضغط مطارق التخلّف العربي أن ينقل مشاغله الأممية إلى تشريح القبيلة والعشيرة وصولاً إلى المذاهب الإسلامية.

وهو بذلك يغلق الدائرة التي افتتحها مواطنه علي الوردي، رائد علم الاجتماع العراقي. كأن كل الحراك اليساري الذي شهده العراق والمنطقة في خمسينيات القرن المنصرم وما تلاه، عاد إلى نقطة الصفر بسطوة الانقلابات العسكرية والاستبداد والحركات الإسلامية.
هكذا وجد هذا المفكر نفسه أمام أسئلة تحتاج إلى تفكيك وحفريات عميقة لحراثة الأرض الأولى مجدّداً، بأدوات معرفية هي حصيلة اشتغالاته الأكاديمية من جهة، وانخراطه بالمشروع اليساري العراقي، من جهةٍ ثانية. بدا أن الجلطة الدماغية التي باغتته أول من أمس، على الهواء مباشرة، أثناء مقابلة تلفزيونية، نتيجة طبيعية للأهوال التي عاشها الرجل. ذلك أنّ العراق الحلم تلاشى إلى كابوس، فكان عليه أن يشرّح أحوال خريطة البلاد الممزّقة، في إعادة نظر شاملة، بدءاً من العلمانية التي يؤمن بها، والحركة الشيوعية العراقية، متهماً اليسار بالانفصام عن الواقع والتعالي عليه، والاندحار خلفاً، من دون أن يفقد الأمل تماماً بديمقراطية قيد النضوج. كما سيتوقّف مليّاً حيال صعود الحركات الجهادية ومآلها وأسبابها في كتابه «دولة الخلافة: التقدم إلى الماضي». وإذا به يعيد سبب صعود هذه الحركات المتطرفة إلى «الدولة العربية الفاشلة» ببرامجها التنموية المحتضرة، وحصار المجتمع المحلي بين صعود الإسلام السياسي وهيمنة التيارات التكفيرية بصورتها العسكرية أو السياسية، ومعرّجاً على عناوين أساسية مثل «اختلال بناء الأمة وتعدد الهويات والنزاع»، و«التاريخ اللاتاريخي ودولة اللادولة»، و«الحياة اليومية في مجتمع الخلافة»، و«المال المقدّس والمال المدنّس»، بالإضافة إلى شهادات ومقابلات ميدانية عن «الولاء والاستتابة وإعادة التثقيف»، ومحنة المجتمع المحلي أمام كل هذه المعضلات. وتالياً، فإن فكرة التطرف «مثال لتسييس وأدلجة الهويات الجزئية المعتمد على خزين تاريخي».

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار